قائمة الموقع

رغم استيفاء معدلاتها.. اتهامات للأمم المتحدة بتعطيل إعلان "مجاعة غزة الكارثية"

2025-07-23T08:43:00+03:00
رغم استيفاء معدلاتها.. اتهامات للأمم المتحدة بتعطيل إعلان "مجاعة غزة الكارثية"
فلسطين أون لاين

باستمرار، تعلن مؤسسات الأمم المتحدة تدهور الأوضاع الإنسانية والغذائية والصحية في غزة، دون إقدامها على إعلان "مجاعة غزة الكارثية" التي تتزايد أعداد ضحاياها يوما بعد آخر منذ الحصار المشدد مطلع مارس/ آذار الماضي وحتى اللحظة.

وبينما لا يجد أكثر من 2 مليون إنسان في غزة قوت يومهم وسط الحصار المشدد، يبرز التساؤل الأهم: لماذا لا تعلن الأمم المتحدة عن "مجاعة غزة الكارثية"؟، رغم أن آخر تقرير لـ(شبكة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي - IPC)، مايو/ أيار الماضي، قال إن نصف مليون مدني في غزة يواجهون جوعًا كارثيًا ضمن المرحلة الخامسة - وهي أعلى درجات انعدام الأمن الغذائي - بينما يعاني كافة سكان القطاع من انعدام حاد في الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة.

وتعليقا على ذلك، يقول المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إنه بعد نحو شهرين من صدور تقرير شبكة التصنيف، يزداد الوضع سوءًا وتتعمق مأساة سكان غزة بعد أن "صم العالم آذانه عن جريمة القوات المحتلة في استخدام التجويع سلاحًا".

ويجزم متحدثون في أحاديثهم لـ "فلسطين أون لاين" أن "الضغط الإسرائيلي" وراء تعطيل إعلان الأمم المتحدة "مجاعة غزة"، لكن ذلك لا يعفى تلك المؤسسات من مهامها الإنسانية والقانونية التي أنشأت لأجلها.

ويتضح ذلك من رفض (إسرائيل) تجديد تأشيرات رؤساء 3 وكالات تابعة للأمم المتحدة على الأقل في غزة، وهو ما عزاه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، إلى جهودهم في محاولة حماية المدنيين الذي تمزقه الحرب الإسرائيلية.

"أرقام مفزعة"

يقول مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الأوضاع في غزة هي الأسوأ على الإطلاق ومن نجا من القنابل يموت من الجوع.

في أواخر مايو/أيار الماضي، أعلنت (أوتشا) أن كل سكان غزة على حافة المجاعة وأن القطاع هو المنطقة الأكثر جوعا على وجه الأرض.

إعلان (أوتشا) تلاه آخر التحديثات الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أمس، أن ثلث سكان غزة مجبرون على البقاء بدون طعام لعدة أيام وذلك في مؤشر خطير على تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر.

أما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فتقول إنها "تتلقى رسائل يائسة عن المجاعة من غزة، بما في ذلك من زملائنا".

وأكد المفوض العام لـ(أونروا) فيليب لازاريني، أن التقاعس عن دفع (إسرائيل) إلى السماح بإدخال مساعدات لغزة هو "تواطؤ" في تجويع الفلسطينيين وسط إفلات تام تحظى به (إسرائيل) من العقاب.

ووفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فإنه تم تشخيص إصابة أكثر من 5 آلاف و800 طفل بسوء التغذية في غزة، خلال يونيو/حزيران الماضي. وذكرت أن الأرقام السابقة تتضمن "أكثر من ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم .. هذا الرقم يمثل زيادة للشهر الرابع على التوالي".

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي فإن "غزة تتجه نحو مرحلة الموت الجماعي"، مع دخول الحصار يومه الـ140، ومنع الاحتلال إدخال الغذاء والدواء وحليب الأطفال، والوقود، وسط نفاد تام في المستلزمات الأساسية للحياة، واستمرار سياسة التجويع الممنهج بحق السكان المدنيين.

وأكد الإعلام الحكومي أن الكارثة تطال 1.1 مليون طفل ضمن إجمالي سكان القطاع، عدا عن مواجهة أكثر من 60 ألف حامل خطرا حقيقيا بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.

وصحيا، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من 10.000 شخص في غزة بحاجة إلى الإجلاء الطبي، وأنه بالمعدلات الحالية سيتطلب الأمر سنوات لإجلاء مرضى غزة المحتاجين للعلاج.

وتقول الصحة العالمية إن الغارات الجوية ونقص الإمدادات الطبية والغذاء والماء والوقود في غزة أدت إلى استنزاف شبه كامل لنظام الرعاية الصحية الذي يعاني من نقص الموارد، إذ خرجت مستشفيات عدة عن الخدمة، فيما مرافق أخرى بالكاد تعمل.

فشل أممي واسع

ومن وجهة نظر الحقوقي الفلسطيني فريد الأطرش فإن ما يحصل في غزة يفوق وصف الإبادة الجماعية، المجاعة، الكارثة الإنسانية في العصر الحديث.

وأكد الأطرش أن استخدام (إسرائيل) لسلاح التجويع والعطش والدواء يأتي في سياق الإبادة الجماعية المستمرة منذ 22 شهرا، وهو ما أظهر فشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان في إنصاف ضحايا الإبادة.

وأوضح أن ما يحدث في غزة من حقائق وأرقام يثبت عجز الإرادة الدولية عن وقف الإبادة أو المجاعة الحاصلة – وفي حال استمرار ذلك – سيتحول العالم لـ"غابة كبيرة" دون أنظمة أو قوانين أو مجالس.

وشدد على أن المطلوب هو وقوف الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها أو إغلاق مؤسساتها ومجالسها الأخرى التي وجدت من أجل الانتصار للضحايا وحماية المدنيين وقت النزاعات.

وقال: "لقد كشفت غزة عورة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل"، متسائلا: "أين هذه الحقوق لهؤلاء الضحايا في غزة؟".

وأضاف: "هذا الدم وهذا القتل، لا يحتاج إلى توضيح أو ترجمة .. غزة تشهد جريمة إبادة وتجويع وكارثة إنسانية بفعل (إسرائيل)".

وعدّ مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان جنوب الضفة، فشل الأمم المتحدة في وقف حرب الإبادة والمجاعة، دليل على كذب هذه القوانين والشعارات الأممية والحقوقية وصولا إلى "حد التواطئ" في الإبادة الجماعية التي أسفرت حتى اللحظة أزيد عن 59 ألف شهيد و140 ألفا و485 جريحا.

تعطيل إسرائيلي

بينما يتحدث المستشار الإعلامي لوكالة (أونروا) عدنان أبو حسنة عن 3 معايير أممية لإعلان المجاعة رسميا في أي منطقة بالعالم، أولها/ مواجهة 20% من السكان مستويات جوع شديدة، وثانيها/ توثيق معاناة 30% من الأطفال من الهزال والنحافة الشديدة، وثالثها/ تضاعف معدل الوفيات بما يشمل وفاة واحدة يوميا لكل 10 آلاف بالغ، وحالتي وفاة لكل 10 آلاف طفل يوميا.

لكن المتحدثة باسم منظمة أوكسفام الدولية د. هديل قزاز، تتحدث عن معاير تتقاطع مع سابقاتها ومعايير أخرى تؤكد أن جميعها تتوفر في غزة، ومنها: لا طعام، لا ماء، لا دواء، لا نظام صحي، لا بيئة صحية، انتشار النفايات والحشرات، عدم توفر الوقود لتحلية المياه، لا إمكانية لمساعدة الآخرين.

واستدلت قزاز بوصول غزة المرحلة الخامسة لـ(شبكة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، وذكرت أنه فور إعلان هذه المرحلة تعلن حالة الطوارئ عالميا وأمميا للنجدة والإنقاذ في البقعة الجغرافية المحددة.

ونبهت إلى أن جميع المعايير السابقة كانت ولا زالت في غزة منذ بداية حرب الإبادة، لكنها تزايدت سريعا خلال الشهور الماضية وهو ما يتطلب وقف عاجل للحرب وإنقاذ السكان والبيئة.

وقالت: "غزة تعيش كارثة غير مسبوقة على الإطلاق"، وحول عدم إعلان منظمات الأمم المتحدة "المجاعة في غزة"، ردت: جميع المؤسسات تعلن أن غزة على حافة المجاعة دون موقف أممي رسمي الذي يقع على عاتق الأمين العام للأمم المتحدة.

وشددت قزاز على أن ما يحصل في غزة، بمثابة "تعطيل (إسرائيل) لمنظمات الأمم المتحدة وآليات عملها في غزة".

إضافة إلى ما سبق، فإن الإعلام الحكومي يقول إن الناس في غزة باتوا يصابون بالإغماء في الشوارع بسبب التجويع.

في المقابل، لا يستبعد الحقوقي صلاح عبد العاطي وجود تهديدات إسرائيلية وأمريكية ودول أخرى لمؤسسات الأمم المتحدة أو وقف تمويلها – في حال إعلان المجاعة الكارثية داخل غزة – وهو ما يثبت فشل هذه المؤسسات أمام حرب الإبادة.

وعد ذلك دليل على ازدواجية المعايير في التعامل مع الحرب الإسرائيلية ضد غزة، واستكمالا لمخططات المجاعة والتهجير.

وأكد عبد العاطي أن المطلوب فورا هو وقف حرب الإبادة والضغط الأممي والدولي على (إسرائيل) من أجل فتح المعابر والمنافذ لضمان دخول جميع الإمدادات الغذائية والصحية والحياتية لإنقاذ "ما يمكن إنقاذه" في غزة.

وجاءت مطالبة الحقوقي، بعد معطيات حكومية تفيد بارتفاع وفيات المجاعة إلى 101 ضحية، من بينهم 80 طفلا.

اخبار ذات صلة