يزيد جيش الاحتلال الإسرائيلي من الضغط العسكري على مدينة غزة بشكل مروع منذ بداية سبتمبر/ أيلول 2025، ومع ذلك صعَّد وتيرة قصف وتدمير البنايات السكنية والأبراج المرتفعة، مستندًا إلى ادعاءات بأنها "تُستخدم من قبل فصائل المقاومة لأغراض عسكرية.
لكن أطرافًا فلسطينية ومنظمات حقوق إنسان، تصف هذه الادعاءات بأنها "كاذبة بالكامل"، و"مضللة"، ويعتبرون أن هذا التدمير، يأتي فقط في سياق سياسة تهجير قسري قائمة على إجبار السكان على الخروج من منازلهم، وعدم العودة إليها في ظل فقدان البدائل.
التصعيد العسكري بالغارات الجوية المكثفة، جاء بعد إعلان وزير الحرب في حكومة الاحتلال "يسرائيل كاتس" فتح ما أسماه "أبواب الجحيم" قبل بضعة أيام، فيما يدرك سكان مدينة غزة -يزيد تعدادهم عن مليون نسمة- وفق معطيات رسيمة، أن الهدف يتمثل بدفعهم إلى النزوح القسري إلى مناطق يزعم الاحتلال أنها آمنة في جنوبي القطاع.
وعلى مدار 5 أيام دمر جيش الاحتلال عشرات المباني والأبراج السكنية في مناطق متفرقة من المدينة، التي تضم عدة مخيمات وأحياء بات جزءًا واسعًا منها شبه خالٍ من السكان بسبب أوامر الإخلاء وعمليات الإزاحة بالنار التي تستخدمها (إسرائيل)، فيما يتكدس هؤلاء في الجزء الغربي منها.
وألحق تدمير الأبراج السكنية ضررًا بالغًا في نفوس المواطنين، فيما تروي حكاياتهم المعاناة التي ستمتد لسنوات طِوال.
عائلة الشاب مصعب فارس، واحدة من العوائل التي فقدت شقتها السكنية على إثر تدمير الأبراج المرتفعة.
الشاب البالغ عمره (39 عامًا) يعمل مهندسًا، وقد دفع مدخرات عمله لسنوات لشراء شقة في أحد الأبراج مع زوجته وأطفاله الثلاثة. عندما سُمع الإنذار بضرورة الإخلاء قبل القصف، لم يكن لديه وقت كافٍ لينقل كل محتويات البيت، فترك الكثير من المقتنيات الثمينة، الأثاث، والوثائق.
يقول لـ "فلسطين أون لاين": "كل تعبي وسهر الليالي تبخّر قدّامي، بيتي لم يكن مجرد جدران كان حلمي أنا وعائلتي."
بعد القصف، لجأت العائلة إلى خيمة مؤقتة مع عشرات الأسر الأخرى، في منطقة مزدحمة تعاني من نقص المياه والكهرباء.
أما السيدة جميلة أبو ليلة (٤٨ عاما)، فقدت أيضًا شقتها السكنية في سلسلة الموجات التي شنها جيش الاحتلال ونفذ مئات الضربات والغارات الجوية العنيفة.
كانت جميلة وعائلتها يسكنون في برج، جنوبي مدينة غزة، وعندما صدرت تحذيرات جيش الاحتلال بأنه سيستهدف البرج، كان أمامهم قرابة عشرين دقيقة فقط لإخراج ما يمكن إخراجه من أثاث وملابس، والهرب بعيدًا.
تقول لـ"فلسطين أون لاين": "خرجنا بسرعة، كنت فقد أهتم كيف أنقذ أبنائي، لقد دمر الاحتلال حياتنا وكل شيء جميل فيها".
العائلة قالت: إنها لم تجد مأوى مناسبًا في جنوبي القطاع، وأن المناطق التي يدعي الاحتلال أنها آمنة، ليست أكثر من أكذوبة إسرائيلية، فبين الفينة والأخرى تتعرض للقصف ويرتقي الشهداء فيها.
ووفق مراقبين وحقوقيين، فإن القانون الدولي الإنساني، يشترط أن يكون الهدف العسكري واضحًا، عند الاستهداف والقصف، مع ضرورة اتخاذ كل الاحتياطات لتجنّب الإصابات في صفوف المدنيين، والإضرار بالبنية السكنية المدنية.
في السياق، اتهم المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الاحتلال بترويج سرديات مضللة لتبرير جرائمه بينما الحقائق تكشف استهدافه المباشر للمدنيين.
وفي بيان مكتوب، أكد المكتب الإعلامي، أمس، أن "ادعاءات الاحتلال بالقضاء على المقاومة، غطاء زائف لجرائم إبادة وقتل وتدمير وتهجير تشكل جرائم حرب وتستدعي محاكمة دولية."
وحمل "الإعلامي الحكومي" الاحتلال والدول المتواطئة، المسؤولية الكاملة عن جرائمهم بحق المدنيين في غزة منذ 24 شهرًا، مطالبًا المجتمع الدولي بتحرك عاجل لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية.