قال أحمد حِلِّس، عضو اللجنة المركزية في حركة التحرير الوطني "فتح"، إن حركته موحّدة وغير منقسمة "داخلياً" كما يشاع في الإعلام.
وشدد على أن كل من تم فصله من "فتح" لا يعتبر جزءاً من الحركة، ولا يمكن التعامل معه على أنه "تيار" داخلي، في إشارة للقيادي المفصول، محمد دحلان، وأنصاره.
وتحدّث حِلِّس الذي فاز بداية الشهر الجاري، بعضوية اللجنة المركزية للحركة خلال حواره مع الأناضول في غزة، عن عدّة قضايا أبرزها؛ معارضته تسليم قيادة فتح في غزة لعضو باللجنة لا يقيم فيها، والتوجه الجديد للمصالحة مع "حماس"، داعيا إياها إلى موقف "أكثر إيجابية" تجاه نشاط فتح في قطاع غزة، وكذلك عن سبل تعامل فتح مع ملف "اغتيال" الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وقال حِلِّس، في بداية حواره:" هناك مغالطات إعلامية في التعامل مع قضية دحلان، فهو لم يعد يشكّل أي جزء من حركة فتح، ولا يمكن القول أنه يدير تياراً فيها".
وأوضح أن حركته "لم تُقصِ أي قيادي بسبب اختلافات شخصية معه، إنما كان السبب الجوهري لذلك عدم التزامه حركياً، وتمرده على شرعية الحركة ووطنيتها".
وببيّن أن المقصود بـ"شرعية فتح"؛ الاعتراف بشرعية النظام والقيادة والإطار الحركي والتنظيمي، و"هذه قضايا لا تحتاج لاجتهادات، فهي ثابتة ولا يمكن الالتفاف عليها".
وفُصل دحلان من حركة فتح في يونيو/حزيران 2011، بعد تشكيل لجنة داخلية من قيادة الحركة، وجهت إليه تهما بعضها خاص بفساد مالي. ويعتبر حلّس خصما قديماً للأول، (على خلفية مظاهرات دعا لها دحلان ضد عرفات في غزة، وهو ما رفضه حلّس).
وكان دحلان يتمتع بنفوذ قوي في غزة قبل سيطرة حماس على القطاع عام 2007. ويقيم حالياً في الإمارات ويقول مقربون منه إنه يتمتع بدعم دول ما يعرف بـ"الرباعية العربية" (الأردن ومصر والسعودية والإمارات) التي تعمل بحسب تقارير إعلامية على إعادة دحلان للحركة، وهو ما يرفضه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يتزعم "فتح".
وفي ذات السياق، أكد حِلِّس على أن حركته تحمي الاختلافات الداخلية للملتزمين بشرعيتها حول القضايا التي تناقشها الحركة.
واستكمل قائلاً: "هناك أطراف كانت في فتح، اعتقدت أنها تستطيع أن تربط مصالحها بمصالح دول خارج الحركة، وأجهزة أمنية أخرى، فنؤكد أن كل من يرتبط اسمه وسلوكه بدول، ومن يستقوي على فتح بأنظمة ومال سياسي لا يمكن أن يكون جزءًا من الحركة".
وكان حِلِّس، قد عاد لصدارة المشهد في حركة فتح، مؤخراً، بعد غياب دام لأكثر من 8 سنوات، عبر ترشحه للجنة المركزية للحركة وفوزه بالعضوية.
وأعلن، في 4 ديسمبر/ كانون أول الجاري، عن فوز 5 مرشحين في انتخابات مركزية فتح من قطاع غزة، أربعة منهم يقيمون في الضفة الغربية، فيما حلس هو الوحيد في غزة.
ويبرر الأخير ابتعاده عن الموقع القيادي لفتح، خلال السنوات الماضية، كنتاج طبيعي لانعقاد المؤتمر السادس للحركة عام 2009، إذ لم يترشح خلاله لأي موقع قيادي، مؤكداً التزامه بنتائج وقرارات المؤتمر السادس.
وكان حِلِّس قد كُلّف بأمانة سر (قيادة) اللجنة الحركية العليا لحركة "فتح"، عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام1994، واستمرّ بمنصبه السابق حتّى بعد وفاة الرئيس عرفات.
وبعد أشهر من انتخاب الرئيس الحالي محمود عباس، استبدلت اللجنة الحركية العليا، بمكتب لـ"التعبئة والتنظيم"، واستمرّ حِلِّس عضواً ضمن هذا المكتب حتّى انعقاد المؤتمر السادس للحركة 2009.
ويرى محللون سياسيون فلسطينيون أن فوز الرجل بعضوية مركزية فتح بعد غياب سنوات عن المشهد الفتحاوي، جاء لقطع الطريق على أنشطة دحلان في غزة.
وفي الأشهر الأخيرة، دعم دحلان أنشطة خيرية وإنسانية مختلفة في قطاع غزة عبر مؤسسة له تُديرها زوجته جليلة، تعرف باسم "فتا".
وينتمي حِلِّس لعائلة تعتبر من كبرى العائلات الفلسطينية التي تسكن حي الشجاعية، شرق مدينة غزة.
وعن مهام الحركة في القطاع، بيّن عضو المركزية أنها تتمحور في إعادة النظر في الأطر القيادية الموجودة، فيما ستخضع القيادات الحالية لدراسة "من كان يستطيع الاستمرار سيستمر، ومن نعتقد أنه عاجز عن الاستمرار، سنستبدله".
وتابع:" يترتب على أعضاء المركزية بغزة (روحي فتوح-صبري صيدم-إسماعيل جبر-ناصر القدوة)، مهاماً أولية تحتم علينا إنجاز العمل الحركي، وإعادة النظر في المدخلات التنظيمية، بطريقة أفضل تعيد الاعتبار للحركة".
وذكر أن المعايير التي سيتم بناء عليها تعيين القيادات التنظيمية للحركة ستكون نضالية ووطنية، لكن الأهمية القصوى تتمثل في قدرة الشخصية وكفاءتها على إنجاز المهام التنظيمية على أكمل وجه.
وعن انتخابات فتح في أقاليم القطاع، قال حلّس:" كل من انتخب سيبقى في موقعه إلى أن تأتي الدورة المقبلة، وسنحمي كل من يلتزم بالإطار الشرعي لفتح، وسنحاسب المخطئين".
ويؤكد حلّس على أن مهام أعضاء اللجنة المركزية سيتم توزيعها خلال اجتماع اللجنة، المزمع عقده خلال الأيام القليلة القادمة.
أما مهمة قيادة فتح في القطاع، فرأى أنها يجب أن توكل إلى شخص يقيم في غزة، وليس في خارجها.
وأردف في هذا الصدد:" ليس هناك مانع من عودة أعضاء المركزية الجدد إلى غزة والإقامة فيها، وحينها يمكن لأي منا تولي منصب قيادة القطاع حسب قرار اللجنة المركزية، وأنا سألتزم بقراراتها".
ومضى:" إذا توليت مهمة قيادة قطاع غزة في فتح، سأبذل جهدي كاملاً لأرتقي بها وإعادة الاعتبار لها".
وفي هذا الشأن، طالب حماس باتخاذ "موقف مغاير أكثر إيجابية، إزاء ممارسة أعمالنا في القطاع".
وأضاف: "المصلحة الوطنية العليا تقتضي أن تمارس كل القوى نشاطها التنظيمي بحرية، فلا مصلحة لأي فصيل بمنع أنشطة الحزب الآخر سواء في الضفة الغربية أو في غزة".
ولفت حلّس إلى أن حركته بعد عقد مؤتمرها السابع تنظر بجدّية لتنفيذ بنود المصالحة الفلسطينية، كما أنها لمست نية جادة لدى حماس في ذات الإطار.
ويرى حلّس أن الأجواء الوطنية والفصائلية مهيّأة لتنفيذ بنود المصالحة المُتفق عليها مسبقا، ويستدل على ذلك بخطاب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، الذي بارك فيه عقد مؤتمر فتح السابع، ورد الرئيس عباس على خطابه بشكل "إيجابي".
وفيما يتعلق بالتسريبات الإعلامية التي تحدثت عن نيّة عباس كشف قتلة عرفات، قال حلّس:" حركة فتح لن تقبل استخدام هذا الملف مادة إعلامية وموضوعاً انتخابياً، إنما هو ملف قضائي، نحتاج لاكتمال معلوماته كي يتم الكشف عن وجهه الحقيقي".
واستكمل قائلاً:" "حينما تتوفر المعلومات سيتم نشرها من أعلى مستوى قيادي فلسطيني، ولسنا بحاجة لتسريبها لأي من الوسائل الإعلامية المحلية أو الأجنبية".
ويلفت حِلِّس إلى وجود مساعي لعدة دول كبرى متنفّذة لطي ملف اغتيال الرئيس عرفات.
وأضاف: "فتح تعيش صراعاً حقيقياً مع تلك الدول، لاستكمال مشوارها في ملف اغتيال عرفات وكشف الأشخاص الذين نعتبرهم أداة منفّذة لخطة القتل التي تقف وراءها بالتأكيد إسرائيل، أبرز هذه الدول؛ إسرائيل وأمريكا وفرنسا (التي لجأ إليها عرفات للعلاج خلال فترة مرضه)".
ومن جانب آخر، يصف حلّس علاقة حركته بالأطراف الإقليمية والدول العربية بـ"الجيدة"، مشيراً إلى أن تلك العلاقة قائمة على مبدأ "عدم التدخل" والتي تحافظ على "مصلحة الشعب وكرامة (فتح)".
واستدرك قائلاً:" نحن في فتح ليس لنا علاقة بشؤون الدول الداخلية وعلاقاتها مع أطراف فلسطينية، كما أننا نرفض التدخل في شأننا الفلسطيني، والشأن الفتحاوي الداخلي"، مؤكداً على أن "فتح الأقوى في أي معادلة علاقة مع أي طرف كان".
وفي حديثه، نفى حلّس توتر العلاقة الفلسطينية الرسمية مع مصر كما يشاع عبر وسائل إعلام، قائلاً:" علاقتنا مع مصر لم ولن تهتز".