قائمة الموقع

ليلةٌ من الحزن في غزة​ على شهداء الإعداد

2017-11-01T08:41:46+02:00


بعضنا يحن إلى الماضي, لكن كلنا لا يشتاق إلى الأوجاع والانهيارات النفسيّة, لكن ليلة أول أمس، أتت لتجدد فينا الآلام التي حاولنا تناسيها، برحيل سبعة أقمار عن أجسادهم التي لم تكن لهم يومًا, تركوها لأنها تثقلهم، لم يعد لديهم المزيد من الوقت ليتأخروا عن حبيبهم الذي وعدهم بكل ما لا يُستطاع دونه الانتظار, أولئك الذين نذروا أعمارهم للواهب الأكرم, تركوا أجسادهم ورحلوا ونحن بقينا هنا نتخبط في مستنقعات العجز, ونتيه في صحاري الضعف.

تعددت ردود الأفعال واختلفت بعد سماع الفاجعة, بعضنا بكى, وآخر اضطرب وقلق, ومنا من قرر الهروب فحاول الانشغال بأمور أخرى لتجنب رؤية أي أمر يتعلق بما لا يستطيع ضعف قلبه احتماله, وأيا كان رد الفعل، فالقاسم المشترك بين معظم الغزيين أنهم قضوا واحدة من أصعب الليالي وقعا على النفس، فقد كان "النكد" خالصًا، كان سيّد الموقف الذي فرض نفسه ليغطي على ما سواه، بعد فقدان شهداء الإعداد السبعة إثر قصف الاحتلال لنفق شرقي خانيونس، في هذا التقرير تسأل "فلسطين" بعض الغزيين عن أثر ليلة الفقد عليهم..

هدوءٌ فصدمة

تقول "يقين بارود": "اعتدنا تلقي مثل هذه الأخبار، وأكثر، لكن لأن الاعتداء جاء مفاجئًا بعد فترة الهدوء النسبي السابق كان صادما"، مضيفة: "كانت ليلة سيطرت عليّ فيها نفسيةٌ متعبة، ليس خوفا من وقوع حرب جديدة، فنحن في غزة هذا قدرنا المحتم مهما تأخر، ولكن ما أرهقني هو التفكير في عوائل الشهداء".

تضيف أن أكثر ما أتعبها هو تخيّلها لحال ذوي الشهداء، فكيف سيقضون هذه الليلة؟، كيف سترد زوجة أحدهم حين يقول طفلها "أين أبي"؟ كيف سترقد أمهاتهم؟ كيف سيكون حالة عروس تنتظر زفافها ليرحل عريسها باكرًا؟

أما ما أزعجها، فهو نشر مقطع لزوجة شهيد تتحدث فيه عن مشاعرها، التي لن يعيها إلا هي، في نفس لحظة سماعها نبأ رحيل شطر روحها، إذ علّقت على ذلك: "الذين سعوا لنشر هذا المقطع لا يراعون حرمة للفقد، ولا يسمحون لأحد بأن يمارس طقوس حزنه كما يشاء".

عزفت القانون

الطفل عبد العزيز أبو شرخ، والذي أُطلق عليه لقب "أصغر عازف قانون في الوطن العربي" تحدث لـ"فلسطين" عن مشاعره، وهو الذي يُعرف بوعيه الذي يفوق أقرانه، يقول: "لكي أتناسى الحرب وما عانيناه فيها قررت الهرب, فأغلقت عليَّ باب غرفتي، واندمجت مع عزفي على القانون, فأنا من الأشخاص الذين يفضلون الانشغال عما يوجعهم، كي لا أتألم".

ويضيف: "بالرغم من أننا قد اعتدنا على كل ألوان المصائب إلا أن أخبار الليلة كانت شديدة في وقعها علينا، ولولا هروبي لأحدثت فيّ الكثير, فقد جاءت في وقت لم يتوقعه أحد".

لم أنم

تحكي أسماء الكتري عن ليلتها، وتقول: "سمعت القصف في البداية، ثم قرأت ما يكتبه الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنني توقعت أن في الأخبار شيءٌ من التهويل لما حصل, لكن عندما تبيّن لي أن الأخبار مؤكدة، رحل قلبي في عالم أخر".

تضيف: "يشهد الله أني لم أنم ليلتي، اتجهت للدعاء وتلاوة القرآن والتكبير والتهليل, لقد كانت ليلة مفجعة ومؤلمة، وبقيت طوال الوقت مترقبة للأخبار، وأعداد الشهداء، وأسمائهم، وسعيت خلف قراءة كل ما يُقال عنهم من مناقب وقصص حياتهم البطولية, اللهم ارحمهم".

معتز نصار يقول: "كان الخبر قاسيًا، ويدمي القلب، وقد أرَّقنا حتى أنسانا النوم, أنا تابعت الأحداث لحظة بلحظة, وحيّرني توقيت القصف, في فترة إعلان المصالحة, فأنا أجزم أن سبب تلك الجريمة الشنيعة هو محاولة الاحتلال الاسرائيلي تعطيل أجواء إنهاء الانقسام وأرجو أن يرد الله كيدهم إلى نحروهم"

صديقتي الحل

أما عن آمنة مجدوب، فقد كانت لها طريقتها في تخفيف وطأة ما أصابها من قلق وتوتر على نفسها، إذ لجأت لمحادثة صديقتها، وعن ذلك تقول: "أنا وصديقتي متشابهان, وكلتانا ضعيفتان، تتقوى كل واحدة بالأخرى, وحين سمعت الأخبار لم أفكر إلا في أن أحادثها، حتى أُذهب عن نفسي التوتر والقلق ووجدتها هي أيضًا تنتظرني لتخبرني بما حل بها وقت المصيبة".

وتضيف: "حاولت كلتانا تقديم الدعم النفسي المفيد للأخرى, وقررنا أن لا نشاهد الأخبار, وفي نفس الوقت ترحمنا على الشهداء ودعونا الله أن يخفف عن أهلهم".

اخبار ذات صلة