لقد رفع الله (تعالى) مكانة العِلم والعُلماء، فقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، بل إنَّ أول أمرٍ نزل من السماء كان "اقرأ"، وقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنّة". لقد سبق رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كل أساليب التربية والتعليم الحديثة، نذكر منها:
*الترحيب والحفاوة بطلاب العلم: فقد جاء صفوان بن عسّال فقال: "إني جئت أطلب العلم"، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم لتحفه الملائكة بأجنحتها، ويركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من حبهم لما يطلب".
*التشجيع والثناء: فعندما قال: "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل"، جعلت عبد الله بن عمر يقوم الليل طوال عمره ولا ينام إلا قليلاً.
التدرج في التعليم: عندما أرسل معاذ بن جبل لليمن أرشده أن يتدرج في دعوته لهم بأن يدعهم لشهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، فإن أطاعوا فليدعهم إلى فريضة الصلاة، ثم الصدقة...
*التشويق بالأسئلة وعدم التلقين: كان غالباً ما يسأل ويترك الصحابة يفكّرون في الجواب تشويقاً للمعلومة المطلوبة، فسأل مرة عن شجرة لا يسقط ورقها وهي كالمؤمن، فأخذوا يفكرون ويفكرون حتى قال لهم إنها النخلة وهي كالمؤمن كل ما أخذت منه نفعك.
*ضرب الأمثلة: فقال: "ما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما ترجع؟"، وقال: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير"....
*وسائل الإيضاح: كان عادة ما يمسك عوداً ويرسم به خطوطاً توضح الفكرة، وكان ينتهز بعض المواقف المرئية مثل الجدي الميت الذي طلب من الصحابة أن يشتروه أو يأخذوه فقالوا وما نصنع به؟! فقال لهم: للدنيا أهون على الله من هذا عليكم"، وكان يستخدم أسلوب القصص، والترغيب والترهيب ...
*الحوار والإقناع: عندما طلب شاب أن يُرخِّص له في الزنا، لم يزجره ولم يذكر آيات من القرآن بل قال له: أترضاه لأمك؟ أترضاه لابنتك؟أترضاه لأختك؟ أترضاه لعمتك؟ أترضاه لخالتك؟ وكان الشاب في كل مرة يقول: لا والله فديتك نفسي، فقال له رسول الله: "وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم وبناتهم..."
*الرفق مع المخطئين: قال معاوية بن الحكم، بينما أُصلي مع رسول الله، إذ عطس رجل فقلت: "يرحمك الله"، فأخذ الناس يحدقون إليّ بأبصارهم، فقلت: "يا ويل ثكل أُمياه مالكم تنظرون إليّ، فأخذوا يصفقون بأيديهم، فسكت"، وبعد أن انتهى قال لي رسول الله: "إنّ هذه الصلاة إنما هي للتكبير والتسبيح وتلاوة القرآن"، فبأبي هو وأُمي ما رأيت مُعلماً قط قبله ولا بعده أحسن منه".