الاحتلال الاسرائيلي ارتكب جرائم حرب مروعة في كافة الأراضي الفلسطينية وفي المقدمة من ذلك ما يفعله من جرائم في غزة، إذ أن ما يفعله في فاق كل تصور، ووصل إلى مستويات غير مسبوقة من الإجرام والوحشية فاجأت كل المراقبين في العالم، حتى أن من شاركوا في لجان لتقصي الحقائق حول جرائم حرب في أكثر من دولة "يشعرون بالصدمة" مما يحدث في غزة سواء على صعيد أعداد الضحايا، أو حجم التدمير، أو نوعية الأسلحة، أو منع نقل الحقائق للعالم، أو مستويات الكذب والفبركة والتضليل.
هذا ليس غريبا عن الاحتلال والذي أصبح بلا منازع يرعى "الإرهاب العالمي" دون منازع، فهو كيان حربي قائم على القتل في المنطقة، ويداه ملطخة بدماء الأبرياء، ولا يمكن أن يتوقف عن إشعال الحروب لأن ذلك يعتبر ركيزة أساسية في سياسته للتوسع والهيمنة والسيطرة والحفاظ على نفوذ متقدم، وهذا أيضا يمكنه من الاستيلاء على الأراضي وسرقة مقدرات الشعوب، وفرض سياسة الإملاء، وبالتالي لا يمكن بحال التطبيع أو التعايش معه بأي صورة، فهو لا يرى في الخارطة إلا كيانه والذي يتوسع مع الوقت كالسرطان.
ولا يؤمن هذا الكيان بثقافة حسن الجوار واحترام حقوق الدول، وينظر للأمة العربية والإسلامية بصورة كاملة على أنهم أعداء ومصادر تهديد، يجب إذلالهم، وإخضاعهم، والسيطرة عليهم، وإملاء الاتفاقات او المعاهدات عليهم، وإجبارهم على تنفيذ سياسات تتناسب مع مصالحه ودوافعه وأهدافه الأمنية، ومن يعترض يدفع الثمن بطرق مختلفة، وفي ذات السياق فإنه يمنع قيام أي وحدة أو نهضة إسلامية أو عربية بشتى الطرق، إذ أنه يغذي الصراعات في المنطقة، ويسعى لاشعال مزيد من القلاقل والفتن والحروب الأهلية، وذلك لضمان استقراره وتفوقه والتخلص من أي تهديدات محتملة قد تمس كيانه.
هذا الكيان المجرم لا يلقي أي بال للدعوات أو التحذيرات أو القرارات الدولية؛ لأن (إسرائيل) كيان مارق يعتبر نفسه فوق القانون، ويمكنه أن يهاجم أي مؤسسة أو منظمة أو هيئة دولية في حال صدر قرار ضده أو بيان أو حتى تصريح، هو لا يريد لأحد أن يحاسبه أو يلومه أو يندد بما يفعله، وفي إطار ذلك نجده كالوحش المسعور يلاحق الجميع بجنون، ولا يتوقف عن قتل كل من يسعى إلى نقل الحقيقة للعالم، وكل من يقدم أي خطوة لفضح ممارساته الإجرامية، لذلك يستهدف: " المصورين، المراسلين، النشطاء، حتى رسامي الكاريكاتير وغيرهم ..الخ"، لأنه يعلم خطورة نقل الحقيقة وتداعياتها على كيانه عاجلا أم اجلا.
لذلك شن هجمات عدوانية ممنهجة على الصحفيين في غزة لإطفاء نور الحقيقة، وإغلاق شاشة غزة وإلى الأبد، وإسدال الستار عن جرائمه في غزة، وقد بلغت فيه الوحشية وفي إطار الانتقام إلى قصف عائلات وذوي الصحفيين، وهذه رسالة واضحة من هذا العدو المجرم، بأن من يوثق ويصور الجرائم والإنتهاكات ويسعى لنقل الحقيقة سيدفع ثمن باهظ هو وعائلته التي تدعمه في هذه الخطوة، أو يمكن أن يُقتل هو وجميع مساعديه وزملائه في العمل، وما هجومه الإجرامي الأخير بحق مراسلي الجزيرة وتصفية الصحفيين "أنس الشريف، ومحمد قريقع"، وعدد من الزملاء ببعيد عن هذه المنهجية، التي تسعى بكل قوة لتصفية كل الصحفيين الفلسطينيين وفي المقدمة منهم صحفي غزة، وكل من يستخدم أي أداة لايصال صورة المعاناة أو يحاول أن يفند أكاذيب الاحتلال للعالم.

