كشفت صحيفة بوليتس القبرصية عن تصاعد لافت في وتيرة شراء الإسرائيليين للأراضي والعقارات في أنحاء متفرقة من جزيرة قبرص، خاصة في أعقاب المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران، في ما يبدو أنه توجّه منظّم لإيجاد موطئ قدم مستقرّ للإسرائيليين خارج الأراضي المحتلة.
وبحسب الصحيفة، فإن عدد الإسرائيليين المقيمين في قبرص وصل إلى نحو 15 ألف شخص، وسط تنامي دور حركة "حباد" اليهودية، التي باتت تشرف على بنية مؤسساتية واسعة تشمل كنيسًا يهوديًا، و6 منازل، و"ميكفاه" (مغطس ديني)، وروضة أطفال، ومقبرة خاصة، فضلًا عن مركز لإصدار شهادات الحلال اليهودي (الكشروت)، ومرافق لتنظيم الأنشطة الصيفية.
وأشار التقرير إلى أن بعض المناطق القبرصية باتت تشهد تجمعات سكنية إسرائيلية تتجاوز الطابع الفردي أو السياحي، وتقترب من تشكيل نواة مدينة متكاملة من حيث البنية الاجتماعية والدينية والخدمية.
وتؤكد الصحيفة أن هذا النشاط ليس وليد اللحظة، بل تسارع بشكل ملحوظ خلال جائحة كورونا، حين تحولت الجزيرة إلى ما يشبه "الحديقة الخلفية" للإسرائيليين، الذين هربوا من قيود الإغلاق المشددة داخل الأراضي المحتلة إلى قبرص الأكثر مرونة في تلك الفترة.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن تنامي ظاهرة فرار مستوطنين إسرائيليين من الأراضي المحتلة باتجاه جزيرة قبرص عبر البحر، في رحلات سرية تنطلق من مراسي مدن فلسطينية محتلة مثل هرتسيليا وحيفا وأشكلون، في ظل المواجهة العسكرية مع إيران.
وبحسب التقرير، تُدار هذه الرحلات بعيدًا عن أعين الرقابة الرسمية، ويجري تنسيقها عبر مجموعات مغلقة في تطبيقات التواصل الاجتماعي، وسط حالة من الذعر المتصاعد عقب القصف الإيراني الواسع الذي استهدف منشآت عسكرية واقتصادية إسرائيلية.
وتتراوح تكلفة الرحلة البحرية بين 2500 و6000 شيكل (ما يعادل نحو 650 إلى 1550 دولارًا) للشخص الواحد، وتُنفذ على متن يخوت خاصة دون تصاريح رسمية، بحسب ما أفادت به الصحيفة، التي رصدت عشرات الأشخاص في ميناء هرتسيليا وهم يصعدون إلى القوارب فجرًا، حاملين حقائب صغيرة فقط.
أشارت "هآرتس" إلى أن المئات من المستوطنين انضموا لمجموعات مغلقة لتنسيق عملية الخروج، بينما يحرص المشاركون على عدم الكشف عن هوياتهم، ويصف البعض ما يقومون به بأنه "فرار من جحيم الصواريخ"، فيما قال آخرون إنهم "يغادرون مضطرين".
ورغم اتساع الظاهرة، لم تصدر السلطات الإسرائيلية أي تعليقات رسمية، بينما يمتنع الإعلام العبري عن تغطية هذه التحركات بشكل موسع، ما دفع محللين إلى اعتبار ذلك جزءًا من محاولات لاحتواء صورة "الهروب الجماعي" التي قد تُفقد الحكومة هيبتها وتثير حالة من الفزع الشعبي.

