أثارت محاولة الاحتلال اغتيال وفد حركة حماس المفاوض في الدوحة موجة غضب رسمي وشعبي، بعدما وصفتها قطر بأنها "إرهاب دولة" يستهدف أمنها وسيادتها، مؤكدة احتفاظها بحق الرد على هذا العدوان الذي يمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وفي ظل خطورة هذا التطور الذي يطال العاصمة القطرية لأول مرة، تتجه الأنظار إلى الدوحة لرصد خياراتها المحتملة في الرد على الاعتداء الإسرائيلي، سواء عبر المسار الدبلوماسي والقانوني أو من خلال خطوات أكثر حزمًا. لكن يبقى السؤال: ما طبيعة الرد القطري المنتظر؟.
رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية، جابر الحرمي، أوضح أن قطر لن تمرر الاعتداء دون خطوات عملية، متحدثًا عن ثلاثة مسارات متوازية: المسار القانوني عبر المؤسسات الدولية، المسار الدبلوماسي عبر شبكة التحالفات الخليجية والعربية والدولية، وأخيرًا مسار إعادة التقييم في كيفية التعامل مع إسرائيل التي تحاول توسيع رقعة الصراع.
وشدد الحرمي، في حديثه لقناة الجزيرة القطرية، على ضرورة الانتقال من التنديد إلى إجراءات ملموسة مثل العقوبات أو تقليص التعاملات الاقتصادية مع تل أبيب.
اليوم الأربعاء، من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بطلب من الجزائر – العضو العربي في المجلس – لبحث الهجوم الإسرائيلي على قطر.
وقد حصل الطلب على تأييد باكستان والصومال، إضافة إلى دعم بريطانيا وفرنسا، في حين تتوجّه الأنظار إلى الموقف الأميركي المتوقع أن يشكّل عامل الحسم في مخرجات الجلسة.
الباحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، لقاء مكي، استبعد صدور أي قرار إدانة ضد إسرائيل، معتبرًا أن الولايات المتحدة إما ستستخدم حق النقض (الفيتو) أو ستعرقل تمرير أي نص فعّال، حتى لو لم تلوّح بالفيتو رسميًا.
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يعير اهتمامًا للقانون الدولي أصلًا، وهو ماضٍ في سياساته العدوانية.
وفي الإطار، كشفت صحيفة واشنطن بوست، أن واشنطن قدّمت في وقت سابق تعهدًا لقطر بأن حركة حماس لن تُستهدف على أراضيها ما دامت المفاوضات جارية. لكن الهجوم الأخير كشف هشاشة هذه الضمانات.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي تعليق على الحادثة، ألقى باللوم على نتنياهو، معتبرًا أن القرار بالهجوم كان إسرائيليًا خالصًا. وأكد أن القصف الأحادي على قطر لا يخدم مصالح إسرائيل ولا الولايات المتحدة، معبرًا عن "حزن شديد" إزاء الخطوة التي اتخذها نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
وأعاد الحرمي التأكيد على أن إسرائيل تمادت في عدوانها لأنها لم تواجه عقوبات أو إجراءات رادعة من المجتمع الدولي، بل وجدت الغطاء السياسي والدبلوماسي في مجلس الأمن.
وبرأيه، فإن واشنطن إذا أرادت استعادة ثقة دول المنطقة كقوة ضامنة، فعليها أن تتحرك بخطوات عملية تتجاوز التصريحات التقليدية بالرفض والتنديد.
وأعلنت حركة حماس رسميًا أن إسرائيل فشلت في اغتيال وفدها المفاوض بالدوحة، لكنها أكدت استشهاد ستة أشخاص في الهجوم، بينهم همام الحية نجل القيادي خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لبد، إلى جانب ثلاثة مرافقين وعنصر من قوة الأمن الداخلي القطري "لخويا".
من جهته، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الثلاثاء، أن قطر لن تتهاون إزاء أي مساس بسيادتها وسلامة أراضيها أو تهديد أمنها واستقرار المنطقة، مشدداً على أن الهجوم الإسرائيلي "السافر" الذي استهدف مقر قيادات المكتب السياسي لحركة حماس أثناء انعقاد المفاوضات في الدوحة لا يمكن تفسيره إلا في سياق "إرهاب دولة".
وشدد رئيس الوزراء القطري، في مؤتمر صحافي، على أن "قطر تحتفظ بحق الرد حيال الهجوم الإسرائيلي، وستتعامل بحزم مع أي اختراق متهور أو اعتداء يطال أمنها ويهدد استقرار المنطقة، وسوف تقوم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للرد عليه"، كاشفاً عن تشكيل فريق قانوني سيباشر باتخاذ كافة الإجراءات القانونية للرد على هذا الهجوم الذي وصفه بأنه "تصرف مارق".
وأشار إلى أن "ما شهدته أراضي قطر اليوم، ما هو إلا إرهاب دولة يمارسه شخص مثل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي في سياق هذه السياسات الممنهجة والمحاولات المستمرة لزعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، وبمثابة رسالة واضحة للمنطقة ككل مفادها: بأن هناك لاعباً مارقاً يمارس عربدة سياسية مستمرة في هذه المنطقة وينتهك سيادة الدول فيها".