فلسطين أون لاين

#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

﴿لِكَيلا تَحزَنوا عَلى ما فاتَكُم وَلا ما أَصابَكُم﴾

وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }آل عمران153

اللبن المسكوب لا نبكيه، رغم العصف العظيم الذي يجرّنا إلى بحر من الحزن والمصاب. لا شيء يُضاهي الألم الذي يعصف بكل شيء، حينما تتناثر الأرواح بين ركام البيوت المدمرة والأمل المفقود. لكن في كل مصاب، نجد مواساة أسمى؛ فالحياة لا تتوقف عند الخسارة، والفرج آتٍ بإذن الله. إن الصبر على ما يصيبنا ويصيب أمتنا هو الطريق إلى الخلاص، حيث لا أمل أكبر من الاستعانة بالله، واليقين بأن ما عنده خير وأبقى. وكل خسارة في الدنيا ليست إلا طريقًا للثواب والخلود، فتغدو المواساة في قلب المؤمن إيمانًا، والتصبر أعظم عبادة، واللجوء إلى الله هو العزاء الذي لا ينتهي.

اللبن المسكوب لا نبكيه، رغم عظيم المصاب. كبير وعظيم أن تفقد أولادك وبيتك وبيوت أولادك، وتغدو مشتتًا هائمًا على وجهك في طرقات مدمرة بين ركام لا نهاية له. تبحث في الوجوه التائهة التي لا تعرف مستقرا ومقامًا عن مواساة، فتجد أن الألم والمعاناة والمحنة أصابت الجميع، حيث هناك من فقد كل شيء.. كل شيء حرفيًا.. لا أسرة ولا بيت ولا أموال ولا عمل. فتغدو مواسيًا لأهلك وأحبابك وجيرانك وأصدقائك وأنت من تحتاج المواساة، فتضع نفسك مكانهم حيث مصاب فوق مصاب. ومصاب الجميع يفوق الوصف: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ} الحديد 22، {لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ} آل عمران 153.

وقائع المحرقة اليومية على مدار الساعة مواساة، حيث تنسي بعضها بعضًا. لا وقت للحزن ولا مقام للبكاء. فيأتي المصاب الجديد ليُنسيك المصاب الأقدم. وهكذا، أقدار الله تعالى فيها من المواساة والتصبر والثبات ما لا يدرك إلا أنها ألطاف الله تعالى. ومواساة بترقب الفرج وهو أعظم العبادة والرباط: {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} القصص 60، حيث أن الحياة الدنيا ليست بيت القصيد، وكل خسارة فيها ليست خسارة، وكل مصاب دون الدين رصيد أخروي والنظرة له إيجابيّة: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزمر 10. ومواساة باللجوء إلى الله تعالى تصبرًا، حيث الخضوع والخشوع واليقين بأنها مقادير الله تعالى وإنها الخير بكل الأحوال، حتى لو {تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} الكهف 68. لكنه اليقين والثقة بالله والاطمئنان إلى قدره، ثم اللجوء إلى الصلاة والصبر: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} البقرة 45.