أكثر من مئة يوم ومخيم جنين يتعرض لحرب إبادة أدت إلى تهجير قسري لسكانه وتشريدهم في عشرات المواقع، وتدمير منازله ومنشآته، وتجريف شوارعه، وشقّ جيش الاحتلال طرقًا جديدة من وسط المنازل، لتحقيق مشروع تصفية مخيمات الضفة الغربية، بدءًا من مخيم جنين شمالي الضفة.
في الحادي والعشرين من يناير المنصرم، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليته العسكرية العدوانية تحت مسمى "الجدار الحديدي" ضد مخيمات شمال الضفة، بدأها من مخيم جنين، لتمتد إلى مخيمي نور شمس وطولكرم، ثم طالت بعد ذلك مخيمات أخرى في طوباس ونابلس.
عشرات الآلاف نزحوا من مخيم جنين ومن الأحياء المحيطة به، تاركين مقتنياتهم على أمل العودة إلى منازلهم، ليفاجَؤوا بعد قليل بتدمير الاحتلال لمعظم مساكن المخيم، وإحراق أمتعتهم وأثاث بيوتهم، وصولًا إلى إغلاق المخيم بالبوابات الحديدية من مدخليه الغربي والشرقي، ليُتركَت العائلات دون أمل في العودة إلى مخيمهم.
يقول مدير عام بلدية جنين، ممدوح عساف: "لقد حلت كارثة بجنين منذ اجتياح مخيمها، وإجبار آلاف العائلات على النزوح من منازل المخيم وأجزاء من الأحياء المجاورة له".
ويضيف عساف لـ "فلسطين أون لاين": "العدوان لا يقتصر على المخيم، بل يطال جميع الأحياء السكنية المحيطة به، كالحارة الشرقية، والجابريات، والزهرة، والهدف، ووادي برقين، والمحطة، وأبو ظهير"، لافتًا إلى أن قوات الاحتلال أجبرت سكان منازل تلك الأحياء القريبة من المخيم على النزوح منها.
ووفق مدير البلدية، فإن الاحتلال دمّر قرابة 60% من البنية التحتية لجنين، علاوة على التدمير الكامل للبنية التحتية للمخيم، مقدرًا تجاوز قيمة الخسائر في جنين ومخيمها حاجز 300 مليون دولار.
وأشار عساف إلى صعوبات تواجه البلدية في إصلاح الأضرار الناجمة عن العدوان في أحياء المدينة، موضحًا أن إصلاحها يتطلب تنسيقًا مسبقًا، وبعضها لا يمكن الوصول إليه لوقوعه في مرمى نيران الاحتلال.
ومع نصب قوات الاحتلال بوابات حديدية على مدخلي المخيم الغربي والشرقي نهاية الأسبوع الفائت، تزداد مخاوف المواطنين النازحين من عدم قدرتهم على العودة إلى المخيم، خصوصًا مع الصمت الدولي وضعف الموقف الرسمي الفلسطيني.
أسفر العدوان على مخيم جنين عن استشهاد 40 مواطنًا، وإصابة واعتقال مئات آخرين، وتعرض آلاف المنشآت والمنازل في المخيم للتدمير الكلي أو الجزئي، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية للمخيم، في إطار مشروع الاحتلال لتغيير معالم المخيم جغرافيًا وديمغرافيًا.
ووفق محمد الصباغ، رئيس اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم جنين، فإن آلاف العائلات النازحة من المخيم وأحياء المدينة توزعوا على 86 موقعًا، ويعانون أوضاعًا صعبة منذ بدء العدوان، وقد فاقم النزوح حالتهم وباتوا لا يملكون شيئًا.
وأشار الصباغ، في تصريحات صحفية، إلى أن لجنته تبذل جهودًا حثيثة لتأمين الدعم للنازحين، منوهًا إلى ضعف دور وكالة "الأونروا" بسبب الحصار الذي تتعرض له وتقليص ميزانيتها المالية، ومع ذلك أشار إلى دفعة مالية قدمتها الوكالة في بداية النزوح، ودفعة ثانية تعمل حاليًا على تحويلها.
ووصف رئيس اللجنة الشعبية تعاطي الحكومة في رام الله مع أزمة النزوح بأنه "كان وما زال باهتًا وضعيفًا"، مضيفًا: "ليس لديها قراءة منطقية لطبيعة الأوضاع والاحتياجات، والخلاف معها أيضًا على آليات المعالجة واللجان، التي شُكّلت من أجل أن تكون أداة في إدارة الأزمة، فأوقعتها في تخبّط شديد".
ويتساءل الصباغ: "الاحتلال ينفذ مخططاته على المكشوف، وأهدافه واضحة في شطب قضية اللاجئين بشطب مخيماتهم وتشتيتهم، ومحاولة تقويض السلطة، فلماذا لا تضع الحكومة كل إمكاناتها في مواجهة هذا المخطط؟".

