قائمة الموقع

حصار ناعم وجوع مُهندس.. ماذا نعرف عن خطة عمل "مؤسسة غزة" ورئيسها ديفيد بيزلي؟

2025-05-09T20:18:00+03:00
حصار ناعم وجوع مُهندس.. ماذا نعرف عن "مؤسسة غزة" ورئيسها ديفيد بيزلي؟

يتزايد الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن خطة أمريكية-إسرائيلية مشتركة، ظاهرها "إدخال مساعدات إنسانية محدودة" إلى قطاع غزة، وباطنها إعادة إنتاج الحصار المفروض على أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.

بحسب معلومات مسربة، تسعى الخطة إلى تقنين سياسة التجويع تحت مسميات إنسانية جذابة، وإخراجها في قالب أكثر "نظافة" إعلاميًا، وذلك عبر إشراف مؤسسات دولية خاصة، تتولى توزيع الغذاء والدواء بآليات جديدة، لكنها تخفي في جوهرها مشروعًا لإخضاع السكان وإنهاكهم، تمهيدًا لاقتلاعهم وتهجيرهم.

وبحسب تقارير، تستعد مجموعة مدعومة من الولايات المتحدة للإشراف على استلام وتوزيع المساعدات على الفلسطينيين في قطاع غزة، بالتنسيق مع مكتب تنسيق المساعدات التابع للحكومة الإسرائيلية، في أربعة مسارات إنسانية تم التوافق على ثلاثة منها.

وستستخدم "المنظمة "مؤسسة غزة الخيرية" الأمريكية التي ستتولى الخطة لتوزيع المساعدات، شركات إغاثية تعمل في قطاع غزة، من أجل حصول الفلسطينيين على وجبة واحدة تحتوي على 1750 سعرة حرارية.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد عرض المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المبادرة التي تهدف إلى إعادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر بنية لوجستية في مواقع خطيرة قريبة من تواجد جنود الاحتلال الإسرائيلي.

مراكز توزيع ومدرعات إنسانية!

الخطة، التي يُفترض أن تديرها مؤسسة "غزة الإنسانية" (Gaza Humanitarian Foundation - GHF)، تنص على إنشاء 4 مراكز توزيع آمنة (SDS) مخصصة لتقديم وجبات جاهزة، أدوات نظافة، ومستلزمات طبية، بداية لـ 1.2 مليون شخص، مع إمكانية التوسع لاحقًا لتغطية أكثر من مليوني نسمة.

كل وجبة ستُقدَّم بتكلفة 1.31 دولار، وتشمل التغليف والنقل، وتُسلم عبر مركبات مصفحة وشبكات لوجستية مشفّرة، في مشهد إنساني مُبهم، تدّعي فيه المؤسسة غياب الجيش الإسرائيلي عن مواقع التوزيع، رغم التنسيق الكامل مع الاحتلال وتغطية عملياته البرية المستمرة.

ما آلية عمل "مؤسسة غزة الخيرية" في توزيع المساعدات؟

بحسب الوثيقة، ستنشئ مؤسسة غزة الخيرية أربعة مواقع توزيع جنوب قطاع غزة، يخدم كل منها 300 ألف شخص.

ستُوفّر هذه المواقع الغذاء والماء ومستلزمات النظافة (وربما الوقود)، مع خطط للتوسّع للوصول إلى أكثر من مليوني شخص في جميع أنحاء غزة.

بحسب مصادر لـمنصة "عربي بوست"، جرى التوافق بين جيش الاحتلال و"مؤسسة غزة الخيرية" على ثلاث نقاط توزيع: الأولى في محور موراج، الثانية في منطقة كيسوفيم، والثالثة في منطقة نتساريم الجنوبية.

لم يتم التوافق بشأن النقطة الرابعة التي اقترحتها مؤسسة غزة الخيرية في منطقة الشجاعية، لأن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى تهجير سكان مدينة غزة وشمالها إلى الجنوب.

بحسب صحيفة "لو تان" السويسرية، فإن الخطة الإسرائيلية الأوسع لن تسمح إلا بدخول 60 شاحنة مساعدات يومياً (خلال الهدنة كان يدخل 600 شاحنة يومياً).

ستتحرك الإمدادات عبر الممرات الإنسانية الأربعة باستخدام مركبات مدرعة، محمية من الشركات الأمنية الخاصة، بمن فيهم أفراد سبق لهم تأمين ممر نتساريم خلال وقف إطلاق النار الأخير، ومهامهم بحسب الوثيقة: ردع الشبكات الإجرامية أو الجماعات المسلحة الأخرى.

من هم الشخصيات التي تدير المؤسسة؟

  • الطاقم التنفيذي: وجوه من الأمن والسياسة
  • يتولى إدارة GHF شخصيات ذات خلفيات أمنية وسياسية، أبرزهم:
  • ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي، والمعروف بصلاته الوثيقة بـ"إسرائيل" وولائه السياسي لإدارة ترامب.
  • نيت موك، الرئيس السابق لمنظمة World Central Kitchen.
  • جيك وود، المدير التنفيذي لفريق Team Rubicon للإغاثة الطارئة.
  • جون أكري وديفيد بيرك، المسؤولان الميدانيان في عمليات التوزيع.
  • إلى جانب مستشارين كبار مثل مايك هاكابي وبيزلي، وكلاهما من أشد المؤيدين لسياسات الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول المؤسسة إنها تعتمد على أنظمة رقابة دقيقة وشراكات مالية مع بنوك مثل JP Morgan وTruist، وتخضع لتدقيق خارجي من شركات عالمية.

من هو ديفيد بيزلي؟

ديفيد بيزلي (1957)، سياسي أمريكي جمهوري شغل منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية (1995-1999)، ثم قاد برنامج الأغذية العالمي حتى عام 2023. عرف عنه دعمه القوي لإسرائيل، وعلاقته الوثيقة بالسفير الأميركي مايك هاكابي. خضع مؤخرًا لتحقيقات بتهم فساد خلال رئاسته لصندوق المصالح الوطنية الأرمينية، ويُتهم حاليًا بقيادة مشروع لإعادة إنتاج الحصار على غزة باسم "العمل الإنساني".


 

طعام مقابل الخضوع

يؤكد مراقبون أن الخطة لا تحمل أي طابع إنساني حقيقي، بل هي جزء من هندسة سياسية تهدف إلى تحويل الطعام إلى أداة للسيطرة والقهر، واستخدام الحاجات الأساسية – الماء، الغذاء، الدواء – كوسيلة لإخضاع سكان القطاع، والتمهيد لاقتلاعهم ضمن سيناريو تهجير قسري صامت.

وتأتي هذه الخطط في وقت يتصاعد فيه الجدل داخل الأوساط الأميركية حول فشل خيارات الضغط العسكري لتحرير المحتجزين، ما يدفع إدارة ترامب للبحث عن حلول "ناعمة" لفرض السيطرة وكسب الوقت لصالح الاحتلال، خصوصًا قبيل استحقاقات سياسية داخلية.

ما موقف المؤسسات الإغاثية الأممية من الخطة؟

قال مسؤول في الأمم المتحدة إن خطط إسرائيل من شأنها أن "تستخدم المساعدات كسلاح" من خلال فرض قيود على من يحق له الحصول عليها، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

كما انتقد عمال الإغاثة هذه الخطط، التي ستُركّز التوزيع في أربعة مراكز تحت حماية شركات أمنية خاصة، ويقولون إن هذه الخطط لا يمكنها بأي حال من الأحوال تلبية احتياجات سكان غزة، وأنها ستجبر أعداداً كبيرة على النزوح من خلال دفعهم إلى الانتقال إلى أماكن أقرب إلى مراكز الإغاثة.

ويقول عمال الإغاثة إن إسرائيل أعلنت عزمها على فحص متلقي المساعدات باستخدام تقنية التعرف على الوجوه.

أثار استخدام شركات الأمن الخاصة قلق العاملين في المجال الإنساني، وفي حين أن من الشائع أن تعمل شركات الأمن الخاصة في مناطق النزاع، إلا أنها مُلزمة باحترام القانون الإنساني، وأن تخضع على الأقل للتدقيق والمراقبة الكاملة، وفقاً لجيمي ويليامسون، المدير التنفيذي للرابطة الدولية لمدونة قواعد السلوك.

قالت تمارا الرفاعي، مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي قادت جهود الإغاثة إلى غزة، إن الخطة غير قابلة للتنفيذ من الناحية اللوجستية.

أضافت الرفاعي أن استخدام الدول للحصار الكامل كتكتيك حرب لإجبار الدول على التخلي عن "هياكل المساعدات القائمة والنظام الدولي بأكمله الموجود والمعترف به والبدء في إنشاء نظام جديد" يُعد "سابقة خطيرة للغاية".

اخبار ذات صلة