قائمة الموقع

ما وراء خطَّة ترامب لوقف الحرب في غزَّة؟ محلِّلون يجيبون

2025-09-08T20:53:00+03:00
ما وراء خطَّة ترامب لوقف حرب غزَّة؟ محلِّلون يجيبون

أثارت المقترحات التي نقلها الوسطاء إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة جدلًا واسعًا، بعدما وصفتها الحركة بأنها "أفكار أولية" تهدف بالأساس إلى دفعها نحو الرفض بدلًا من التوصل لاتفاق حقيقي ينهي الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

وقال عضو المكتب السياسي لحماس، باسم نعيم، إن هذه الطروحات تضمنت تسليم جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، وربط انسحاب قوات الاحتلال من غزة بتشكيل حكومة فلسطينية توافق عليها تل أبيب، إضافة إلى تناول مصير قيادة الحركة وكوادرها.

وأشار إلى أن الأفكار الأمريكية تركز على نزع سلاح المقاومة دون التطرق إلى قضايا جوهرية مثل إعادة إعمار القطاع أو رفع الحصار، مشددًا على أن حماس والفصائل "معنيون بوقف الحرب، لا التوقيع على وثيقة استسلام".

خطة ديرمر بوجه ترامب

المحلل السياسي د. إياد القرا يرى أن هذه المقترحات ليست إلا امتدادًا لـ"نظرية ديرمر" التي كشفت عنها صحيفة معاريف، وصاغها رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو. تقوم النظرية على مبدأ: لا تفاوض مباشر مع حماس، بل نقل الملف إلى واشنطن لتتبناه وتقدمه بملصق أمريكي.

ويشرح القرا أن جوهر الخطة الإسرائيلية يقوم على خمس ركائز: نزع سلاح حماس، استعادة الأسرى، تجريد غزة من القدرات العسكرية، الإبقاء على السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وتشكيل حكومة بديلة لا تمثل لا حماس ولا السلطة. وبهذا، فإن أي مقترح أمريكي لاحق سيحمل الرؤية الإسرائيلية، بينما تبقى تل أبيب في موقع "الموافق" لا "المبادر".

ويضيف أن نتنياهو ظل مترددًا بين اتفاق جزئي أو حل شامل، لكن مع طرح ترامب لمقترح "صفقة كاملة"، بدا أن خطة ديرمر انتقلت إلى التطبيق. أما النفي الإسرائيلي الرسمي للاطلاع على تفاصيل المقترح فقد عزز الانطباع بأنها مبادرة أمريكية، بينما هي في الحقيقة أداة إسرائيلية بغطاء واشنطن.

ويرى القرا أن السيناريو الأول، وهو قبول حماس بالشروط، شبه مستحيل. أما السيناريو الثاني، فهو أن توافق إسرائيل وتتحفظ حماس، فيُلقى عليها اللوم وتستعيد تل أبيب شرعيتها الدولية لمواصلة الحرب.

وأشار إلى أن التجارب السابقة، مثل تهرب نتنياهو من مفاوضات مارس الماضي وعدم التجاوب مع المقترح المصري–القطري ومبادرة ويتكوف، تعزز خطورة الانجرار وراء مثل هذه الصيغ دون ضمانات صارمة.

وختم بالقول إن أي مقترح لا يضع وقف الحرب كأولوية أولى سيبقى مجرد غطاء لنتنياهو وترامب لإطالة أمد العدوان على حساب دماء الفلسطينيين.

نسخة إسرائيلية بملصق أمريكي

الكاتب وسام عفيفة من جهته، اعتبر أن التفاصيل المتداولة أشبه بإعادة تغليف صياغات إسرائيلية قديمة بملصق أمريكي جديد. فالعرض تضمن التزامًا بإطلاق جميع الرهائن خلال 48 ساعة مقابل إفراج محدود عن أسرى فلسطينيين، ووقفًا لإطلاق النار يمتد لشهرين بضمانة شخصية من ترامب، مع فتح ملفات حساسة تتعلق بتعريف حماس ونزع سلاحها وتشكيل حكومة جديدة، وربط الانسحاب الإسرائيلي بالنجاح التفاوضي.

وبحسب عفيفة، فإن البنود قد تبدو إنسانية وسياسية، لكنها تحمل في طياتها تهديدًا خفيًا يتخفى وراء شعارات "الإنقاذ".فملف الرهائن تصدّر المشهد باعتباره المدخل الأساسي لأي تقدم، فيما جرى تقديم إطلاق الأسرى الفلسطينيين كتنازل موازٍ لكنه محدود، يذكّر بصفقات تبادل سابقة.أما وقف إطلاق النار، فجاء كهدنة قصيرة الأجل مدتها 60 يومًا، دون أي التزام استراتيجي بإنهاء الحرب. أما ضمانة ترامب، فهي مجرد التزام سياسي شخصي بلا قوة تنفيذية.

أخطر ما في العرض ـ بحسب عفيفة ـ هو الملفات الخمسة المطروحة للتفاوض، إذ تنقل النقاش من وقف الحرب إلى إعادة تعريف حماس سياسيًا وتجريدها من سلاحها، مع إدماجها في حكومة جديدة قد تذيبها داخل سلطة أوسع. أما الانسحاب الإسرائيلي من غزة، فجاء مشروطًا بالنجاح التفاوضي، ما يمنح الاحتلال ورقة القرار حتى اللحظة الأخيرة.

الجانب الإنساني وُضع في خانة "الجزرة المعلّقة"، حيث رُبط تدفق المساعدات بقبول حماس بتنفيذ البنود، الأمر الذي يحوّل المساعدات من حق إنساني إلى أداة ضغط إسرائيلية.

في غزة، يُنظر إلى العرض باعتباره نسخة باهتة من مقترحات إسرائيلية سابقة، لا يقدّم وقفًا صريحًا للحرب ولا انسحابًا واضحًا للقوات الإسرائيلية. بالنسبة للفلسطينيين، فإن أي مبادرة تخلو من هذين الشرطين لن تكون سوى محاولة جديدة لإدارة الأزمة بدل حلها، وجولة إضافية في لعبة العلاقات العامة الأمريكية ـ الإسرائيلية.

ويخلص عفيفة إلى أن العرض المسرب قدّم بملصق أمريكي يحمل اسم ترامب، لكنه في جوهره يحمل بصمات واضحة للمؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية. وبينما يحاول ترامب الظهور بمظهر "صانع الصفقات" القادر على إطلاق نسخة جديدة من "صفقة القرن"، يبقى الميدان، لا الأوراق، هو الحكم الفصل في قبول الفلسطينيين أو رفضهم لأي مبادرة.

اخبار ذات صلة