في وقت يعاني فيه أطفال قطاع غزة وذووهم من أوضاع إنسانية مأساوية، مع نقص حاد في الغذاء وتلوث متزايد للمياه، تستمر الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من 20 شهرًا في تفاقم معاناة السكان، إذ يكافح الفلسطينيون لتأمين وجبة طعام يومية واحدة لأطفالهم.
في مقابلة مع وكالة الأناضول، وصف جيمس إلدر، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الوضع في القطاع المحاصر والمستهدف بالقول: "تدخل إلى قطاع غزة كميات من القنابل والصواريخ تفوق بكثير ما يدخل من الأغذية."
وحذر إلدر، الذي يتواجد في خانيونس جنوب القطاع ضمن مهمة رسمية، من تفاقم الأزمة الإنسانية التي وصفها بأنها "قاتمة، مروعة، ومحطمة للآمال"، مشيرًا إلى أن الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم بسبب الحصار المستمر والهجمات الإسرائيلية.
أشار إلدر إلى أن الآمال التي برزت عقب إعلان هدنة في يناير 2025 تحسنت جزئيًا مع دخول بعض المساعدات وتحسن محدود في إمدادات المياه والغذاء، لكنه أكد أن هذه الحالة لم تدم طويلًا مع استمرار الحصار الكارثي.
وقال "سكان غزة يعيشون ليالي قاسية تحت القصف ويقضون أيامهم وهم يفرون من الجوع والانفجارات. كل قدرة على التحمل تحطمت كليًا."
وذكر أن العالم يركز فقط على الجرحى والمساعدات، متجاهلاً العبء النفسي الهائل والعائلات التي تضطر للنزوح مرات عديدة بعد فقدان كل شيء.
وأكد أن آلاف العائلات تقيم في خيام منذ ستة أشهر تحت نيران الدبابات، ويُجبرون الآن على الانتقال مرة أخرى، فيما يستمر هذا المشهد المأساوي لأكثر من 600 يوم.
أكد إلدر أن الأمهات يقضين يومين بدون طعام ليؤمنّ وجبة واحدة لأطفالهن، مع صعوبة تقدير أعداد الأطفال الذين يموتون جوعًا يوميًا أو أسبوعيًا في هذه الظروف.
وحذر من أن سوء التغذية الحاد يزيد احتمال وفاة الطفل بسبب أمراض بسيطة إلى 10 أضعاف، موضحًا أن "نقص الغذاء، تلوث المياه، وانعدام الرعاية الصحية الأساسية، يشكلون الحلقة المميتة التي تقتل الأطفال."
كما أشار إلى أن المستشفيات في القطاع لا توفر المستلزمات الطبية الأساسية، في ظل استهداف المنظومة الصحية الإسرائيلية المستمر منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.
أكد إلدر أن الطعام المتوفر لا يكفي، حيث تصل المساعدات الإنسانية بنسبة لا تتجاوز 10% من الحاجة الحقيقية.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها الفلسطينيين أنشأوا خلال فترة وقف إطلاق النار 400 نقطة توزيع للمساعدات، ما ساعد في إيصالها بفعالية إلى المحتاجين، لكن كل ذلك يظل غير كافٍ أمام حجم المعاناة.
وتُدين الأمم المتحدة بشدة سياسة الحصار التي تمارسها إسرائيل، والتي دفعت نحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة إلى حافة الجوع، إثر إغلاق المعابر بالكامل أمام دخول المساعدات الإنسانية منذ 2 مارس 2025، خصوصًا المواد الغذائية، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
في 19 مايو، أعلنت سلطات الاحتلال استئناف إدخال مساعدات إنسانية بشروطها، مع استبعاد وكالة الأونروا ومنظمة الأمم المتحدة بشكل عام، حيث توزع المواد الغذائية الشحيحة عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أميركيًا في مناطق عازلة وسط وجنوب القطاع، وسط فوضى أمنية وقصف يومي يُسقط المزيد من الضحايا.
وحذر فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا، من أن آلية المساعدات الأميركية لن تعالج تفاقم الجوع، مضيفًا: "لا يمكن أن تصبح ألعاب الجوع المرعبة واقعًا جديدًا."