يهدد نقص الحضانات في قطاع غزة، حياة الأطفال الخدج وحديثي الولادة، ويطال النقص الحاد أيضًا الحليب العلاجي وإبر الرئتين (سيرفاكتنت) والعديد من الأدوية اللازمة، فضلا عن انعدام أجهزة التنفس الصناعي، ويحدث ذلك، في وقت تتزايد فيه معدلات الولادة المبكرة للنساء الحوامل بسبب ظروف حرب الإبادة وسوء التغذية، مما يزيد الضغط على أقسام الحضانة.
ولا تزيد عدد الحضانات على مستوى القطاع عن 80 حضانة أطفال منها نحو 20 حضانة على مستوى مدينة غزة وشمال القطاع بالرغم من عودة النازحين وتركز الأهالي في مركز المدينة والبقية تتواجد في مستشفيات جنوب القطاع، فيما كانت أعدادها قبل الحرب تزيد عن 167 حضانة، وكانت مستشفى الشفاء تضم قسم الحضانة الأكبر على مستوى فلسطين ويضم 65 حضانة قبل أن يدمرها الاحتلال بالكامل مع تدمير المشفى.
داخل قسم الحضانة بمستشفى الصحابة بمدينة غزة تراقب طبيبة الحضانة ميرفانا مودد أطفال خدج منومين في خمس حضانات فقط كل ما يضمها القسم، وهو واحد من ثلاثة أقسام حضانة الموجودة حاليا بمدينة غزة وشمال القطاع، والأقسام الأخرى موجودة بمستشفى أصدقاء المريض، فيما جرى مؤخرا إعادة افتتاح قسم الحضانة بمستشفى "الرنتيسي" ويضم 12حضانة.
ظروف صحية صعبة
في إحدى الحضانات، ينبض قلب طفلة بالحياة، وهي تقاوم ظروفًا صحية صعبة، بالرغم من وجود الطفلة ذات العمر 29 أسبوعًا داخل الحضانة فلا زال ذلك غير كافيا مع نقص الأدوية وأجهزة التنفس والحضانة، فوزن الطفلة لا يتجاوز كيلو و400 غرام، وتعاني من ثقب بالقلب بدرجة متوسطة إلى شديدة، وتحتاج لأن توضع على جهاز تنفس صناعي فضلا عن افتقارها للحليب العلاجي، ما يجعل حياة الطفل مهددة بشكل كبير وفي أي لحظة.
الكثير من الأطفال قبلها واجهوا نفس المصير وتوفوا بسبب نفس الأسباب، فشهريًا يسجل هذا القسم وفاة نحو 5 أطفال، نتيجة عدم توفر الأدوية والحليب العلاجي وأجهزة التنفس، في حين سجلت وزارة الصحة بغزة وفاة 323 طفل خداج خلال عام 2024، وهذا رقم مرتفع مقارنة بما كان الحال عليه قبل الحرب على غزة.
وبالرغم من قلة عدد الحضانات داخل القسم، إلا أن الطفل المكتوب على بطاقته ابن صابرين دبو وولد في أسبوعه التاسع والعشرين يتواجد بالحضانة منذ خمسة أسابيع، ولا يستطيع الطاقم إخراجه لعدم تحسن حالته، إذ يعاني من عدم اكتمال الرئتين. تحسن نمو وزنه قليلا من كيلو و200 جرام لحظة الولادة إلى 1،5 كيلو جرام، وينتظر الطاقم بلوغه وزن اثني كيلو جرام لإخراجه مع اكتمال نمو الرئتين، مما يفاقم حالته انعدام إبرة "السيرفاكتنت".
وتشرح الطبيبة مودد حالته وهي تقف أمام حضانته: "لم يتقبل الحليب الصناعي الخاص بالأطفال كاملي النمو، لعدم توفر الحليب العلاج، ويتقيأ الحليب، وبصعوبة فائقة استطاع الأهل توفير الحليب العلاجي، لكن اتضح وجود مشكلة بالقلب. سرنا معهم منذ أكثر من شهر على بروتوكول علاجي. كنا قبل الحرب نضعه على جهاز تنفس صناعي وتتحسن حالته وتكون فرصته بالحياة كبيرة".
وتقول مودد لصحيفة "فلسطين": "نستقبل الطفل حديث الولادة على جهاز الاستقبال ويمكث أربع ساعات، ونقرر إن كان يحتاج حاضنة أم لا. القسم لدينا مكتظ لأنه يوجد فقط خمس حضانات وجهاز لنقل الأطفال، والأخير أصبحنا نستعمله كحاضنة، وأحيانا نضطر لوضع طفلين على حاضنة واحدة، ولا يحدث عزل للأطفال مما يهدد بانتقال العدوى".
وتؤكد وجود عجز بأجهزة التنفس، وأضافت: "نتعامل بالأكسجين بالمرحلة الأولى والثانية، وأحيانا يحتاج ثلاثة أطفال خدج للجهاز المتوفر، فنضطر انتظار تحسن حالة طفل منهم لوضع طفل آخر".
فرص ضعيفة
أمام هذا الواقع الصعب للأطفال الخدج، تصبح فرص الحياة ضعيفة، وفق الطبيبة، وتتابع: "عندما يتجاوز الطفل 30 أسبوعا يكون شيئا جيدا، لأن فرص الحياة للأطفال الخدج بعمر 28 -29 أسبوعا ضعيفة".
بدوره، قال رئيس تمريض قسم الحضانة بالمشفى حازم مقاط، إنه، وبسبب النقص الكبير تضطر إدارة الحاضنة إخراج عدد من الحالات لعدم توفر حضانات، أو بوضع طفلين على حضانة واحدة، الأمر الذي يؤثر على حياة الأطفال الخدج نتيجة عدم توفر أماكن أخرى.
وأكد مقاط لصحيفة "فلسطين" أن هناك ارتفاعا في نسبة المواليد في المقابل هناك عدد قليل من الحضانات، موضحا، أن الظروف الحالية وسوء التغذية وظروف الحرب أدى لزيادة معدلات المواليد حديثي الولادة ومنخفضي الوزن، ويعانون من اضطرابات حادة بالجهاز التنفسي، مما يستدعي وجود أجهزة تنفس وأجهزة حضانات، تناسب هذا النوع من الأطفال وهذا للأسف قليل جدا.
وحول انعكاس نقص الحضانات على حياة الأطفال الخدج، أوضح أنهم يعانون من نقص شديد في المناعة واضطراب بالجهاز التنفسي وانخفاض في الحرارة، وهذا يلزمه جهاز حضانة مناسب بحرارة معينة، وفي حال عدم وجودها يؤدي للوفاة.
وأشار إلى أزمة يعاني منها القسم وتتمثل بعدم وجود محطة توليد أكسجين، بالتالي يقوم القسم بتعبئة اسطوانات مما يشكل عبئا كبيرا، في ظل عدم وجود طرق صالحة للنقل.
وبشأن الحليب العلاجي وبدائله، أكد أن الحليب العلاج مفقود بغزة خاصة للأطفال الخدج، لأن الطفل هنا يحتاج لحليب بتركيز مرتفع بالنسبة لسعراته الحرارية، وانعدام الحليب أدى للاعتماد على الحليب العادي الذي يستخدمه الأطفال كاملي النمو، مما يؤثر على الخدج من ناحية الهضم والسعرات ويؤدي لمضاعفات كبيرة، تؤدي لعدم زيادة الوزن ومشاكل بالهضم وأمراض بالجهاز الهضمي الذي تؤدي أيضا للوفاة.
في الأشهر الثلاثة الأولى من العام استقبل القسم 406 أطفال من حديثي الولادة، بينهم 56 حالة أقل من معدل الوزن الطبيعي، فيما سجل القسم وفاة 9 أطفال خلال تلك المدة,