أثارت الصفقة الكبرى بين مصر وإسرائيل، الموقعة في 7 أغسطس الجاري، والتي تصل قيمتها إلى 35 مليار دولار حتى عام 2040، ضجة سياسية وشعبية في مصر والدول العربية، خاصة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واستيلاء الجيش الإسرائيلي على معبر رفح و"ممر فيلادلفيا" الحدودي مع مصر.
وفق تقارير إعلامية إسرائيلية، تعتبر تل أبيب الصفقة تاريخية، إذ تعزز مكانتها الإقليمية في وقت تواجه فيه تراجعًا عالميًا بسبب الحرب في غزة، في وقت تعترف فيه عدة دول بفلسطين كدولة مستقلة.
وتشير تقارير مثل مجلة "إيبوك" وصحيفة "معاريف" إلى أن الصفقة تمنح إسرائيل نفوذًا استراتيجيًا على كل من مصر والأردن، مما يجعلها قوة إقليمية صاعدة دون الحاجة لأي عمل عسكري.
وأشار تقرير "معاريف" إلى أن إسرائيل تمكنت عبر هذه الصفقة من "هزيمة قوتين عربيتين عظيمتين دون إطلاق رصاصة واحدة"، في إشارة إلى مصر والأردن، موضحًا أن الغاز الإسرائيلي سيكون ضروريًا لمصر التي تواجه عطشًا للطاقة مع عدد سكان يتجاوز 110 ملايين نسمة، حيث يساهم الغاز في تشغيل محطات الكهرباء وتجنب أزمة طاقة محتملة.
كما أضاف التقرير أن مصر، التي كانت تصدر النفط لإسرائيل عبر خط أنابيب سيناء، أصبحت الآن تعتمد على الغاز الإسرائيلي لتغطية جزء من استهلاكها، بما يعزز النفوذ الاستراتيجي لإسرائيل.
في المقابل، شددت الحكومة المصرية، عبر متحدثين رسميين بوزارة الطاقة والبترول وأحد وزراء النفط السابقين، على أن الصفقة تجارية بحتة وليست سياسية، وأنها تحقق لمصر أرباحًا اقتصادية من خلال تعويض النقص في الطاقة، وتوفير إمدادات أقرب جغرافيًا وأقل تكلفة، واستغلال البنية التحتية القائمة.
كما أشار المسؤولون إلى أن الاتفاق يساعد مصر في تحقيق طموحها بأن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة الغاز.
الاتفاقية الجديدة تستند إلى حقل "ليفياثان" الإسرائيلي، وتتيح تصدير نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بدءًا من عام 2026، مع ربط خط أنابيب الغاز الإسرائيلي في نيتسانا بالحدود المصرية لتسهيل التصدير البري.
وتأتي هذه الاتفاقية لتضاف إلى صفقة أخرى وقعت في يناير 2020، تضمنت بيع 60 مليار متر مكعب من الغاز حتى عام 2030، وقد تم تزويد مصر حتى الآن بـ 23.5 مليار متر مكعب.
شهد إنتاج مصر من الغاز انخفاضًا بنسبة 42% خلال خمس سنوات، ما جعلها أكثر اعتمادًا على الغاز الإسرائيلي. وفق شركة "نيوميد إنرجي"، فإن استخدام أنابيب الغاز يوفر على مصر مليارات الدولارات مقارنة بطرق التبريد والنقل البحري.
وتشير تقديرات إلى أن إسرائيل تغطي حاليًا بين 15% و20% من استهلاك مصر من الغاز، كما يزود حقل ليفياثان الأردن بالغاز، الذي يعتمد كليًا على إسرائيل لتأمين الطاقة والمياه.
ويؤكد موقع "ناتسيف نت" الإسرائيلي أن الاقتصاد المصري لا يزال متماسكًا بفضل هذه الصفقة الضخمة، التي تمتد حتى عام 2040، بينما تعكس في الوقت نفسه صعود إسرائيل كقوة إقليمية قادرة على التأثير في ملف الطاقة بالمنطقة دون استخدام القوة العسكرية.