فلسطين أون لاين

دراسة إسرائيلية: الحرب على غزة زعزعت الثقة بالدولة وعمّقت الانقسام المجتمعي

...

كشفت دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب إن حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة شكّلت ضربة قاسية لما يسميه بـ"المناعة الوطنية"، بينما أسهمت الحرب الأخيرة على إيران في تحسين بعض مكوناتها رغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي خلفتها.

وبحسب الدراسة، فإن "المناعة الوطنية" تعني قدرة المجتمع ومؤسساته على مواصلة الحياة الطبيعية خلال الأزمات، والتعافي منها سريعًا، وتشمل مكوناتها: الثقة بالمؤسسات والقيادة، التكافل الاجتماعي، التفاؤل، الأمل، واستمرارية نمط الحياة.

وترى الدراسة أن مناعة المجتمع الإسرائيلي تعرضت لتآكل متواصل خلال السنوات الماضية بسبب تراكم الأزمات: جائحة كورونا، أزمات سياسية متلاحقة، الانقسام حول الانقلاب القضائي، أحداث 7 أكتوبر، وحرب غزة المستمرة، ما ترك أثراً سلبياً عميقاً على قدرة المجتمع على التماسك والتعافي.

ووفقًا لمعدّي الدراسة، فإن عدم استعادة جميع الأسرى، واستمرار المعارك في أكثر من جبهة، يزيد من صعوبة استعادة الثقة والاستقرار الداخلي.

وقارن معهد دراسات الأمن القومي بين مؤشرات الثقة قبل وبعد الحرب على إيران، فبيّن أن نسبة الثقة بالحكومة ارتفعت من 21% في أيار/مايو 2025 إلى 38% بعد الحرب، فيما ارتفعت الثقة برئيس الحكومة من 31% إلى 42%. أما الجيش، فظل يحظى بنسبة ثقة مرتفعة بلغت 94% بعد الحرب مقارنة بـ88% سابقاً، وارتفعت ثقة الجمهور بقائد الجيش من 67% إلى 81%.

وشهد الشعور بالتكافل الاجتماعي قفزة من 30% إلى 56%، خصوصاً في أوساط اليمين، ويرجع التقرير هذا الارتفاع إلى الحملات الإعلامية والتعبوية مثل حملة "معاً ننتصر". أما مؤشرا التفاؤل والأمل فظلا في مستويات منخفضة؛ إذ يرى نحو 40% فقط أن المستقبل سيكون أفضل، رغم أن 60% من الإسرائيليين أعربوا خلال وبعد الحرب على إيران عن ثقتهم بقدرة الجبهة الداخلية على الصمود، وهو ما اعتبره المعهد انعكاساً لوحدة داخلية مؤقتة ضد "عدو خارجي".

وتخلص الدراسة إلى أن الحرب على إيران شكّلت نقطة تحوّل من حيث مؤشرات المناعة الوطنية، واعتبرها "نقطة إجماع"، حيث أيّدها 88% من الإسرائيليين، وساهمت في تعزيز الشعور بالقوة والقدرة على المواجهة، إلا أن هذا التحسن لم ينعكس على جميع المؤشرات.

وتبرز الدراسة أن أحد أهم مؤشرات المناعة، وهو "استمرارية نمط الحياة"، تعرّض لضرر بالغ خلال الحرب على إيران، حيث عطّلت الصواريخ الإيرانية مرافق حيوية مثل مصفاة حيفا ومستشفى سوروكا ومعهد وايزمان. وأُجبر السكان على البقاء في المنازل والملاجئ لأيام، مما تسبب في شلل شبه تام للحياة العامة.

وسجلت الحرب مقتل 29 إسرائيلياً وإصابة أكثر من 3500، مع تضرر آلاف المنازل والمنشآت وتهجير 13 إلى 19 ألف شخص، وبلغ عدد طلبات التعويض 41 ألفاً، فيما أثرت مشاهد الدمار بشكل بالغ على المعنويات، رغم أن الخسائر البشرية جاءت أقل من التوقعات.

أشارت الدراسة إلى ارتفاع طلبات الدعم النفسي بنسبة 440% خلال الحرب على إيران، كما ازدادت نسب استخدام المهدئات وحبوب النوم ومضادات الاكتئاب، وفقاً لمعطيات صناديق المرضى. وارتفعت نسبة من يشعرون بانعدام الأمان الشخصي من 20% قبل الحرب إلى 33% بعدها.

ويرى معهد دراسات الأمن القومي في دراسته، أن معطيات معظم مكونات المناعة الوطنية "تستبطن أملا معينا، خاصة أن هناك توقعات بتحسّن مكون استمرار وتيرة الحياة الاعتيادية اليومية والمحافظة عليها في ظل تراجع حدة المواجهة العسكرية (وقف الحرب مع إيران وبقائها في غزة ومن اليمن فقط).

في المقابل، توضح الدراسة أن المشاكل العميقة التي أدت للمساس بالمناعة الوطنية- الاستقطاب الاجتماعي والحرب المتواصلة الطويلة في غزة، ما زالت هنا، ويبدو أنها ستعود لواجهة المسرح وربما تتصاعد وتتفاقم في ظل أحاديث عن انتخبات مبكرة للكنيست.

المصدر / فلسطين أون لاين+وكالات