قائمة الموقع

تقارير: (إسرائيل) أمام خيار انتحاريّ... فهل تشعل خطَّة احتلال غزَّة انقلاب الجيش؟

2025-08-05T16:52:00+03:00
"إسرائيليون" يحذرون: (إسرائيل) أمام خيار انتحاري.. فهل تشتعل خطة احتلال غزة التمرّد؟
فلسطين أون لاين

يبدو أن إسرائيل باتت تقترب من واحدة من أخطر لحظات الصدام الداخلي منذ تأسيسها، ليس فقط في مواجهة الخارج، بل داخل مؤسستها السياسية والعسكرية. الخلاف الحادّ بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقيادة الجيش، بشأن خطة "الاحتلال الكامل" لقطاع غزة، لم يعد سرًّا، بل خرج إلى العلن عبر تصريحات غير مسبوقة، تحذّر من "حرب أبدية" و"تفكك داخلي" قد يصيب المؤسسة الأمنية ذاتها.

التصريحات التي صدرت من زعيمي حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، و"الديمقراطيين" يائير غولان، تمثل نقطة تحوّل في المشهد الداخلي الإسرائيلي. فكلاهما وجّه تحذيرًا واضحًا ومباشرًا لرئيس هيئة الأركان، إيال زامير، مطالبين إياه بعدم الاستقالة ومواجهة القيادة السياسية التي تدفع، بحسب وصفهم، نحو خيار كارثي لا رجعة فيه.

زامير نفسه كان قد أعرب في وقت سابق عن معارضته لاحتلال القطاع، محذرًا من أن أي عملية عسكرية شاملة في المناطق التي يُعتقد بوجود مختطفين فيها قد تعني نهايتهم الحتمية. وهو ما يجعل الخطة المطروحة، في نظره ونظر كثيرين داخل الجيش، مقامرة دموية لا تحقق أي أهداف استراتيجية، بل تُغرق إسرائيل أكثر في وحل غزة.

وبحسب الإعلام العبري، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبدو أكثر واقعية من المستوى السياسي، وهي تدرك أن قطاع غزة ليس مجرد مساحة جغرافية يمكن إعادة احتلالها، بل هو ميدان سياسي، وإنساني، وعسكري شديد التعقيد. أي محاولة لاجتياح شامل ستواجه بمقاومة شرسة، وستترتب عليها خسائر جسيمة، وتبعات دولية لا يمكن السيطرة عليها.

في ظل هذا المشهد، تصبح استقالة رئيس الأركان – إن حدثت – تطورًا مفصليًا، ليس فقط في سياق الخلاف مع القيادة السياسية، بل كخطوة علنية تُظهر أن الجيش لم يعد يقبل أن يُستخدم كأداة لتمرير أهداف سياسية ضيقة.

حكومة تعيش على "إطالة أمد الحرب"

وتشير تحليلات، أبرزها ما كتبه ناحوم برنع في صحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أن نتنياهو لا يبحث عن حسم عسكري أو تسوية سياسية، بل عن استمرار الحرب بحد ذاتها، باعتبارها وسيلة للبقاء السياسي، وتفادي المساءلة الداخلية والخارجية.

برنع لم يتردد في وصف قرار الاحتلال الكامل بأنه انتحاري، محذرًا من أن إسرائيل لن تجني منه سوى مزيد من الدماء، ومزيد من العزلة، وربما انهيار الانسجام داخل الجيش، في ظل الإنهاك الشديد بعد قرابة عامين من العمليات المستمرة في غزة.

وكتب برنع في مقاله أن زامير يدرك تمامًا الكلفة الباهظة لأي قرار يتعلق باحتلال غزة، مشيرًا إلى أن هذا الخيار سيؤدي إلى ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين، ومجزرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، فضلًا عن دخول إسرائيل في عزلة دولية غير مسبوقة. وأضاف أن الأخطر من ذلك هو احتمالية تفكك الجيش الإسرائيلي من الداخل، ما يشير إلى أن الأزمة في إسرائيل باتت أزمة وطنية وليست فقط أزمة ثقة بين نتنياهو والقيادة العسكرية.

ورأى برنع أن الجيش لا يزال يأمل في التوصل إلى صفقة تُعيد المحتجزين وتُعيد "الدولة إلى العقلانية"، ويشكك قادة المؤسسة العسكرية في جدية تهديدات نتنياهو، لأنهم لا يرونه مستعدًا للمغامرة بمواجهة تداعيات سياسية وعسكرية بهذا الحجم.

وبحسب برنع، فإن البدائل التي يُحضّرها زامير لا تشمل احتلال غالبية مناطق غزة، بل تتعلق بعمليات محدودة على مشارف المناطق السكنية. وحذر من أن مناطق مثل الشاطئ والرمال والمواصي ودير البلح تضم أكثر من مليوني فلسطيني، ويتواجد بها مختطفون أحياء، ما يجعل أي اجتياح بري لتلك المناطق محفوفًا بثمن دموي باهظ على الجانبين.

وفي سياق آخر، أشار برنع إلى أن الشخص الوحيد الذي لا يزال نتنياهو يعوّل عليه هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لكنه حذر من الانخداع بوعود ترمب، مستذكرًا كيف خذل الأخير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن دعمه في بداية الحرب على أوكرانيا.

وانتقد برنع نهج نتنياهو في إدارة الحرب، قائلًا: "لا أذكر أن إسرائيل خاضت حربًا كان هدفها الاستمرار بالحرب كما يحدث الآن. الحروب في السابق كانت لأهداف واضحة: أمن، ردع، حسم أو سلام، أما اليوم فنحن أمام حرب بلا نهاية يقودها نتنياهو".

وختم مقاله بالتشكيك في مصداقية تعهدات نتنياهو المتكررة بتحقيق أهداف الحرب، بعد مرور 22 شهرًا من قتال دامٍ في غزة، بات خلالها "من الصعب تصديق أي وعد يصدر عن مكتبه".

أما منظمات مثل "كسر الصمت"، والتي تضم جنودًا خدموا في غزة، فوصفت الخطة بأنها حكم بالإعدام على المختطفين، والجنود، والمدنيين الفلسطينيين على حد سواء.

وأوضحت: "المعنى الفوري لذلك هو حكم بالإعدام على المختطفين، إذ يخطط الجيش للعمل في المناطق التي يُحتجزون فيها، وعلى الجنود الذين يُرسلون إلى معركة عبثية، وبالطبع على عدد لا يُحصى من الغزيين الذين سيُقتلون ويُوصَفون بأنهم أضرار جانبية".

وشددت الحركة في بيان نشرته بحسابها على فيسبوك، على أنه "لا يجوز لنا أن نوافق، أو أن نصمت، أو أن نسمح بحدوث ذلك. يجب إيقاف هذا الجنون"، في إشارة إلى توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في غزة.

في السياق، قالت أيليت سيدوف هكوهين، مؤسسة منظمة "أمهات في الجبهة" التي تنادي بالمساواة في التجنيد: "أولادنا يُستنزفون ويموتون بسبب هذه الحرب الملعونة"، وفق هيئة البث.

وأضافت: "أخرج (وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش ابنه من القتال، وابن (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير في تدريب منذ سنة ونصف، ولا أحد من أبناء أولئك الذين يدعون لاحتلال القطاع موجود حاليا في غزة".

ومن المقرر أن يعقد نتنياهو اجتماعا أمنيا، في وقت لاحق الثلاثاء، "يتناول كيفية مواصلة العملية العسكرية، وسيناقش إمكانية توسيعها لتشمل المناطق التي يُخشى وجود مختطفين فيها"، وفق المصدر ذاته.

وفي 29 يوليو/ تموز الماضي، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن نتنياهو عرض على الكابينيت خطة "مصدقا عليها أمريكيا" لاحتلال أجزاء من قطاع غزة.

في سياق متصل، ألغى زامير سفره الذي كان مقررا الاثنين إلى واشنطن، على خلفية انهيار المحادثات مع حماس، والحديث عن عزم نتنياهو احتلال قطاع غزة، وفق هيئة البث.

ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.

لكن نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.

وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

وبدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 211 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

اخبار ذات صلة