انقلبت حياة الشاب أحمد أبو عدوان (٣٣ عامًا) رأسا على عقب بسبب انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة بفعل الاعتداءات الإسرائيلية عليها في انتهاك لكل الاعراف الدولية، فأبو عدوان اصيب بمرض الفشل الكلوي قبيل ثماني سنوات حيث كانت الصدمة التي حولت حياته من شاب يافع وعامل مياومة إلى عاطل عن العمل.
بعد أن انهكه المرض ولم يعد يقوى حتى على الحديث، إذ خضع لعملية بتر لرجله اليسرى قبيل ثلاثة عشر يوما، تقول زوجته تهاني ابو عدوان وهي تجلس إلى جانبه: ما زال يعاني من آلام العملية التي لا تجعله يستطيع النوم ليلا أو الشعور بالراحة نهارا.

وكغيره من مرضى الفشل الكلوي في قطاع غزة لم يعد أبو عدوان يحصل على جلسات الغسيل الكلوي كاملة بسبب انهيار المنظومة الصحية وتكرار النزوح اثر عمليات الإخلاء القسري التي يمارسها الاحتلال بحق أهل قطاع غزة فأبو عدوان من سكان بلدة المغراقة ونازح حاليا في مخيم النصيرات.
وقد عانى ابو عدوان مؤخرا من الم في قدمه اليسرى اضطره للفحص عند عدد من الأطباء الذين لم يعرفوا سبب هذا الالم إلى أن طلب منه أحد الأطباء إجراء صورة التراساوند لقدمه بعد أن فقد القدرة على المشي، فتبين من خلال الصورة أن هناك انسداد في الأوعية والشرايين، وبداية غرغرينا.
تقول ابو عدوان :" كتب له الطبيب أربعة أنواع من الأدوية على أمل التحسن، ولكن للاسف فإن الازرقاق زاد في قدمه، عدنا للمراجعة عند الطبيب فالدواء الباهظ الثمن والذي يفوق قدراتنا المادية كمستفيدي شؤون اجتماعية لم نتسلم مستحقاتنا منذ بداية الحرب لم يجد نفعا".
وقرر الطبيب إجراء عملية قسطرة قلبية يستكشف من خلالها ما الذي أصاب قدم ابو عدوان، فاكتشف أن هناك ثلاث أوردة مغذية للقدم تعاني من الانسداد بفعل الكلس وهو أحد مضاعفات الفشل الكلوي التي تصيب واحدا من ألف مصاب به في العالم.
وكتب الطبيب تحويلة علاج للخارج طارئة جدا للمريض أبو عدوان في الثامن من أبريل الماضي، لكن بسبب استمرار إغلاق المعابر فإنه لم يتمكن من السفر حتى اللحظة، وزادت مشكلة الغرغرينا في قدمه حتى أصبحت رائحتها كريهة ولونها كاللحم المتعفن، فما كان أمام الطبيب سوى إجراء عملية بتر للرجل من أسفل الركبة.
ويعيش المريض ابو عدوان حاليا حالة نفسية سيئة إذ فقد أيضا الرؤية في عينه اليسرى أثر إصابته بجلطة فيها بسبب الكلس، "من الصعب على شاب في عمر زوجي أن يجد نفسه بلا قدم ولا عين خلال عدة أيام فقط".
ولكن ما يزيد صعوبة الموقف أن القدم اليمنى قد بدأت فيها الغرغرينا أيضا ويحاول الأطباء جاهدين منعها من التمدد أو أن تلقى مصير الرجل اليسرى، كما أنه مهدد بفقدان النظر في عينه اليمنى أيضا".
وتشعر ابو عدوان بالاسى المضاعفات الخطيرة التي أصابت صحة زوجها في فترة زمنية قصيرة لم تتعدى الخمس شهور، حيث أنه لا ينام الليل من آلام البتر ويعيش على المسكنات التي تمثل خطرا كبيرا على صحته كمريض للفشل الكلوي من المفترض ألا يتناول المسكنات ابدا.
ولا تتوقف معاناة ابو عدوان عند هذا الحد بل أن حالته الصحية المستجدة تحتاج لأدوية باهظة الثمن، غير متوفرة في الصيدليات حيث تبحث عنها زوجته كثيرا، " يتناول مثلا اربع حبات لمنع انتشار الغرغرينا في قدمه اليمنى تكلفنا عشرين شيكلا يوميا، هذا على صعيد نوع واحد من الدواء".
كما أن هناك أدوية مقطوعة من الأسواق كقطرة عين لأزمة للحفاظ على النظر في العين اليمنى لكنها غير موجودة حاليا في قطاع غزة بسبب الحصار المفروض عليه.
أما الطعام الصحي فهو أمر بعيد المنال بالنسبة لابو عدوان الذي تعاني أسرته من فقر مدقع في حين أن الخضار في الأسواق اسعارها فلكية فيضطر لتناول المعلبات التي تضر بصحته ايضا.
وتناشد زوجته المؤسسات الصحية الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية الاسراع في تمكينه من السفر حتى يتسنى له الحصول على العلاج الذي ينقذ قدمه وعينه، "ارجو أن يسافر قبل فوات الاوان"، فهل تجد مناشدتها آذانا صاغية من قبل تلك المنظمات؟.

