في ظل مرور نحو عامين على حرب الإبادة في غزة، تتعمق العزلة الدولية التي تواجهها (إسرائيل)، لتتحول من أزمة سياسية إلى تهديد اقتصادي واسع، يطال مختلف القطاعات، وفي مقدمتها قطاع التكنولوجيا المتقدمة.
ووفق ما نشر موقع "القناة 12" اليوم الثلاثاء، فإنه ورغم أن تقريرًا صدر مؤخرًا عن شركة IVC أشار إلى ارتفاع حجم الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية خلال النصف الأول من 2025 إلى 5.2 مليار دولار، بزيادة نسبتها 10% مقارنة بالعام السابق، إلا أن هذه الأرقام تخفي واقعًا مقلقًا. فقد تراجعت عدد جولات التمويل بنسبة 11%، وهو ما يعكس تركز الأموال في عدد أقل من الشركات، مع صعوبة بالغة في جذب الاستثمارات الجديدة، خاصة في المراحل المبكرة.
المحامي ميكي برنياع، الخبير في القانون التجاري، حذر من اتساع ما وصفه بـ"التهميش المتزايد" لـ(إسرائيل) في الأسواق العالمية، حتى من قبل شركاء تقليديين ويهود من خارج البلاد. وقال إن "أية علاقة تجارية مع الإسرائيليين أصبحت أكثر صعوبة وإرهاقًا من ذي قبل"، مشيرًا إلى أن كثيرين يفضلون تفادي العمل مع (إسرائيل) خشية الضغط الداخلي في شركاتهم أو الرأي العام.
وباتت الشركات الدولية تحجم عن التعاون مع مؤسسات إسرائيلية، كما حدث مع سلسلة "Pret A Manger" البريطانية التي ألغت دخولها للسوق الإسرائيلية. في المقابل، واجهت شركات كبرى مثل ماكدونالدز وستاربكس وأمازون احتجاجات ومقاطعة بسبب علاقتها مع (إسرائيل)، مما أثر سلبًا على عائداتها.
قطاع التكنولوجيا المتقدمة، الذي يعد قاطرة الاقتصاد الإسرائيلي، لم يسلم من الضغوط. فعدد الصفقات يتراجع، والمستثمرون من أوروبا وآسيا باتوا أقل حضورًا، فيما يتجه تركيز الاستثمارات نحو الأمن السيبراني، الذي استحوذ على أكثر من 40% من إجمالي التمويلات في 2024، بحسب معهد رايز.
ورغم هذا التفوق في مجال السايبر، إلا أنه يكشف في الوقت ذاته عن تراجع قطاعات تكنولوجية أخرى، ويؤكد هشاشة البيئة الاقتصادية التي تعتمد بشكل كبير على رأس المال الأجنبي.
الخطر الحقيقي، كما يراه مراقبون، يكمن في الخسائر "غير المرئية"؛ أي تلك الصفقات التي لا تُبرم أصلًا بسبب السمعة الدولية المتدهورة. ويصعب إحصاؤها بدقة، لكنها تُحدث أثرًا تراكميًا مباشرًا على الاقتصاد والمواطن الإسرائيلي، لا سيما مع ارتفاع الأسعار والضغوط الأمنية المتزايدة.
ويحذر برنياع من أن (إسرائيل) أصبحت "جزيرة معزولة في بيئة معادية"، مشيرًا إلى أن فقدان الثقة العالمية لن يُعوّض بسهولة، حتى لو توقفت الحرب فورًا. ويضيف: "الضرر بدأ يحدث بالفعل، لكننا لم نرَ إلا رأس الجبل الجليدي".