كشفت صحيفة الغارديان نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يوافق بعد على تنفيذ هجوم يستهدف منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم، مفضّلاً الانتظار أملاً بأن يُرغم التهديد بالتدخل طهران على العودة لطاولة المفاوضات.
ووفقاً للتقرير، فإن ترامب ناقش مع مسؤولي البنتاغون جدوى استخدام قنبلة GBU-57 "الخارقة للتحصينات" لتدمير المنشأة المدفونة بعمق، لكنه لم يقتنع تمامًا بقدرتها على تحقيق الضربة القاضية.
ورغم التأكيدات العسكرية بأن إسقاط هذه القنبلة، التي تزن 13.6 طنًا، "قد يؤدي فعليًا إلى القضاء على فوردو"، إلا أن الرئيس الأمريكي يرى أن النتيجة غير مضمونة بما فيه الكفاية.
أظهرت الإحاطات العسكرية أن فاعلية هذه القنبلة موضع جدل داخل البنتاغون منذ سنوات، وأن تدمير المنشأة الإيرانية بالكامل قد يتطلب استخدام سلاح نووي تكتيكي، وهو ما لا يفكر فيه ترامب بأي حال.
كما بيّنت التقييمات الاستخبارية أن المنشأة الواقعة على عمق يُقدّر بـ90 متراً، محصّنة بما يكفي لامتصاص قوة التفجير من الذخائر التقليدية.
فما هي تلك القنبلة؟
- إنها قنبلة GBU-57 E/B، التي تحملها القاذفة الشبح بي 2 سبيريت القادرة على التخفي.
- وتعد تلك القنبلة التي تزن 30 ألف رطل (13607 كلغ)، أقوى قنبلة غير نووية في العالم، والوحيدة القادرة على خرق تحصينات تحت الأرض
- كما أنها موجهة بدقة، وترتبط بقنبلة GBU-43 Massive Ordnance Air Blast المعروفة أحياناً باسم "أمّ القنابل"، وفق فرانس برس.
- كذلك تُعرف أيضًا باسم "القنبلة الخارقة للتحصينات".
إلى ذلك، تعتبر ذات قدرة تدميرية هائلة، بل السلاح الوحيد القادر على تدمير المنشآت النووية الإيرانية المدفونة بعمق تحت الأرض على غرار فوردو، إذ تستطيع اختراق 200 قدم (61 متراً) تحت الأرض قبل الانفجار، بما يختلف ذلك عن الصواريخ أو القنابل التي تنفجر عادة عند أو بالقرب من نقطة الاصطدام.
كما تتمتّع جي بي يو- 57 التي بدأ تصميمها أوائل الألفية الثانية ويبلغ طولها 6.6 متر، بصاعقٍ خاص.
وكانت القوات الجوية الأميركية أكدت عام 2015 أن أن قنبلة MOP "مُصممة لإنجاز مهمات صعبة ومعقدة تتمثل في الوصول إلى أسلحة الدمار الشامل الموجودة في منشآت محمية جيدًا وتدميرها".
أما الطائرة الوحيدة القادرة على إسقاط هذه القنبلة فهي القاذفة الشبح الأميركية B_2، وقد نُشر بعض هذه القاذفات في دييغو غارسيا - القاعدة البريطانية - الأميركية المشتركة بالمحيط الهندي. ويمكن لكل قاذفة بي 2 أن تحمل قنبلتين من طراز "جي بي يو – 57".
وبالتالي بما أن منشأة فوردو تقع على عمق نحو 260 قدماً (ما يقارب 79 متراً) تحت الأرض، فقد يحتاج الأمر إلى طلعة واحدة للقاذفة الشبح، تلقي قنبلتين.
علماً أن تلك الطلعة تتطلب حسب الخبراء سماء صافية، ما يشترط بالتالي "تفوقاً جوياً"، وهو ما أعلنه ترامب بالفعل أمس، كذلك فعل مسؤولو إسرائيل أكثر من مرة مؤكدين أنهم سيطروا على "سماء" إيران.
وقال اللواء المتقاعد راندي مانر، نائب مدير سابق في وكالة DTRA، إن استخدام GBU-57 سيؤخر البرنامج النووي الإيراني، "لكن لفترة لا تتجاوز عاماً.. إنه تأثير تلفزيوني أكثر منه تأثيراً استراتيجياً حاسماً".
أكد التقرير أن تدمير "فوردو" يتطلب تدخلًا أمريكياً مباشراً، لأن إسرائيل ببساطة لا تمتلك القنابل الخارقة للتحصينات ولا الطائرات القادرة على حملها، كقاذفة B2.
وحتى لو فُتح المجال الجوي، فإن العملية تتطلب شلّ الدفاعات الإيرانية المتطورة، وتعطيل أنظمة تشويش الـGPS بدقة، وهو تحدٍّ معقد عسكرياً.
محاولات إسرائيل السابقة لاقتراح هجوم كوماندوز على المنشأة لم تنجح في إقناع واشنطن، وتم رفضها من قِبل ترامب شخصياً، وفقاً لمصادر مطلعة تحدثت للصحيفة.
تواجه إدارة ترامب معضلة استراتيجية: التصعيد العسكري قد يفتح أبواب حرب شاملة في الشرق الأوسط، بينما اللامبالاة قد تُضعف مصداقية واشنطن أمام الحلفاء، خصوصاً تل أبيب، التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا.
وفي ظل عدم وجود خيار مضمون يدمّر فوردو بالكامل، يفضل ترامب حتى الآن المراهنة على "الردع بالكلام لا بالقنابل".