جمّدَت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الاثنين، قرار حكومة الاحتلال القاضي بإقالة المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا، والذي صادق عليه الوزراء بالإجماع، وسط أزمة قانونية–سياسية متصاعدة تكشف عمق الخلاف بين المؤسستين القضائية والتنفيذية في إسرائيل.
وقالت المحكمة، وفق ما نقلته صحيفة يسرائيل هيوم، إنه "لن يتم تغيير صلاحيات المستشارة الحالية، ولن يُعيّن بديل عنها قبل البتّ بالالتماسات المقدّمة ضد قرار الإقالة".
قرار الإقالة يأتي بعد أكثر من عامين من التوتر المتصاعد بين الحكومة اليمينية والمستشارة القضائية، التي عارضت بشدة حزمة "الإصلاحات القضائية" المثيرة للجدل، والتي سعت الحكومة لفرضها رغم احتجاجات واسعة النطاق.
ووفق القناة 12 العبرية، فإن وزير القضاء ياريف ليفين يقف خلف القرار، ويجري مشاورات لاختيار مستشار جديد "يطيع الحكومة ويشرّع قراراتها" بحسب ما نقلته القناة.
ليفين نفسه صرّح بأن "المحكمة العليا لا يمكنها فرض مستشارة قضائية على الحكومة"، متهماً ميارا بـ"السعي إلى إفشال عمل الحكومة".
نتنياهو في قلب العاصفة
محللون ومعارضون سياسيون ربطوا توقيت الإقالة مباشرة بمحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قضايا فساد، حيث يُنظر إلى ميارا باعتبارها عقبة قانونية أمام محاولات إنهاء المحاكمة أو تقويضها.
وقالت عضو الكنيست ميراف كوهين، إن الهدف من إقالة ميارا هو "إلغاء محاكمة نتنياهو، وتوفير الغطاء القانوني لتهرب الحريديم من التجنيد، وتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية فاسدة".
أما النائب جلعاد كاريف، فذهب أبعد من ذلك حين اعتبر أن "السبب الوحيد لإقالة ميارا هو رفضها إلغاء محاكمة نتنياهو".
وفي حديثه لقناة الجزيرة، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي د. مهند مصطفى أن ما يجري هو جزء من "مشروع اليمين الإسرائيلي للسيطرة على مفاصل الدولة"، من خلال إقالة كبار المسؤولين وتعيين شخصيات موالية.
ويأتي هذا التحرك ضمن ما يوصف بـ"الانقلاب القضائي"، حيث تعمل الحكومة على تغيير تركيبة السلطة القضائية لصالحها، ما يهدد بفقدان النظام القانوني في إسرائيل لاستقلاليته.
في سياق متصل، دعا وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير إلى "مقاطعة المستشارة بالكامل ووقف التعاون معها"، فيما طالب وزير الاتصالات شلومو كرعي بتعيين مستشار جديد "دون انتظار قرار المحكمة".
تجدر الإشارة إلى أن ميارا هي من قدمت لوائح الاتهام ضد نتنياهو في ثلاث قضايا جنائية عام 2019، شملت الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهي قضايا ما زالت تنظر فيها المحكمة منذ عام 2020.
في حال إدانته، قد يواجه نتنياهو أحكامًا بالسجن، فضلًا عن عزله السياسي، في وقت يواجه فيه أيضًا اتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية على خلفية عدوانه على قطاع غزة.

