قائمة الموقع

أنس أبو خوصة.. يتحدى البتر ويعود بعزيمة أقوى

2025-06-26T20:46:00+03:00
صورة تعبيرية
فلسطين أون لاين

في مدينة أنهكها القصف والخوف، ووسط الركام والدمار، وُلدت حكاية بطولة من نوع مختلف. أنس خالد أبو خوصة، فتى في السابعة عشرة من عمره، من سكان شرق مدينة غزة، لم يكن مجرد رقم جديد في سجل الإصابات، بل بات رمزًا للصبر والإرادة.

في إحدى ليالي نوفمبر 2023، كان أنس يجلس مع عائلته في الغرفة الأقرب إلى مخرج المنزل، بعد تلقيهم تهديدًا بقصف المنزل المجاور من الجهة الخلفية. اللحظات كانت ثقيلة، يغلفها الصمت والقلق. وبينما كانت الأسرة تنتظر الضربة، دوى الانفجار. اعتقدوا أن القصف أصاب منزلهم، فاندفع أنس ليرى ما جرى.

يقول والده، خالد أبو خوصة لصحيفة "فلسطين": "ما كنت أتخيل إن اللحظة اللي فتح فيها أنس باب البيت، حتكون بداية قصة جديدة من حياته. بمجرد ما وقف، سمعت صوت صاروخ، وانفجر أمامه مباشرة".

سقط أنس أرضًا، والدماء تغمر جسده. بُترت ساقه اليسرى من أسفل الركبة، وأصيب بشظايا في أنحاء جسده. لم يفقد وعيه كليًا، لكنه شعر وكأن الزمن توقف.

يضيف والده: "نظر إلى ساقه فلم يجدها، لكنه لم يبكِ. قال لي بصوت خافت وعينين لامعتين: (حسيت إن الله كاتبلي امتحان، ولازم أنجح فيه)".

تم إسعافه إلى مستشفى الشفاء، حيث بدأت رحلة العلاج الطويلة. ومع الازدحام الشديد ونقص الإمكانيات، كان الألم مضاعفًا. أجرى الأطباء عملية بتر نظيفة، تلتها جلسات تنظيف الجرح والتأهيل، قبل أن يُسافر لاستكمال العلاج وتركيب طرف صناعي.

ورغم الإصابة، لم ينكسر أنس. يواصل والده حديثه: "أنس معروف بشخصيته القوية، متفوق دراسيًا، وحافظ للقرآن الكريم. لما صحى في المستشفى بعد العملية، كان يتمتم بآيات من القرآن لتهدئة قلبه".

قبل إصابته، كان أنس يعشق رياضة كمال الأجسام، ويمارسها بانتظام. يقول والده: "كان يرى نفسه في جسده وعضلاته التي بدأ يبنيها، لكن بعد الإصابة لم يعرف الاستسلام، وقرر أن يتخطى هذه المحنة بعزيمة أقوى".

بدأ أنس مرحلة التأهيل الجسدي والنفسي استعدادًا لتركيب الطرف الصناعي. ومع كل جلسة علاج طبيعي، كان يعود أكثر إصرارًا. يقول أنس دائمًا: "أنا مش ناقص.. أنا كامل بعزيمتي. رجلي مش هي اللي كانت تخليني قوي.. قلبي هو اللي بيقودني".

يوضح والده أن أنس يحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة، رغم التحديات التي قد تواجهه في التنقل والحركة، لكنه واثق من قدرة ابنه على الاندماج مجددًا في المجتمع والمشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية.

وفي رسالة أنس الأخيرة التي يرددها دائمًا لوالده: "أنا ما خسرتش رجلي.. أنا ربحت تجربة قربتني من ربي، وعلّمتني إن الإنسان أقوى بكتير مما بيظن".

 

 

اخبار ذات صلة