قضت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، بأن قرار الحكومة بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، قد اتُّخذ بصورة غير قانونية، مشيرة إلى تضارب مصالح لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وانتهاك الإجراءات المطلوبة في مثل هذه القرارات الحساسة.
وجاء الحكم بعد أن ثبت للمحكمة أن الحكومة لم تعرض القرار على اللجنة الاستشارية المختصة بتعيين كبار المسؤولين، كما أن نتنياهو شارك في اتخاذ القرار رغم التحقيقات الجارية في ملفات تتعلق بمقربين منه، ما اعتُبر مسًّا باستقلالية الجهاز الأمني.
وأوضحت المحكمة أن القرار شابه غياب الأسس الواقعية، ولم تُعقد جلسة استماع قانونية لرئيس الشاباك، ما يُعد مخالفة للإجراءات الجوهرية المنصوص عليها في القانون.
وفي أعقاب الحكم، شددت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، على ضرورة امتناع نتنياهو عن اتخاذ أي إجراء لتعيين خلف لبار حتى استكمال تعليمات قانونية تضمن نزاهة الإجراءات، مؤكدة أن التعليمات ستُستكمل خلال أيام.
ورغم أن الحكومة تراجعت عن قرار الإقالة بعد إعلان بار عزمه على إنهاء مهامه في يونيو/حزيران 2025، شددت المحكمة على أن صدور حكم نهائي في المسألة ضروري لـتحصين المنصب من الضغوط السياسية مستقبلاً، لا سيما بعد إعلان بار رغبته في حماية استقلالية الجهاز وخلفه المحتمل.
وجاء القرار بإجماع هيئة من ثلاثة قضاة، وهم رئيس المحكمة يتسحاق عميت، والقاضية دافنا باراك إيرز، فيما قدم القاضي نوعم سولبرغ رأيًا مخالفًا، رغم توقيعه على القرار.
وأكدت المحكمة أن رئاسة الشاباك ليست منصب "ثقة شخصية" بين رئيس الحكومة والمسؤول الأمني، بل يتطلب اختيارًا قائمًا على الكفاءة المهنية والأداء وليس الولاءات السياسية. ولفتت إلى أن فقدان الثقة لا يُعد مبررًا للإقالة إلا إذا استند إلى وقائع محددة.
في المقابل، شدد القاضي سولبرغ على وجود "توتر بنيوي" بين خضوع الجهاز لسلطة الحكومة وضرورة استقلاله المهني، معتبرًا أن قرارات كهذه تقع ضمن صلاحيات الحكومة، لكنها تتطلب ضوابط واضحة ومنظمة.
وكان رونين بار قد أعلن في 28 أبريل/نيسان الماضي نيته إنهاء مهامه منتصف يونيو/حزيران 2025، محملاً نفسه جزءًا من المسؤولية عن الإخفاقات الأمنية التي سبقت هجوم 7 أكتوبر.
من جهته، هاجم وزير القضاء ونائب رئيس الحكومة، ياريف ليفين، قرار المحكمة، واعتبر أن "الرد الوحيد على هذا الانفلات غير المنضبط هو تعيين رئيس جديد للشاباك ومفوض جديد لخدمات الدولة دون تأخير"، في لهجة تعكس تصاعد التوتر بين السلطتين القضائية والتنفيذية.
ويُعد الحكم ضربة جديدة لحكومة نتنياهو، التي تواجه انتقادات داخلية وخارجية متزايدة بشأن استغلال النفوذ وتسييس التعيينات الأمنية، في وقت تشهد فيه إسرائيل أزمة سياسية وأمنية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على غزة.

