فلسطين أون لاين

تقرير الوقود ينفد والماء يغيب.. العطش يُحاصر نازحي مواصي خان يونس

...
الوقود ينفد والماء يغيب.. العطش يُحاصر نازحي مواصي خان يونس
غزة / يحيى اليعقوبي:

"الواحد ممكن يصبر على الجوع، بس محدش بتحمّل العطش".. هكذا عبّر حسام السيسي عن معاناته في منطقة النزوح بمواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث لم يصل صهريج مياه الشرب إلى منطقته منذ أكثر من أسبوع، ما جعله يعيش في عطش حقيقي يستمر لساعات طويلة يوميًا دون شرب قطرة ماء واحدة.

تعيش آلاف العائلات في خان يونس أزمة عطش خانقة منذ أسبوعين، بسبب نفاد الوقود من محطات تحلية المياه، وصعوبة تحرك شاحنات التوزيع إلى مخيمات النزوح التي تغطي كامل مساحة المواصي، لا سيما بعد موجة النزوح الأخيرة في المحافظة.

يجلس السيسي برفقة والدته وعماته على جانب شارع ساحلي غرب المواصي، يراقب مرور الشاحنات منذ ساعات الصباح الباكر، كما اعتادوا قبل الأزمة. ومع غياب البدائل، وبعد بُعد آبار المياه عنهم وقلّة بائعي المياه، يُضطر للسير لمسافات طويلة لتعبئة جالون مياه واحد فقط.

وبالكاد يستطيع السيسي تعبئة جالون واحد يوميًا، يحاولون تخصيصه للشرب فقط، مع ترشيد حاد في الاستهلاك، في ظل الارتفاع الكبير في سعر الجالون (20 لترًا) الذي بلغ 6 شواقل.

وقال لصحيفة "فلسطين": "نعيش أزمة كبيرة جدًا بسبب غياب شاحنات المياه عن منطقة المواصي، هذا الموضوع أكبر من قدرتنا، لا أحد يستطيع تحمّل العطش".

كانت العائلة سابقًا تعتمد بشكل كامل على المياه التي توزعها الشاحنات، سواء للشرب أو للاستخدامات المنزلية. ومع غياب الآبار القريبة، لم يبق أمامهم سوى مياه البحر للاستعمال، ويضيف: "مضطرون نغسل الأواني والملابس بمياه البحر، لكنها تسبّب الأمراض وتُتلف الملابس".

لا موعد للشاحنات

يواصل السيسي حديثه وهو جالس أمام خيمته تحت شمس حارقة، وقطرات العرق تتصبب من جبينه: "قبل الأزمة، كانت الشاحنات تأتينا ثلاث مرات أسبوعيًا، فكنا ننظّم استهلاكنا على مواعيدها. أما اليوم، فلا موعد لقدومها، ونحن عائلة مكوّنة من 11 فردًا ولدينا احتياج متزايد".

وحين تصل شاحنة مياه خلال الأزمة، يتدافع الناس حولها وسط حالة من الفوضى، خصوصًا مع موجة النزوح الأخيرة التي شملت معظم سكان محافظة خان يونس إلى منطقة المواصي، حيث يصطف النازحون في طوابير طويلة.

ويتابع: "الاحتياج تضاعف، وعندما تأتي الشاحنة لا نتمكن إلا من تعبئة جالونين فقط، بخلاف ما كان قبل الأزمة حيث كنّا نعبّئ كامل حاجتنا".

أما والدته، الحاجة أم حسام، فتقول: "نمر بأزمة عطش صعبة، لدينا أطفال وكبار سن بحاجة دائمة للشرب. أحيانًا تمر ساعات طويلة دون أن نجد قطرة ماء واحدة، وحتى عندما نريد شراء المياه نواجه صعوبة في الوصول إليها".

الماء أصبح هاجسًا

باتت مياه الشرب هاجسًا رئيسيًا يلاحق الأهالي النازحين، إلى جانب أزمة تجويع شديدة مستمرة بفعل إغلاق المعابر منذ 2 مارس/ آذار الماضي، ومنع إدخال المساعدات، ما أدى إلى كارثة إنسانية شاملة ونفاد المستلزمات الأساسية والوقود.

يقول وليد ديب عن الأزمة: "قبل موجة النزوح الأخيرة في خان يونس، كانت كميات المياه تكفي الجميع. أما الآن، فقد تضاعف الاحتياج عدة مرات، وانخفض عدد الشاحنات، فحدثت أزمة كبيرة".

ويضيف: "عندما تأتي الشاحنة مرة واحدة في الأسبوع، تحدث حالة تدافع شديدة. يجب أن تقاتل لتأخذ دورك وتتمكن من تعبئة المياه".

ويقف ديب حائرًا أمام خيمته التي يسكنها مع أولاده وبناته المتزوجين، ومع اقتراب نفاد آخر جالوني مياه بحوزته، يقول بصوت متهدج لصحيفة فلسطين: "بدأت أبحث عن مكان أشتري منه مياهًا، لكن لم أجد سوى على مسافة بعيدة. قبل الأزمة كانت الشاحنات تأتينا باستمرار ولم نكن نحتاج لشرائها، لذا قلّ عدد البائعين، والآن مع اشتداد الأزمة تفاقمت معاناتنا".

ويختم: "نحن في فصل الصيف، واستخدام المياه يزداد. إذا لم نجد مياهًا، هذا يعني أنه لا حياة لنا هنا".

 

المصدر / فلسطين أون لاين