قائمة الموقع

كـ "لعبة الحبّار".. شاب غزيّ يوثق رحلة الموت المروّع قرب "كمائن المساعدات"

2025-07-01T19:24:00+03:00
كـ "لعبة الحبّار".. شاب غزيّ يوثق رحلة الموت المروّع قرب "كمائن المساعدات"

في مشهدٍ يصفه بأنه أقرب إلى "لعبة الموت"، يخرج الشاب الفلسطيني إبراهيم القطراوي، فجر كل يوم، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، متجهًا نحو إحدى نقاط توزيع المساعدات التي أقامها الاحتلال الإسرائيلي وفق آلية أميركية ـ إسرائيلية تفتقر لأي إشراف أممي، حيث ينتظره احتمالان فقط: الطعام أو الرصاص.

القطراوي، كآلاف المدنيين المجوّعين في غزة، يقطع عدة كيلومترات على قدميه نحو نقطة التوزيع القريبة من محور نتساريم الذي تسيطر عليه إسرائيل، في محاولة للحصول على كيس طحين أو وجبة طعام تنقذ عائلته من الموت جوعًا، وهو يعلم أن خطوة واحدة خاطئة قد تضعه على قائمة الشهداء.

بحسب القطراوي، فإن المجازر تبدأ فور انسحاب الجنود الإسرائيليين من البوابة الرئيسية للنقطة فجراً، لتتقدم جموع المجوّعين بخطى حذرة، قبل أن تنهال عليهم زخات الرصاص بلا إنذار.

ويقول في توثيقه المصور، "الجيش يطلق النار دون مبرر.. نرمي بأنفسنا أرضاً ونبدأ الزحف نحو البوابة. الجوع قاتل، ولا خيار لنا سوى المجازفة".

ويضيف: "المكان قاحل، لا سيارات إسعاف، ولا مستشفيات قريبة. من يُصب يُترك على الأرض، وأي محاولة لإنقاذه تعني تعريض حياتك للخطر".

وزارة الصحة في غزة أكدت أن خطة المساعدات هذه، التي بدأت في 27 مايو/أيار الماضي، أسفرت عن استشهاد 583 مدنيًا وإصابة أكثر من 4186 آخرين حتى نهاية يونيو، بسبب القصف وإطلاق النار على المواطنين في محيط نقاط التوزيع.

في البداية، كان إبراهيم يتوجه إلى تلك النقاط بوصفه ناشطًا يوثّق الانتهاكات الإسرائيلية، قبل أن يجد نفسه مدفوعًا بالجوع مثل بقية المدنيين.

وعن أحد المشاهد التي لا تفارقه، يقول: "سقطت قنبلة تحت قدمي.. رأيت بأم عيني الشبان وهم يركضون ثم يتساقطون كأوراق الشجر.. كان الرصاص فوق رؤوسنا، والمصابون يصرخون دون مجيب".

القطراوي، الذي يعيل عائلته في ظل الحصار والمجاعة، يصف حال أسرته حين يخرج لجلب المساعدات: "يودعوني كل مرة وكأنها الأخيرة.. أخفي دموع أمي، وأحمل نظرات إخوتي الجائعين كرصيد للصبر، فأعود إما بطعام يسد الرمق.. أو لا أعود".

وتتواصل فصول الحرب التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، وهذه المرة عبر بوابة "المساعدات الإنسانية"، حيث تتحوّل قوافل الدقيق إلى أدوات حصار، ومراكز التوزيع إلى مصائد موت، تحت غطاء أميركي وتمويل إماراتي، فيما تغيب الرقابة الدولية ويُفرض واقع التجويع كأداة ضغط إستراتيجي.

ومنذ الثاني من آذار/مارس الماضي، أغلق الاحتلال معابر غزة بشكل شبه كامل، مانعاً دخول المواد الغذائية والطبية، ومصراً على رفض عودة المؤسسات الإنسانية الدولية، وعلى رأسها "الأونروا". وفي أواخر أيار، أعلن عن بدء تطبيق مشروعه المزعوم "مؤسسة غزة الإنسانية"، الذي سوّقته جهات أميركية على أنه "ممر بديل" لتوزيع المساعدات.

وأثبتت الوقائع على الأرض، أنّ هذا الممر ليس سوى نموذج هندسي لتصاعد عملية التجويع وتحوّلت نقاط التوزيع هذه إلى مواقع دموية، حيث سُجّلت مجازر متكررة بحق المدنيين المنتظرين لمساعدات بالكاد تكفي لأيام معدودة.

ومن جهته، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن ما يسمى بـ"مراكز المساعدات الأمريكية–الإسرائيلية"، التي أقامها الاحتلال منذ 27 مايو، تحوّلت إلى مصائد موت جماعي استهدفت المدنيين المُجوّعين، وأسفرت خلال شهر واحد فقط عن استشهاد 549 فلسطينياً، وإصابة 4,066 آخرين، وفقدان 39، أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.

وأكد المكتب الحكومي، في بيان صحافي أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم "المساعدات" كأداة قتل ممنهجة، حيث يتم استدراج المدنيين ثم إطلاق النار عليهم بدم بارد، ضمن نمط متكرر وموثّق يومياً، مطالباً بفتح المعابر فوراً ورفع الحصار لإدخال المساعدات الإنسانية إلى أكثر من 2.4 مليون مدني محاصر في قطاع غزة، بينهم مليون و100 ألف طفل.

وشدد على أن ما يحدث في هذه "المراكز" هو جريمة حرب مكتملة الأركان يتحمل مسؤوليتها قوات الاحتلال "الإسرائيلي" بشكل رئيسي ومباشر، وندين بأشد العبارات هذه الجريمة المستمرة، حيث يجري استدراج المُجوّعين المدنيين ثم إطلاق النار عليهم بدمٍ بارد وممنهج وبشكل يومي ووفق مواعيد محددة.

وحذر العالم من استمرار هذا النمط الدموي الذي يرعاه الاحتلال تحت غطاء "المساعدات"، ونطالب بفتح تحقيق دولي عاجل، ووقف هذه الجريمة المنظمة، ومحاسبة كل من يتواطأ فيها سياسياً أو ميدانياً أو لوجستياً.

كما طالب المكتب الحكومي بفتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى 2.4 مليون إنسان مدني في قطاع غزة بينهم مليون و100 ألف طفل وأكثر من نصف مليون امرأة.

اخبار ذات صلة