تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عملية توظيف ملف جثامين الشهداء كأداة سياسية من جانب، وعقابية لعائلات الشهداء من ناحية أخرى، في مخالفة جلية للقانون الدولي.
ومؤخراً أعلن الاحتلال عن رفضه تسليم جثامين خمسة شهداء من أصل 12 ارتقوا خلال القصف الذي استهدف نفق المقاومة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
ورهن الاحتلال تسليم الجثامين، مقابل الحصول على معلومات عن جنوده الأسرى لدى المقاومة، وهو ما عدّه مختصون في الشأن القانوني "اختراقاً ومخالفاً لنص اتفاقية جنيف".
نائب رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان جبر وشاح، عدّ عملية احتجاز جثامين الشهداء بأنها "تفتقد للضمير الإنساني، وعدم المبالاة بالأطر القانونية الناظمة لمثل هذه الحالات".
وأوضح في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن القانون الدولي يحث على ضرورة إطلاق سراح جثامين الشهداء، مشيراً إلى أن استخدامها للابتزاز السياسي والمقايضة "أمر مخالف للاتفاقيات الدولية، والقواعد الأخلاقية".
وشدد على ضرورة أن تقوم منظمات حقوق الإنسان بالعمل على استرداد كافة الجثامين الجديدة والقديمة، مشيراً إلى أن وسائل الضغط نجحت باسترداد بعض الجثامين ولا زال العمل جاريا على استرداد باقي الجثامين، وفق قوله.
وتنص المادة (17) من اتفاقية جنيف الأولى للعام 1949، على أن "يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس من المناطق المحاصرة أو المطوقة، ولمرور رجال جميع الأديان، وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية إلى هذه المناطق".
مقابر الأرقام
أما الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي محمد صيام، فقد عدّ سياسة احتجاز جثامين الشهداء الخمسة "مخالفة للقانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، التي أكدت على ضرورة دفن الشهداء بما يتناسب مع ثقافتهم الدينية.
وأشار في حديث لصحيفة "فلسطين"، إلى أن هذه السياسة ليست جديدة على سلطات الاحتلال، إذ تحتجز 268 شهيداً في مقابر الأرقام منذ عقود طويلة، دون الإفراج عنهم لدفنهم في الأراضي الفلسطينية.
وقال إنه "وفق القانون لا تملك سلطات الاحتلال حق احتجاز جثامين الشهداء، من أجل المقايضة والحصول على معلومات لها".
وسبق لقوات الاحتلال أن منعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوصول إلى جثامين الشهداء خلال عمليات الإنقاذ والبحث عنهم بعد قصف النفق، وهو ما اعتبره صيام انتهاكا لعمل المؤسسات الدولية التي تملك الحصانة القانونية لممارسة عملها القانوني داخل الأراضي الفلسطينية.
وهو ما أيّده القانوني وشاح، وعدهُ "خرقا فاضحا للقواعد والبروتوكول" الذي يعمل بموجبه الصليب الأحمر في الأراضي الفلسطينية، موضحاً أن الصليب الأحمر مهمته الأولى تقديم المساعدات الإنسانية للأماكن المنكوبة والواقعة تحت الاحتلال، ومن بينها فلسطين، وتتمتع بحصانة دولية لممارسة هذا الدور.
وكان وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، صرّح بأنه سيعمل على منع عودة جثامين شهداء نفق خانيونس، قائلاً "نحن على استعداد لإجراء حوار والمساومة لإعادة الجثث إلى قطاع غزة".
وعلّق وشاح على هذه التصريحات، بأنها تأتي في إطار "الابتزاز السياسي الرخيص ومحاولة فرض قواعد جديدة"، مشيراً إلى أن ليبرمان ومن حوله، لا يألون جهداً في خرق القانون الدولي الإنساني، والقواعد الأخلاقية سواء في الحرب أو السلم.
وتوثق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، احتجاز سلطات الاحتلال لـ157 شهيدا، بينما يقر الاحتلال في مراسلات مع محامي الحملة بوجود 119 جثمانا فقط.