فلسطين أون لاين

"سكرالوز" وبيض مجفف.. حقائق صحية عن البدائل الغذائية بغزة

...
"سكرالوز" وبيض مجفف.. حقائق صحية عن البدائل الغذائية بغزة
غزة/ مريم الشوبكي

ما الذي يدفع أمًا لإطعام طفلها محلولًا مخصصًا للحقن الوريدي؟ ولماذا يلجأ الناس في غزة إلى استهلاك سكرالوز وبيض مجفف دون معرفة مصدره أو مكوناته؟

في قطاع يحاصره التجويع، تصبح البدائل الغذائية طوق نجاة للبعض، وشبح خطر يهدد صحة الجميع. فوسط تغييب الاحتلال الخيارات الصحية، يجد الأهالي أنفسهم أمام مكونات طارئة على المائدة، يُروج لها على أنها "آمنة"، بينما الحقيقة أكثر تعقيدًا.

في هذا التقرير، يوضح خبير التغذية هشام حسونة لصحيفة "فلسطين" واقع هذه البدائل، ويكشف عن ممارسات استهلاكية خاطئة قد تُفاقم الأزمات الصحية بدلًا من أن تحلها.

محاليل الجلوكوز

أوضح حسونة أن المحاليل الوريدية تنقسم إلى نوعين: نوع يحتوي على الجلوكوز، وآخر لا يحتوي عليه. وتُعطى هذه المحاليل عن طريق الوريد للمرضى بحسب حالتهم الصحية، حيث تُخصص المحاليل المحتوية على الجلوكوز بتراكيز معينة للأطفال وكبار السن (من 1% إلى 20%).

وأشار إلى أن تناول هذه المحاليل عن طريق الفم يُعد خطيرًا لسببين رئيسيين؛ أولًا: لأنها ليست مخصصة لهذا الغرض، ما قد يؤدي إلى سوء امتصاصها واضطرابات في الجهاز الهضمي كالتقيؤ، والإسهال، والغثيان. وثانيًا: أن الاستهلاك المتكرر لهذه المحاليل قد يؤدي إلى تلف في وظيفة الأمعاء، فيما يُعرف بـ"الارتشاح المعوي"، حيث تتأثر قدرة الأمعاء على امتصاص الفيتامينات، وبالتالي يفقد الجسم فائدتها.

تابع حسونة حديثه قائلاً إن "الأمر لا يقتصر على المخاطر الصحية فقط، بل يتعداه إلى كارثة أخلاقية"، مضيفًا: "كيف يمكننا استخدام مادة طبية مخصصة لإنقاذ حياة المرضى، في وقت لا تجد فيه الكوادر الطبية ما تعالج به؟!".

وأوضح أن بعض المواطنين يستخدمون محاليل الجلوكوز لصنع القهوة أو شراب الأطفال أو المثلجات، وهي كارثة كبرى، تستوجب التدخل الفوري من المستشفيات الحكومية والصيدليات الخاصة لمنع تداول هذه المحاليل لهذا الغرض.

وكشف حسونة عن تصرف خطير يتمثل في خلط المحاليل الوريدية بمضادات حيوية ومسكنات ألم ذات نكهات كالفراولة والبرتقال، وإضافة أصباغ غذائية لتحويلها إلى مثلجات أو شراب ثلجي للأطفال، محذرًا من "إعدام الجهاز المناعي للأطفال، خاصة ذوي الأوزان المنخفضة".

وبيّن أن تناول هذه الخلطات يؤدي إلى "تعوّد الجهاز المناعي على المضاد الحيوي بطريقة تضعف فعاليته لاحقًا في حال الإصابة بعدوى حقيقية"، إضافة إلى احتمال رفع الحموضة، وسوء الامتصاص المعوي، واحتمال التسمم بسبب سوء التخزين وانتهاء صلاحية هذه الأدوية، خصوصًا في ظل انقطاع دخول الأدوية منذ أكثر من 700 يوم.

حقيقة الـ"سكرالوز"

حول بدائل السكر، أوضح حسونة أن ما يُطلق عليه "سكر اللوز" ليس سكرًا مستخرجًا من اللوز كما يعتقد البعض، بل هو "سكرالوز"، أحد المحليات الصناعية منخفضة السعرات الحرارية. وأكد أنه "لا وجود فعلي لسكر مستخرج من اللوز في قطاع غزة، لا قبل الحرب ولا خلالها".

وقال إن المشكلة تكمن في أن الناس تشتري هذا المنتج دون معرفة هويته أو مصدره أو تركيزه، وغالبًا ما يُباع في ظروف غير صحية داخل ظروف شفافة دون بيانات تغذوية.

ونبّه إلى أن سكرالوز وإن كان مصرحًا به لمرضى السكري، إلا أن استهلاكه على المدى الطويل يؤدي إلى "تراكم الدهون على الكبد، وارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية، ودهون حول الأعضاء الداخلية كالكلى والكبد والأمعاء، وربما يؤثر أيضًا على مستويات السكر".

وأضاف: "الخطر في ثلاث نقاط: أن المنتج مجهول المصدر، والاستهلاك مفرط، ويُستخدم بثقة مفرطة كونه يبدو طبيعيًا، بينما هو في الواقع محلي صناعي يرتبط على المدى الطويل بزيادة خطر الإصابة بالسرطان".

بيض مجفف

انتقل حسونة للحديث عن بدائل البيض، موضحًا أن "البيض المجفف" هو بيض طبيعي تمت معالجته صناعيًا عبر إزالة الرطوبة منه ليصبح على هيئة بودرة، لسهولة التخزين. وأشار إلى أن الغرض الأساسي من تصنيعه كان لتوفير طعام سهل النقل للقوات العسكرية والمناطق المتأثرة بالحروب.

وأكد أن هذا المنتج لم يكن متوفرًا بشكل ملحوظ في قطاع غزة قبل الحرب، لكنه دخل لاحقًا عبر التبرعات، خاصة خلال عمليات الإنزال الجوي من دول عربية.

ويتكون بديل البيض إما من بياض فقط أو من بياض وصفار معًا، ويُستخدم عبر خلط ملعقة واحدة من البودرة مع ملعقتين أو ثلاث من الماء.

أشار حسونة إلى نقطتين أساسيتين عند استخدام البيض المجفف: أولا احتمال فقدان بعض الفيتامينات نتيجة المعالجة الحرارية، ثانيا أن نكهته ليست مطابقة للبيض الطازج، ما يجعله مناسبًا أكثر للمخبوزات والحلويات من القلي المباشر.

وأضاف: "البيض المجفف آمن بشرط التأكد من تاريخ صلاحيته وتجربة كمية بسيطة أولًا، خاصة أن معظم هذه المنتجات تدوم صلاحيتها حتى خمس سنوات".

ردّ حسونة على ما يُتداول بأن "80 غرامًا من البيض المجفف تعادل 40 بيضة"، مؤكدًا أن هذه المعلومات غير دقيقة، وهدفها الترويج التجاري. وقال: "الوصفة الصحيحة هي ملعقة واحدة من البودرة تخلط مع ملعقتين من الماء، ما يعادل 3 إلى 4 بيضات من حيث القوام، وليس القيمة الغذائية".

وأضاف: "غياب المعلومات الدقيقة هو أخطر ما في الأمر، لذلك أطلب من بعض البائعين كتابة البيانات على المنتجات، بما في ذلك تاريخ الصلاحية ومصدر الإنتاج".

وبشأن ما إذا كان البيض المجفف مناسبًا لكبار السن، أوضح حسونة أن "صفار البيض لا يرفع الكوليسترول كما كان يُعتقد سابقًا"، وأنه "آمن لمعظم الفئات، ما لم يكن لدى الشخص حساسية أو موانع طبية واضحة".

اختتم حسونة حديثه بالتأكيد على أهمية التواصل بين الصحفيين والخبراء لإيصال المعلومات الدقيقة إلى الناس. وقال: "بصفتي خبير تغذية، صوتي لا يصل كما ينبغي، بينما الصحفي قادر على التأثير بشكل أوسع، ما يُعد مسؤولية مشتركة لإنقاذ الناس من كوارث غذائية وصحية محتملة".

المصدر / فلسطين أون لاين