يُصادف اليوم الثلاثاء، الذكرى الخامسة لاستشهاد نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري، إثر استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلية سيارته الخاصة وسط مدينة غزة.
فقبل خمسة أعوام وفي عصر يوم الرابع عشر من شهر نوفمبر، أمست غزة على نبأ استشهاد الجعبري، بعدما هزّ مدينة غزة انفجار قوي، جراء استهداف سيارته قرب مستشفى الخدمة العامة وسط المدينة.
يُعد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض حتى اغتياله ويُطلق عليه "رئيس أركان حركة حماس".
وُلد أحمد سعيد الجعبري عام 1960، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لعائلة انتقلت مطلع القرن العشرين من مدينة الخليل بالضفة الغربية إلى قطاع غزة، وكان أباً لعائلة مكونة من عشرة أبناء وبنتين، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ الإسلامي من الجامعة الإسلامية في غزة.
حياته الجهادية
بدأ الجعبري حياته الجهادية في مقاومة الاحتلال في صفوف حركة "فتح"، حيث اعتُقل عام 1982 بتهمة الانخراط في مجموعات عسكرية تابعة لها، خططت لعملية فدائية.
وخلال وجوده في السجن، أنهى الجعبري علاقته بحركة "فتح"، وانتمى لحماس، بعدما ارتبط بعلاقة واسعة مع قياداتها مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة.
في عام 1995، وعقب خروجه من السجن، أصبح الجعبري مقرباً من القيادة السياسية لحماس فاتجه إلى العمل المؤسسي التنظيمي داخل الحركة، حيث تولى المسؤولية عن "دائرة شؤون الأسرى والمحررين" التابعة لها.
خلال نشاطه السياسي، توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام في فلسطين محمد الضيف، وبمهندس المتفجرات الأول في حماس عدنان الغول، والقيادي العسكري سعد العرابيد، حيث ساهم في تأسيس كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحماس.
مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، نشط الجعبري في قيادة عمليات الانتفاضة ضد الاحتلال وأصبح من الرعيل الأول للقيادات العسكرية لحماس، فكان ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام إلى حين اغتالت (إسرائيل) الشيخ صلاح شحادة يوم 22 يوليو/تموز 2002.
إنجازات
برز دور الجعبري العسكري الكبير خلال العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر 2008 وبداية 2009، فسطع نجمه واعتبرته وسائل إعلام إسرائيلية "مهندس التصدي" لهذا العدوان الذي دام اكثر من عشرين يوما، وأطلقت عليه لقب "الشبح" بسبب عجز قوات الاحتلال الإسرائيلية عن اغتياله أو الإمساك به أثناء العدوان.
ومن موقعه في قمة الهرم العسكري القيادي لكتائب القسام؛ حقق الجعبري إنجازات كبيرة في سنوات توليه مسؤولية "رئيس الأركان"، فقد عمل على تطوير إمكانيات الكتائب وتحويلها خلال فترة وجيزة من نظام المجموعات إلى ما يشبه جيشا نظاميا يقدر عدده بنحو 20 ألف مقاتل منضبط، ويمتلك ترسانة متنوعة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة تمكنه من إدارة معركة كاملة.
أثبت الجعبري قدرات قيادية عالية في إشرافه على العديد من عمليات كتائب القسام العسكرية النوعية، وتحت قيادته أصبحت هذه الكتائب.
ولعب دورًا بارزا في إنجاز صفقة وفاء الأحرار، إلى جانب شخصيات سياسة عملت في العلن وأخرى في الخفاء، ليحدث الصفقة الأبرز والأكبر في تاريخ الفلسطينيين خلال العقد الأخير من الصراع مع الاحتلال.
محاولات اختطاف فاشلة
وتعرض الجعبري خلال حياته إلى عدة محاولات اختطاف من الوحدات الإسرائيلية الخاصة، وكان أولها عام 2008، من أجل الضغط على حماس لإطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط آنذاك.
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد كشفت آنذاك، أن (إسرائيل) نصبت كمينا للجعبري قبل إنجاز صفقة وفاء الأحرار، مشيرةً إلى أن قيادتها الأمنية وعلى رأسها وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي ايهود باراك، ورئيس هيئة الأركان جابي اشكنازي، ورئيس جهاز "الشاباك" يوفال ديسكين، اجتمعت في غرفة العمليات بمقر جهاز "الشاباك" في (تل ابيب)، بانتظار القبض عليه.
وقالت الصحيفة : "بدأت سيارة الجعبري بالاقتراب من الكمين على الشارع الذي اعتاد أن يسلكه دائماً في تحركاته، إلا أنه وفجأة، ولسبب غير معروف، قرر السائق السيارة التي تقل الجعبري، الاستمرار في المسير إلى مكان آخر، فسادت غرفة العمليات حالة من خيبة الأمل.
وأضافت "عندما بدأت السيارة بالابتعاد عن موقع الكمين، صدرت الأوامر للمجموعة بالانسحاب والعودة إلى مواقعها داخل (إسرائيل)، دون أن تنجح محاولتها باختطاف المطلوب رقم 1 كما كان ينتظر كبار قادة (إسرائيل) في تلك الليلة".
حجارة السجيل
وعقب اغتيال الجعبري، اندلعت حرب "حجارة السجيل" التي استمرت 8 أيام، والتي فاجأت الاحتلال الإسرائيلي، بقدرة المقاومة والتطور الذي وصلت إليه. وتمكنت المقاومة الفلسطينية آنذاك من قصف أعمق الأماكن والبلدات في داخل الأراضي المحتلة عام 1948م والتي وصلت صواريخها إلى مدينة القدس المحتلة، ومستوطنات إسرائيلية شمال الضفة الغربية.