قائمة الموقع

​تغيير الاسم حلٌّ جذريٌّ لمن لم يتصالح معه

2017-11-05T09:09:16+02:00

يمثّل الاسم هوية لشخصية صاحبه، يلازمه منذ ولادته، وربما يؤثر في بناء شخصيته وعلاقاته الاجتماعية، الأمر الذي يجعل اختياره مهمة صعبة على الآباء، ولكن ماذا إن لم يرُق الاسم لحامله عندما يكبر؟ ربما يقبل به مرغما، أو يقرر أن يتصالح معه، ومن المحتمل أن يلجأ لخيار ثالث، وهو تغيير الاسم..

خوفا على والدها

"إيمان التتر" بدأت حياتها مع هذا الاسم عندما كانت في المرحلة الجامعية، وقد كانت سابقا "هيلانة"، على اسم والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير؛ الاسم الذي لفت انتباه والدتها عندما كانت في جولة للأماكن الدينية الأثرية.

تقول التتر لـ"فلسطين": "عندما علمت بمدى خطورة اختيار الاسم الخطأ على والدي، قررت أن أغيره، لكن المحكمة رفضت طلبي، وقرنت التغيير بزواجي، أي لأجل لا يعلم بموعده سوى الله، الأمر الذي جعلني أرضخ رغما عني".

وأضافت: "ذات مرّة، زرت طبيبا لاستشارة طبية، فاستنكر اسمي، وقال إنه مُحرّم كوني مسلمة ولا يدل على شخصيتي، فشطبه من أوراق المعاينة واختار لي اسم (إيمان)، وهنا بدأت حياتي الجديدة بصحبته".

وتابعت: "هذا الطبيب كان سببا في إزالة الهم الذي كنت أحمله، فأنا ما زلت لا أريد العقاب لوالدي، وأرشدني لمحام قادر على مساعدتي، وبالفعّل سهّل لي إجراءات تغيير اسمي من هيلانة إلى إيمان".

المريضة الرابعة!

ثلاث فتيات من نفس العائلة، تحملن الاسم ذاته، قُدّر لهن أن تُصبنَ بمرضٍ عقلي لا علاج له، ما جعل اسمهن نذير شؤم في العائلة، ومع ذلك أوصى قريب لهن، قبل وفاته، بتسمية حفيدته المُنتَظرة بالاسم ذاته، حملت الحفيدة الاسم في الأوراق الرسمية فقط، بينما يعرفها الآخرون باسم "مها"، ونتحفظ على ذكر الاسم لرغبة صاحبته بذلك.

والدة مها عاشت فترة حملها بين نارين، هل تطبق الوصية فتكون ابنتها الحالة المرضية الرابعة؟ أم تمتنع عن تطبيقها فتؤثم؟، هذا ما أخذه إليها تفكيرها، إلى أن وجدت حلّا وسطا، وهو تنفيذ الوصية في الأوراق الرسمية فقط، ومناداتها باسم آخر عرفه بها الجميع.

طوال حياتها، أخفت الفتاة اسمها الحقيقي عن الجميع، لكنها كانت في خوف دائم من انكشاف السر، ولمّا حان موعد زواجها، قررت أن تخرج من تلك الدوامة، فغيّرت اسمها في الأوراق الثبوتية، وهو ما رافقه تغيير في مختلف جوانب حياتها بسبب الراحة النفسية الناجمة عن التغيير.

"السبع الضبع"

كأي أم، بحثت "أم يزن المغربي" عن اسم مميز لابنها الأول، لكن كل اختياراتها ضاعت سدى عندما قرر زوجها تسمية ابنه باسم أبيه "سبع" برًّا به.

مرت الأيام، وجاء موعد التحاق "سبع" بروضة الأطفال، ففرح الأهل لذلك لكنهم لم يعلموا أن معاناة ابنهم ستبدأ عند دخوله بوابة الروضة.

وقالت لـ"فلسطين": "كان ابني يرجع من روضته حزينا لا يريد العودة لها ثانية؛ بسبب السخرية التي يجدها من زملائه، فقد كانوا يطلقون عليه (السبع الضبع)".

وأضافت: "رغم ما كان يعانيه سبع في طفولته إلا أن والده لم يقتنع بتغير اسمه، إلى ازدادت حالته سوءا عندما دخل المدرسة، وأصبح يتشاجر بشكل يومي مع زملائه، مما اضطرني لأخذ قرار تغير الاسم بنفسي، فوافق زوجي لقراري وبدأ بإجراء معاملات تغير الأوراق الثبوتية في المحكمة"، لافتة إلى أن التغيير كلّفها مبلغ 500 شيكل، دفعتها لأجل ضحكة ابنها وراحته على حد قولها

وتركت اختيار الاسم الجديد لنجلها الذي كان يردد اسم "يزن" ولا يقبل مُناداته بغيره، وكان اسمه الجديد سببا في تغير حياته، بحسب والدته.

الإجراءات اللازمة

وفي السياق ذاته، قال المدير العام للأحوال المدنية بغزة أحمد الحليمي إن إجراءات تغيير الأسماء تنقسم إلى قسمين، الأول للأطفال دون خمس سنوات، فهؤلاء لا يحتاج تغيير اسمهم إجراءات قانونية كمن يزيد عمرهم عن ذلك.

وأضاف لـ"فلسطين": "من يزيد عن خمس سنوات ولكنه قاصر يتم تغيير اسمه إذا رفع ولي أمره طلبا لمحكمة الصلح، أما إذا كان صاحب الاسم غير قاصر، فإنه يرفع الطلب بنفسه وتستمع المحكمة لشهادته وتستفسر عن أسباب التغيير، وإن وافقت المحكمة على التغيير، فإن إدارة الاحوال المدنية تعتمد القرار".

وتابع: "ليس في القانون الفلسطيني ضوابط لتسمية الأبناء، الأمر الذي جعلنا نشاهد الكثير من الأسماء الغريبة والمركبة"، لافتا إلى أن إدارة الأحوار المدنية تقدّم النصائح اللازمة للمواطنين وتعرّفهم بالانعكاسات السلبية للأسماء غير المُحببة على شخصية الطفل".

وبحسب الحليمي، فإن 90% من الأسماء المركبة يتم تغييرها بعد فترة قصيرة لا تصل ستة أشهر من إطلاقها، مفسّرا ذلك بأنها "تشكّل عبئا على أصحابها وذويهم"، أو لأنها كانت مرتبطة بحدث ما أو مصلحة مادية، كتسمية الطفل باسم شخصية مشهورة أو شركة.

وعن إجراءات تغيير الاسم، أوضح الحليمي أنها تتم في وقت قصير، إلا في حالات خاصة كاعتراض النيابة على التغيير لعدم توافق الأسباب المقدمة مع القانون العام، أو بسبب كشف المحكمة ملابسات تتعلق بصاحب الاسم كوجود شبهة من جنح أو مخالفات أو حالات نصب بحيث يكون هدفه من التغيير الهروب من البلاد.

وبيّن أن التغيير مُتاح لمرة واحدة فقط، وفي حال كرر الشخص طلب التغيير، فإن المحكمة ترفض البت في طلبه.

ولفت إلى أن طلبات تغيير الأسماء كثيرة، وتصل إدارته بشكل يومي.

النظر للمستقبل

من جهته، قال المختص الاجتماعي د. درداح الشاعر إن الاختيار الخاطئ من الأهالي لأسماء أبنائهم، يضطر الأبناء لتغييرها لإنهاء المشاكل التي تواجههم في الحياة.

وأضاف لـ"فلسطين": "عند اختيار اسم الابن، ينبغي النظر في تأثير الاسم عليه مستقبلا، وما إذا كان سيسبب له المشاكل في محيطه الاجتماعي، وكذلك أن يكون اسما جميلا لأن الاسم الحسن له تأثير على نفسية صاحبه، ويمنحه شعورا بالرضا والسعادة".

وبحسب الشاعر، فليس من السهل لمن يغيّر اسمه التأقلم مع اسمه الجديد إن كانت شخصيته منغلقة، وقد لا تتقبله قبل البيئة المحيطة، مما يؤثر عليه سلبا.

اخبار ذات صلة