قائمة الموقع

جيش الاحتلال يتآكل... انتحار وصدمات نفسيَّة تفتك بالجنود

2025-08-04T16:40:00+03:00
جيش الاحتلال يتآكل... انتحار وصدمات نفسيَّة تفتك بالجنود
فلسطين أون لاين

مع استمرار العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، تزداد المؤشرات على أزمة نفسية ومعنوية عميقة وغير مسبوقة تضرب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وسط تقديرات بأن تأثيرات هذه الحرب لن تتوقف عند حدود الخسائر الميدانية، بل ستترك جرحًا طويل الأمد في البنية النفسية لجيش الاحتلال.

فقد، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن عدد جنود الاحتلال الإسرائيلي المصابين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تجاوز 18 ألفا و500، منهم آلاف يعانون من أضرار نفسية حادة، وسط تقديرات ببلوغ عدد المصابين 100 ألف بحلول عام 2028.

وحسب البيانات التي أفصح عنها جيش الاحتلال، فإن أكثر من 10 آلاف جندي لا يزالون يعالجون من ردود الفعل العقلية واضطراب ما بعد الصدمة، في حين تم الاعتراف فقط بـ3769 جنديا على أنهم يتأقلمون مع اضطراب ما بعد الصدمة. ومن اللافت أكثر في هذه الإحصائيات، فهو أن هناك أكثر من 9 آلاف جندي تقدموا بطلبات رسمية للاعتراف بهم كمصابين نفسيا هذا العام فقط، ولا تزال طلباتهم قيد المعالجة، وفق الصحيفة.

وتظهر تحقيقات أجراها جيش الاحتلال، أخيرا، عن تزايد معدلات انتحار الجنود منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين خلص التحقيق إلى أن معظم حالات انتحار الجنود نجمت عن مشاهد صعبة تعرضوا لها خلال القتال، مما فرض حالة من القلق من توسع الظاهرة.

تفكك داخلي

ورأى الخبير في الشأن العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات أن المؤشرات المتداولة في أوساط المحللين الإسرائيليين، إلى جانب التقارير الصادرة عن جهات عسكرية إسرائيلية، تؤكد أن جيش الاحتلال يعيش حالة من الاضطراب النفسي والمعنوي العميق، لا سيما بعد أكثر من 22 شهرا من الحرب في غزة.

وأوضح عريقات، لصحيفة "فلسطين"، أن تنامي حالات التحريض العلني من قبل الأهالي لأبنائهم بعدم الذهاب إلى أرض المعركة في قطاع غزة، دليل قاطع على أن الجيش يعاني تفككًا داخليًّا حادًّا، ترجمته المعطيات النفسية الصادرة عن جيش الاحتلال.

وبيّن أن الأرقام المتصاعدة لحالة الاضراب النفسي والانتحار تعود إلى غياب التأهيل الميداني المناسب، خاصة أن جنود الاحتياط لم يتلقوا تدريبات حقيقية على القتال في بيئة مدمرة بنسبة تفوق 80%، مثل قطاع غزة، حيث تعتمد المقاومة الفلسطينية تكتيكات التخفي، والكمائن، وتتفادى المواجهات المباشرة، وهو ما يزيد من الضغط النفسي على الجنود.

وأضاف: "ما يعلنه قادة الاحتلال عن قرب تحقيق نصر عسكري حاسم هو خطاب دعائي موجه للاستهلاك السياسي الداخلي، بينما يدرك الجيش أنه لا يقاتل لتحقيق أهداف عسكرية واضحة، بل يُستخدم كورقة في صراع سياسي داخلي يقوده نتنياهو ووزراء متطرفون كسموتريتش وبن غفير لا علاقة لهم بالعقيدة العسكرية أو الاستراتيجية الحربية".

هشاشة اسرائيلية

وحول تأثيرات هذه الأزمة على الجاهزية العسكرية، قال عريقات: "على المدى القصير، قد لا تظهر انسحابات مؤثرة، لكن على المدى البعيد، خلال سنتين أو أكثر، فإن الاستنزاف النفسي والجسدي والعدد الكبير من القتلى والجرحى، سيؤثر بشكل كبير على قدرات الجيش، خصوصًا في سلاح الاحتياط، الذي لم يعتد القتال تحت وطأة عقيدة مثل "هنيبال" التي تفضل قتل الجندي على أسره، في وقت ترفع فيه المقاومة شعار "أسر الجنود"، مما يضاعف الضغط النفسي على الجنود".

وأوضح أن العلاقة الوثيقة بين الجنود والمجتمع الإسرائيلي تسرع من انتقال الأخبار الميدانية الصادمة، وتفضح هشاشة القيادة السياسية التي يراها الجنود غير مؤهلة لقيادتهم ميدانيًّا. وأردف: "كما قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، هذه ليست حربًا ذات نهاية واضحة، بل كارثة استراتيجية على (إسرائيل)، وهذه القناعة بدأت تتسرب إلى الجنود وأهاليهم".

وأكد أن "السلاح الدعائي والنفسي الذي اعتمدت عليه (إسرائيل) لعقود، انقلب اليوم عليها، إذ باتت المقاومة تستخدمه بكفاءة ضد الجنود والضباط الإسرائيليين، من خلال عمليات نوعية تُنقل بالصوت والصورة، وتُحدث أثرًا صادمًا في الوعي الإسرائيلي".

وفي ما يتعلق بأزمة التجنيد، أشار الخبير في الشأن العسكري إلى أن نسبة الالتحاق بالجيش تراجعت من 130% بعد السابع من أكتوبر إلى 60% فقط، في ظل اتساع ظاهرة التمارض والفرار من الخدمة، وهي معطيات أكدتها تقارير منشورة في الصحافة العبرية.

واستدل عريقات بما ذكره الصحفي الإسرائيلي إفي زخاروف في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن "هذه الحرب ستدرس في الكليات العسكرية تحت عنوان: "كيف لا تُحسم الحروب". فالجندي الإسرائيلي الذي يقاتل بلا أهداف، وفي بيئة معقدة، سيكون بالضرورة ضعيف المعنويات، وسيعاني من أزمات طويلة الأمد، وتداعيات ذلك على الجيش ستكون كارثية في السنوات القادمة".

وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية تثبت يومًا بعد يوم فاعليتها الميدانية واستمرارية عملياتها وتطورها النوعي، مؤكدًا أن تنفيذها عمليات لأسر الجنود دليل على قوتها المعنوية وخططها الجريئة، التي كلفت الاحتلال خسائر بشرية ومادية ونفسية جسيمة.

وتابع: "انسحاب الفرقة 98، ووححدتي الكوماندوز، والمظليين من غزة في الأيام الاخيرة تحت ذرائع متعددة، لم يكن سوى نتيجة مباشرة لرفض الجنود البقاء في بيئة يرونها مقتلة، تتكبد فيها وحداتهم خسائر غير مسبوقة، ليس فقط في الأرواح والمعدات، بل في المعنويات والانتماء".

وأشار إلى تصريح رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي، الذي اعتبر فيه أن التوصل لوقف إطلاق نار في هذه المرحلة يُعد انتصارًا كبيرًا، ما يعكس حجم التراجع الميداني والاستراتيجي، مبينًا أن حديث زامير عن إمكانية "احتلال غزة" في حال فشل المفاوضات، ليس إلا محاولة لرمي الكرة في ملعب السياسيين، لأنه يدرك أن أي توغل جديد سيضاعف خسائر الجيش، ويعمق الأزمة النفسية والانتحارات والهروب في صفوفه.

وختم عريقات: "جيش الاحتلال هو الركيزة الأهم للكيان، وإذا تآكل نفسيًا وعسكريًا، فإن مستقبل (إسرائيل) برمته يصبح على المحك".

اخبار ذات صلة