أدان أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي محمد مهران، ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الاجرامية في قطاع غزة، مؤكداً أنها تشكل منظومة متكاملة من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تتطلب تدخلا دوليا عاجلا لوقفها ومحاسبة مرتكبيها.
وعدّ مهران في حديث خاص لـ "فلسطين أون لاين"، إقدام الاحتلال على استهداف الأبراج والمباني السكنية "جريمة حرب صريحة وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية خاصة المادة الثامنة التي تجرم تعمد توجيه هجمات ضد الأعيان المدنية".
وشدد على أن "التدمير المنهجي للمساكن يهدف لجعل القطاع غير صالح للعيش البشري وإجبار السكان على النزوح الدائم".
وأوضح أن استهداف البنية التحتية السكنية يندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية وفقا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 التي تجرم إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا، مشيراً إلى أن هذا السلوك يهدف لمحو الوجود الفلسطيني في غزة نهائيا.
وحول إصرار الاحتلال على تهجير سكان مدينة غزة إلى جنوب القطاع، أكد مهران أن هذه السياسة تشكل انتهاكا صارخا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل القسري للمدنيين، مشيراً إلى أن حشر مئات الآلاف في مساحات ضيقة تفتقر للخدمات الأساسية يعد شكلا من أشكال التعذيب الجماعي المحظور دوليا.
ولفت إلى أن هذه السياسة تهدف لخلق كارثة صحية وإنسانية تؤدي لموت المدنيين بطرق غير مباشرة من خلال انتشار الأمراض وسوء التغذية ونقص المياه والدواء، مبيّناً أن هذا التكتيك معروف في استراتيجيات التطهير العرقي التي تسعى لإفناء الجماعات البشرية دون استخدام القتل المباشر.
تصدي قانوني
وحول سبل التصدي القانوني لهذه الممارسات، أكد مهران ضرورة تفعيل عدة آليات قانونية دولية في المقدمة منها إحالة الوضع في فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية بشكل عاجل وإصدار مذكرات اعتقال فورية ضد قادة الاحتلال بتهم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشار إلى ضرورة اللجوء لمحكمة العدل الدولية لاستصدار أوامر مؤقتة جديدة في دعوى الإبادة الجماعية، تطالب (إسرائيل) بوقف عملياتها العسكرية فورا وإنهاء الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، موضحاً أن هذه الإجراءات ملزمة قانونيا ويجب على المجتمع الدولي ضمان تنفيذها.
ولفت إلى إمكانية تفعيل الولاية القضائية العالمية التي تتيح لأي دولة محاكمة المجرمين الإسرائيليين المتواجدين على أراضيها بتهم ارتكاب جرائم دولية، لافتاً إلى أن هذا الإجراء سيحد من حرية حركة قادة الاحتلال ويضعهم تحت طائلة المساءلة القانونية في أي مكان بالعالم.
وأكد مهران ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد يشمل قطع كافة أشكال التطبيع مع (إسرائيل) وفرض عقوبات اقتصادية شاملة عليها ووقف إمدادها بالنفط والغاز والخدمات اللوجستية بالإضافة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لحماية الشعب الفلسطيني.
وطالب المجتمع الدولي بفرض حظر أسلحة شامل على (إسرائيل) وتجميد أصولها المالية في البنوك الدولية ومنع شركاتها من التعامل في الأسواق العالمية، مؤكداً أن العقوبات الاقتصادية الشاملة هي الوسيلة الوحيدة لإجبار (إسرائيل) على وقف جرائمها.
وشدد على أن الصمت الدولي على هذه الجرائم يجعل المجتمع الدولي شريكا فيها ويقوض مصداقية النظام القانوني الدولي برمته، "فالتاريخ سيحاسب كل من تخاذل في وقف هذه الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل"، وفق تعبيره.

