كل الأطراف المتصارعة حققت بعضا من أهدافها وخسرت جزءا من قوتها، أمريكا أرضت نتنياهو بضرب فوردو دون تدميره، وإيران حققت توازن رعب كبير لدى الاحتلال، وأمريكا لا تريد التورط أكثر، بينما كانت الحرب الطاحنة مستمرة كان هناك حربا دبلوماسية غير معلنة وراء الكواليس بين أمريكا والصين وروسيا وأوروبا كل منهم بين الدفاع عن مصالحه والخشية من توسع الحرب وبين استعمال أوراق التهديد المبطنة، والكل شعر أنهم لامسوا النووي بتصعيد الصراع، والكل شعر بأنها حرب استنزاف طويلة وموجعة للجميع ومؤثرة على الجميع. فالاحتلال لا يستطيع الاستمرار بحرب استنزاف طويلة الأمد، وإيران لم ترد الحرب أصلا منذ البداية وفرضت عليها وأمريكا استطاعت قطف الثمار.
نتنياهو سيقول انتصرت فقد جمعت كل الإسرائيليين حولي في الحرب المصيرية وحققت اختراق كل الأجواء الإيرانية وجررت الولايات المتحدة لمهاجمة المفاعلات وظهرت قوتي بكل السبل، وإيران ستقول لا زلت أحتفظ بالملف النووي وأستطيع إعادة بناء ما تم تدميره وبشكل أفضل، وحافظت على التماسك الداخلي، والأهم استطعت نخر مجتمع الاحتلال بعمق من الشمال إلى الوسط إلى الجنوب وانهيت الحرب دون شروط بل نحن من اشترطنا ضرب قاعدة العيديد قبل إنهاء الحرب كرد على الهجوم الأمريكي.
إذاً هي حرب اللاربح واللاخسارة لكل الأطراف. ويبقى احتمال التخريب من نتنياهو شخصيا فممكن أن يذهب إلى تأجيج الحرب من جديد من أجل الهروب إلى الأمام والتخلص من الضغط الداخلي وخاصة حتى موعد الإجازة الصيفية للكنيست مما يصعب حلها أو سحب الثقة من الحكومة وكل الاحتمالات لا زالت قائمة.
بعد الضربات العنيفة صباح أمس، بات الاحتلال أمام خيارين أحلاهما مر، إذا استمروا في الحرب سيستمر الاستنزاف لمدة طويلة لا يقدروا عليها، وإذا توقفت الحرب في ظل الضربات تعني قوة كبيرة لإيران وعدم استسلامها بعد كل الضربات، أما بالنسبة لإيران فإن توقفت الحرب فهي لم تكن تريدها أصلا وفرضت عليها، وإذا استمرت فهي جاهزة لحرب استنزاف طويلة، فالاحتلال بدأ الحرب وإيران تنهيها إن لم يحصل اختراقات ومفاجئات.