"الآن جاء الموعد يا أماه، فلقد رأيت نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد، ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك!"، نصٌّ كتبه الشهيد المُشتبك يحيى السنوار في روايته "الشوك والقرنفل" التي كتبها خلال فترة اعتقاله في سجون الاحتلال "الإسرائيلي".
وجاء في روايته، حديث يوجهها إلى أمه ويقول فيه: "الآن جاء الموعد يا أماه، فلقد رأيت نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد، ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك!".
وتفاعل معلقون مع النص الذي يشبهونه بنهاية السنوار، بعد عملية طوفان الأقصى، التي أطاحت بكتيبة غزة لتابعة لجيش الاحتلال بالكامل، بعد اقتحام مواقعهم، ثم خاتمة استشهاده مشتبكا مع جنود الاحتلال.
ويشار إلى أن "الشوك والقرنفل" هي رواية سيرة ذاتية، تستند حبكتها إلى ذكريات السنوار، ولكن تم استكمال العديد من التفاصيل من خياله، وتحكي الرواية قصة عائلة من مخيم الشاطئ في غزة، على مدار 35 عامًا تقريبًا: من حرب الأيام الستة حتى الانتفاضة الثانية.
وفي نهاية أغسطس الماضي، قال تقرير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية، إن مكتبات روسيا وبيلاروسيا بدأت بيع رواية مترجمة إلى اللغة الروسية التي كتبها قائد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار. وحسب التقرير، تُرجم عنوان الرواية الأصلي "الشوك والقرنفل" إلى "كيف نهزم إسرائيل: أشواك وورود الشرق الأوسط".
ويقدم وصف الكتاب باللغة الروسية السنوار على أنه "تشي غيفارا الفلسطيني"، في إشارة إلى الثائر الأرجنتيني المشهور. ويؤكد الوصف أن السنوار يعد "أحد أبرز القادة العسكريين العرب في القرن الـ21″، إذ إنه هندس عملية "طوفان الأقصى" وقاد جهود الدفاع عن غزة بين عامي 2023 و2024.
ويضيف النص: "رغم تفوق إسرائيل من حيث المقومات العسكرية، فإنها فشلت في الاستيلاء على غزة، وقد ألقى الجيش الإسرائيلي أكثر من 80 ألف طن من القنابل على الشريط الساحلي الصغير، ولكن القطاع صمد بفضل السنوار".
وأفاد موقع "نيوزرو" الروسي، الذي نشر التقرير الأصلي، بأن الطبعة محدودة وهناك 150 نسخة فقط، أصدرتها دار رودينا التابعة لدار ألغوريثم للنشر المعروفة بمؤلفاتها ذات الطابع السياسي. ولفت التقرير إلى أن أحد مؤلفي دار ألغوريثم هو ألكسندر بروخانوف، الذي أصدر كتابا في 2008 بعنوان "حماس: مديح للأبطال". "في هذا الكتاب، يروي "جنرال الأحرار" سيرة حياته التي كرسها للكفاح والنضال من أجل تحرير الفلسطينيين وجميع الشعوب العربية"بواسطة وصف كتاب "كيف نهزم إسرائيل: أشواك وورود الشرق الأوسط".
وسبقت الترجمة الروسية للرواية ترجمة للإيطالية اعتبرت الأولى لكتاب السنوار في دولة غربية أثارت لغطا واسعا، واعتبر مقدمها المؤرخ الإيطالي والأكاديمي البارز المختص بالتاريخ الإسلامي، ماركو دي برانكو أن "السنوار شخصية ملهمة لا تقل تأثيرا عن تشي غيفارا في الوجدان الإنساني المقاوم"، واعتبر أن "تجاهل النتاج الفكري والإبداعي للشهيد السنوار يعد خسارة لكل من يرغب في الاطلاع على تاريخ النضال الفلسطيني".
وواصل المؤرخ الإيطالي تقديمه "للشوك والقرنفل" مؤكدا أهمية رواية السنوار من ناحية الظروف المحيطة بتلقيها في إيطاليا: "ورغم أنني مختصّ بتاريخ القرون الوسطى فإن النص الذي نناقشه اليوم تنبع أهميته من كونه يعد من دون أدنى شك وثيقة تاريخية، تعرضت لنوع من أنواع الحظر الناعم".
وفي سياق تقديم بيكاردو للنص شدد هذا الأخير على خلو الرواية من أي مشاعر للحقد أو الكراهية، بل العكس تماما حيث كانت تكتنف العمل مشاعر المؤمن المطمئن لقضاء الله. ليستطرد مباشرة دي برانكو في أن السنوار كان يواجه في روايته مفهوم "المكتوب" في الثقافة العربية، وأن عاطفة الكاتب الهادئة كما ظهرت في النص، من شأنها أن تثير استغراب القارئ الغربي لكونه لا يشف عن أي مشاعر كره لليهود أو ما يعرف بمعاداة السامية، وهو ما اعتبره المؤرخ الميزة الأبرز في العمل.
وفي 16 أكتوبر 2024، ارتقى الشهيد القائد يحيى السنوار في اشتباكاتٍ ضاربة مع الاحتلال "الإسرائيلي"، ارتقى خلالها مشتبكًا، في مشهد وصفه الإعلام الدولي بـ"الأسطوري".
وأعلن رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية استشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، مشددا على السير على دربه في مقارعة الاحتلال حتى دحره.
وفي نعي السنوار، قال القائد الحية، "لقد عاش القائد الشهيد يحيى السنوار مجاهدا وشق طريقه في حركة حماس منذ كان شابا يافعا منخرطا في أعمالها الجهادية، ثم في سنوات الأسر الـ23 قاهرًا للسجّان الصهيوني وبعد أن خرج من السجن في صفقة وفاء الأحرار واصل عطاءه وتخطيطه وجهاده حتى اكتحلت عيناه في السَّابع من أكتوبر 2023م، يوم الطوفان العظيم الذي زلزل عمق الكيان وكشف هشاشة أمنه المزعوم وما تلاه من ملاحم الصمود الأسطوري لشعبنا وبسالة مقاومتنا المظفرة، إلى أن نال أشرف مقام وأرفع وسام وارتقى إلى جوار ربه شاهدا شهيدا راضيا بما قدم من جهاد وعطاء".
وأضاف "كان الشهيد القائد يحيى السنوار استمرارا لقافلة القادة الشهداء العظام على خُطا الشهيد المؤسس الشيخ المجاهد أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والمقادمة وأبو شنب وجمال منصور وجمال سليم والشهيد القائد إسماعيل هنية ونائبه الشيخ صالح العاروري وقافلة الشهداء من جميع قادة وأبناء شعبنا وأمتنا".