وصف الكاتب والباحث في العلوم السياسية د. خليل العناني، القصف الإسرائيلي على العاصمة القطرية بمثابة "خيانة كبرى" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تتواجد قواتها العسكرية على أراضي الدولة المضيفة وجميع أراضي دول مجلس التعاون الخليجي.
وربط العناني "الخيانة الأمريكية العظمى" لدولة قطر بحوادث سابقة حدثت مع السعودية والإمارات (إبان الفترة الرئاسية الأولى للرئيس دونالد) ترامب، مشددا على أن ما حدث يشكل تهديدا استراتيجيا وسياسيا وأمنيا وعسكريا.
وقصفت مقاتلات حربية إسرائيلية، الثلاثاء الماضي، مجمع سكني في حي القطيفة بالدوحة مستهدفة القيادة السياسية لحركة حماس التي تستضيفها قطر منذ سنوات ما أسفر عن ارتقاء خمسة شهداء فلسطينيين وسادس من رجال الأمن القطري.
وقال إن: "ما ينطبق على قطر (..) ينطبق على الخليج العربي، الرسالة واضحة: لن يحميكم أحد!". وهذا ما قاده للإضافة: "أمريكا ليست حليفا لأحد، إنها السمسار في المنطقة".
ودلل على كلامه بإنفاق دول مجلس التعاون الخليجي مليارات الدولارات للاستثمار في أمريكا، والإنفاق الهائل على مراكز ومؤسسات بحثية وعلمية وشخصيات قريبة من صنع القرار الأمريكي.
وتساءل في حلقته المصورة على قناته الإلكترونية "علم نافع": "ماذا يستفيد الخليج العربي من هذه العلاقة وجميع هذه الاتفاقيات؟"، ليجب بذاته على سؤاله: "(المجلس الخليجي) أمام محطة فارقة لإعادة التفكير بالعلاقة مع أمريكا، والاستغلال الأمريكي لدولهم وأموالهم".
(إسرائيل) الخطر الأكبر
ومن جانب آخر، خلص الأستاذ المشارك في معهد الدوحة للدراسات العليا إلى أن القصف الإسرائيلي على قطر دليل أن (إسرائيل) هي الخطر الأكبر على المنطقة العربية.
ورغم أن (إسرائيل) تحاول منذ سنوات اختراق الوعي العربي وخاصة الخليجي عبر تصدير "الخطر الإيراني"، لكن الوقائع والدلائل أثبتت أنها "الخطر الحقيقي" على المنطقة والدول العربية.
وقال: (إسرائيل) لا تسعى لاتفاقيات تطبيع وتعاون فقط بل لأبعد من ذلك، إنها تريد "دول مستسلمة" لسياساتها ومشاريعها وأطماعها، ولذلك تهدد حاليا تركيا ومصر بالاعتداء على دولهم ومصالحهم.
وحول التهديد الإسرائيلي المتصاعد في الشرق الأوسط، عزا إلى تفوق الكيان الإسرائيلي عسكريا على جميع الدول، وهذا ما دفعه لتوصية دول مجلس التعاون الخليجي للذهاب نحو استثمار الأموال والعقول داخل البلاد، والاتجاه نحو صناعة عسكرية عربية إلى جانب تعزيز التحالفات الإقليمية مع تركيا أو الصين أو روسيا.
لا معاهدات حماية
وبالنظر في طبيعة العلاقة الخليجية – الأمريكية، ذهب العناني إلى تاريخ التدخل العسكري في الخليج العربي الذي بدأ بعد الثورة الإيرانية عام 1979 التي أطاحت بأهم حلفاء أمريكيا و(إسرائيل) الشاه محمد رضا بهلوي ثم غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان 1988م.
ورأي أن هذان الحدثان أطلقا إشارة إنذار لأمريكا للتدخل من أجل حماية حقول النفط الخليجية وأسواق النفط العالمية وبالتالي "الحفاظ على المصالح السياسية والاقتصادية الأمريكية"، فجاء "مبدأ كارتر" وهو سياسة أعلنها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في خطابه عن حالة الاتحاد في 23 يناير 1980.
وينص "مبدأ كارتر" على أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة العسكرية، عند الضرورة، للدفاع عن مصالحها الوطنية في الخليج العربي، ليتحول الأخير – لأول مرة- بحسب العناني إلى "جزء أصيل من منظومة الأمن القومي الأمريكية".
"كان الإعلان ذاك بمثابة البداية، ولاحقا بدأ التوسع الأمريكي في الخليج وتعزيز الدفاعات مع الدول الخليجية، وصولا لإنشاء قوات التدخل السريع عام 1980" التي عملت لأول مرة لأجل حماية المصالح الأمريكية خلال حرب الخليج الأولى.
وبحسب إفادته فإن تلك القوات كانت النواة الأساسية لتشكيل "القيادة المركزية الأمريكية" التي أنشأت عام 1983م وأصبحت مسؤولة عن جميع العمليات في مجلس التعاون الخليجي، ليتعزز دورها – بعد حرب الخليج الثانية – التي برز خلالها التدخل الأمريكي ثم اتساع التواجد العسكري الأمريكي في تلك الدول.
لكن السؤال الأهم بالنسبة للأكاديمي في الجامعات الأمريكية: "هل توجد معاهدات دفاع مشتركة بين دول الخليج العربي وأمريكا؟" على غرار البند الخامس في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وبعد بحث ودراسة، أجاب بالأدلة أنه "لا توجد معاهدات دفاع مشتركة" بين الخليج العربي وأمريكا سواء فردية أو جماعية، جازما أن القائم حاليا هو اتفاقيات تعاون أمني وعسكري بين الطرفين "دفاع عن المصالح الأمريكية داخل الخليج العربي".
وبتقديرات العناني فإن هناك العديد من القواعد والمواقع العسكرية الأمريكية في الخليج العربي وسورية والأردن يتواجد بداخلها نحو 40.000- 50.000 جندي أمريكي بشكل دائم.