جماهيرٌ غفيرة لم تقتصر على الفتحاويين فقط، حضرت المهرجان الذي أقامته حركة فتح في غزة، إحياءً للذكرى الثالثة عشرة لرحيل الرئيس السابق ياسر عرفات، على أرض السرايا وسط قطاع غزة.
الرئيس محمود عباس وجّه كلمة خلال المهرجان لهذه الجماهير المحتشدة، دون أن يأتي على ذكر العقوبات المفروضة من قبله على قطاع غزة، التي اشتدت وتيرتها منذ ستة أشهر، والتي تستمر في تمددها بعد قرار "التقاعد المبكر" الذي طال موظفين في العقد الثالث من العمر.
لكن هل تشفع هذه الحشود والولاءات الفتحاوية في غزة لأهله؛ وتدفع الرئيس عباس إلى إعادة النظر في العقوبات المفروضة عليهم، أم أنها لن تحرك ساكناً.. بل لربما تزيد الطين بلة بسبب المهرجان الذي أقامه محمد دحلان يوم الخميس الماضي؟.
لا حديث عن العقوبات
الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى ابراهيم، يرى أن حركة فتح حاولت من خلال المهرجان الذي أقامته حركة "فتح" في الذكرى الثالثة عشر لرحيل الرئيس السابق ياسر عرفات، والذي جاء بعد المصالحة الفلسطينية، أن تقول بأن غزة عادت إلى حضن الشرعية، وكأنها لم تكن كذلك.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "حركة فتح تقول إنها (أم الصبي) وأن غزة هي جزء من المشروع الوطني ومن مشروعها أيضاً، وجاءت المصالحة لتترجم أولى رسائلها عبر هذا المهرجان الحاشد بأنها لا تزال موجودة".
واعتبر إبراهيم أن الرسائل التي خرجت من مهرجان حركة فتح "الرسمي"- إن صح التعبير- لم تكن رسائل وحدوية بقدر ما هي رسائل إثبات لدور حركة فتح ومركزيتها، مشيراً إلى أن الرئيس محمود عباس في كلمته خلال المهرجان لم يأتِ على ذكر العقوبات المفروضة على قطاع غزة سواء على صعيد الرواتب أو التحويلات للمرضى أو ملف التقاعد الذي يزداد حجمه يوماً بعد آخر.
واستبعد إبراهيم أن يكون باستطاعة مهرجان حركة فتح وما حشده من جماهير أن يشفع لأهل غزة ولا حتى لجماهير حركة فتح؛ والتي خرج الكثيرون منها فقط ليثبتوا ولاءهم للرئيس عباس وللسلطة الفلسطينية خشية أن تقطع رواتبهم أو أن يتم تحويلهم إلى التقاعد المبكر.
وتابع: "ومع ذلك لا نشكك بالنوايا الصادقة عند الكثيرين لإحياء ذكرى رحيل أبو عمار، لا سيما أن غزة كانت محرومة من تنظيم مهرجانات لحركة فتح بهذا الحجم"، مشدداً على أن حماسة الجماهير التي شاركت في المهرجان لن تغير من قناعات أبو مازن وشروطه التي ابتدأت بتمكين الحكومة وتسليم الوزارات والمعابر.
واستطرد: "منذ ستة أشهر والعقوبات مفروضة على قطاع غزة والرئيس لم يتطرق إليها، بالإضافة أيضاً إلى أن هناك إجراءات عقابية أخرى جرى اتخاذها مثل تقليص عدد الموظفين وإحالتهم للتقاعد ولا أحد يعرف في أي طريقٍ تسير غزة؛ ولا سبب هذه القرارات خاصة وأنها طالت أعمارا صغيرة وصلت إلى 35 عاما".
شهيد الحصار
الكاتب والباحث د. حسن خاطر، مدير مركز القدس الدولي، يرى أن هذه الحشود ليست كلها فتحاوية بل هي شعبية؛ موضحاً مقصده أن "ذكرى استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات مناسبة وطنية للكل الفلسطيني، ورسالة للعالم بأن الشعب "هنا" ويستطيع أن يُعبر عن نفسه ويقود نضالاته".
وقال:" هي رسالة لكل الفصائل الفلسطينية أن تفعل ما بوسعها لرفع الحصار والمعاناة عن الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الراحل عرفات قضى ضحيةً للحصار والعنجهية الإسرائيلية التي حاصرته في مقر اقامته بالمقاطعة في رام الله.
وتابع:" اليوم قطاع غزة بأسره يعاني مما عانى منه الرئيس ياسر عرفات قبل استشهاده، وبالتالي هناك قواسم كثيرة مشتركة بين قطاع غزة وبين الراحل أبو عمار"، عازياً ذلك لخروج أهل غزة للمناداة بـ"لا للحصار" في ذكرى استشهاد "شهيد الحصار" ياسر عرفات.
وأضاف: "على الجميع أن يدرك لا للحصار الفلسطيني- الفلسطيني، لا للحصار العربي الفلسطيني، لا للحصار بكل أشكاله؛ لا سيما أننا نعيش في عالم ما هو إلا عبارة عن قريةٍ صغيرة، وهي الرسالة الرئيسة للمهرجان".
وتوقّع أن تصل رسالة الغزيين للجهات المعنية وأن يتم رفع الحصار عنهم بطريقة أو بأخرى، قائلاً:" ليس من مصلحة أحد أن يمارس الحصار على قطاع غزة، لا سيما بعد أن تسلمت الحكومة لمهامها".
وأشار إلى أن ما تم فعله خلال عشر سنوات لن تتم معالجته خلال عشرة أيام، ولكن هذا لا يعني أن تستمر معاناة الناس والتي تسفر عن ضحايا جدد للحصار يسقطون كل يوم، رغم وجود بعض المنتفعين الذين يحاولون وضع العصي بــ "الدواليب" ومنع حراك المصالحة الذي أكدت الفصائل الفلسطينية على السير به قدماً.