كانت بلدة سنجل شمال محافظة رام الله، في الثاني والعشرين من أبريل، على موعد مع وداع الشاب وائل غفري، الذي استُشهد خلال محاولة الأهالي صدّ المستوطنين الإسرائيليين عن السيطرة على الجهة الجنوبية من البلدة، في إطار سعيهم لاستكمال عزلها عن محيطها الفلسطيني.
وبينما فقد غفري حياته دفاعًا عن أرض سنجل، فإن المواطن أحمد الزبن فقد بيته، كما يبيّن لصحيفة "فلسطين". ففي الثالث والعشرين من أبريل الماضي، كانت البلدة تشهد هجومًا من المستوطنين عليها، حينما أفاق الزبن على صوت القنابل التي أطلقوها تجاه بيوت البلدة.
يقول: "خرجتُ مسرعًا أنا وعائلتي من المنزل خشية أن تصيبنا القنابل. ابتعدتُ عن المنزل قليلًا إلى أن هدأت أصوات المستوطنين، وأدركت أنهم قد رحلوا".
وكانت الصدمة الكبرى بالنسبة للزبن حين عاد إلى منزله فوجده قد احترق بالكامل جرّاء إطلاق المستوطنين للقنابل عليه، فدخل في حالة من الانهيار، إذ إن المنزل هو "تحويشة عمره".
فأهالي سنجل خاضوا مؤخرًا معركة صعبة مع المستوطنين، الذين حاولوا إقامة بؤرة استيطانية جنوب البلدة، في الموقع الأثري الجميل المسمى "خربة التل"، والذي أصبح المتنفس الوحيد لأهالي البلدة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، وتضييق الاحتلال على المواطنين، ومنعهم من التحرك في الجهات الشرقية والغربية والشمالية منها، وفق ما يبيّن رئيس المجلس البلدي معتز طوافشة لـ"فلسطين".
ويشير طوافشة إلى إصرار الأهالي على دحر المستوطنين من تلك البؤرة، لأن سيطرتهم على هذه المنطقة ستعني خنق البلدة من جميع الجهات. لكن قطعان المستوطنين لم يتوقفوا عن محاولاتهم للسيطرة على الجهة الجنوبية، فواصلوا الاعتداءات الجسدية على المواطنين، وسرقة ممتلكاتهم، خاصة الماشية، إضافة إلى حرق البيوت.
ويلفت طوافشة إلى أن هذه المحاولات تأتي في إطار إحكام السيطرة على البلدة، إذ منع الاحتلال المواطنين منذ بداية الحرب من الدخول إلى ثمانية آلاف دونم مصنّفة (ج) شمال البلدة، وتقوم قواته بالاعتداء بالضرب المبرح والاعتقال على أي مواطن يحاول دخول أرضه، متذرعة بأنها "منطقة أمنية مغلقة" بموجب قانون الطوارئ الإسرائيلي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن المستوطنين حاولوا مؤخرًا بناء غرفة خشبية في المنطقة الشمالية في "مرج عرزل"، تمهيدًا لبناء بؤرة استيطانية فيها.
أما شرق البلدة، فقد أقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جدارًا عازلًا يفصله عن شارع 60 الاستيطاني (شارع نابلس القديم)، وهذا يعني فصل البلدة عن محافظات الضفة الشمالية والجنوبية، ما جعل سبعةً وأربعين بيتًا من بيوت أهالي البلدة المتواجدة على طرفي الشارع معزولة عنها، كما يوضح طوافشة.
ويقول: "بينما يحاول المستوطنون إحياء مشروعهم الاستيطاني في غرب البلدة، الذي فشلوا في إقامته قبل خمس سنوات، عادوا لبناء خمس بيوت خشبية في المكان، لكن الأهالي تصدّوا لهم. إلا أنهم لم يتوقفوا عن محاولة التمركز في المنطقة حتى اللحظة".
ويشير طوافشة إلى أن بناء الاحتلال للجدار شرقي البلدة جعل أربعة من أصل مداخلها الخمسة مغلقة في وجه تنقّل المواطنين، وأصبحت القرية محاصرة من كافة الاتجاهات، في تطبيق فعلي لمخطط ضم الضفة الغربية. إذ إن ما يحدث من عزل للبلدة ولبلدتي ترمسعيا والتغير، المتواجدتين على نفس الخط، يعني استكمال فصل شمال الضفة عن وسطها، امتدادًا من مستوطنة "أرئيل" وحتى الأغوار.
ويبيّن أن المدخل الوحيد الذي أبقاه الاحتلال مفتوحًا للبلدة، مغلق بالسواتر الترابية والأسلاك الشائكة، فلا يتمكن أحد من اجتيازه سيرًا على الأقدام. كما أن الاحتلال يفتحه ساعة ويغلقه أخرى، وقد يفتحه يومًا ويغلقه أيامًا.
ولا تتوقف سلطات الاحتلال عن سياسة العقاب الجماعي تجاه أهل البلدة، من خلال حملات المداهمة الصباحية والمسائية للبيوت، والإخطارات المتلاحقة بهدم المنازل، التي بلغت أكثر من خمسين إخطارًا حتى اللحظة، وفق طوافشة

