فلسطين أون لاين

معاناة أصحاب الأمراض المزمنة في غزَّة تتفاقم بسبب الحصار والحرب

معاناة أصحاب الأمراض المزمنة في غزَّة تتفاقم بسبب الحصار والحرب
معاناة أصحاب الأمراض المزمنة في غزَّة تتفاقم بسبب الحصار والحرب
فلسطين لأون لاين

يعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتواصل الحرب الإسرائيلية، المدعومة من الولايات المتحدة، على القطاع، وتتزايد معاناة المدنيين بسبب الحصار المستمر منذ سنوات.

ولا تقتصر معاناة سكان غزة على قصف المنازل وتدمير البنية التحتية، بل تشمل أيضًا نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي يهدد حياة آلاف المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ونادرة، ويحتاجون إلى أدوية خاصة قد نفدت تمامًا من الصيدليات والمستشفيات.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن 59% من الأدوية الأساسية و37% من المستلزمات الطبية قد نفدت بالكامل، ما يهدد حياة العديد من المرضى الذين لا يمكنهم الاستمرار في العيش دون هذه الأدوية. ويُضاف إلى هذه الأزمة نقص حاد في الوقود وقطع الغيار اللازمة للمستشفيات، مما يعرّض الحياة الطبية في القطاع إلى خطر داهم.

وفي ظل هذا الواقع، تصبح حياة المرضى مهددة فعليًا، خصوصًا أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة أو نادرة تتطلب علاجًا مستمرًا.

خديجة الخطيب، امرأة في الثلاثين من عمرها، نازحة في مركز إيواء غربي غزة برفقة ثلاثة من أبنائها، تعاني من مرض الغدد وخلل في الهرمونات، وهو ما يتطلب تناول أدوية خاصة مدى الحياة. تقول خديجة:

"لقد نفدت الأدوية الخاصة بي من جميع الصيدليات والمستشفيات، وإذا توفرت في بعض الأماكن، فإن أسعارها مرتفعة جدًا ولا أستطيع تأمينها. زوجي بالكاد يوفر لنا الطعام، ونحن نعيش في حالة نزوح بعد أن قصف الاحتلال منزلنا. حياتي وحياة أسرتي مهددة، لا سيما في ظل انقطاع الأدوية التي أحتاجها للبقاء على قيد الحياة."

وتضيف بصوت يملؤه الألم لصحيفة "فلسطين": "لقد أصبح كل يوم صراعًا جديدًا. لا أستطيع التنبؤ بما سيحدث إذا استمر انقطاع الأدوية. الأمل بات شبه معدوم، والوقت يمر سريعًا بينما صحتي تتدهور يومًا بعد يوم."

أما سمية الكحلوت، وهي أم لأربعة أبناء، فتعاني من مرض السرطان. يقول زوجها محمد: "حالتي الصحية تتدهور بشكل مستمر بسبب انقطاع الأدوية الخاصة بالسرطان. لم أعد أستطيع الحصول على جرعات العلاج الكيميائي التي أحتاجها. كما أن مستشفى التركي المتخصص في علاج السرطان دمّره الاحتلال، وأصبح العلاج أمرًا مستحيلًا بالنسبة لي. الوضع النفسي لا يُطاق، إذ أواجه المرض أولًا، ثم يضاف الحصار كعائق قاتل يمنعني من العلاج، مما يزيد من معاناتي."

ويعرب زوجها عن خوفه وقلقه المستمر، قائلًا: "كان العلاج هو أملنا الوحيد في الشفاء، لكن الآن أصبحنا نبحث عن جرعات العلاج في كل مكان دون جدوى. الوضع أصبح صعبًا جدًا، ولا نعلم كيف سيكون حال سمية إذا استمر الحال كما هو. الحرب والحصار دمّرا كل شيء."

الحاج أبو ياسر مهنا، رجل في الستين من عمره، أحد سكان شمال القطاع، نازح مع زوجته وأبنائه في مركز إيواء بمنطقة الشاطئ الشمالي، يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، يقول: "بدأت أعاني من صعوبة في الحصول على الأدوية الخاصة بي، لأن معظمها نفد من قطاع غزة بسبب الحصار. أصبح شغلي الشاغل الآن هو البحث عن الأدوية، خوفًا من أن يتفاقم وضعي الصحي. لا نعرف أين نذهب للحصول على العلاج، وكل يوم يمر يضيف عبئًا جديدًا على حياتنا."

ويضيف: "أنا في سن لا يسمح لي بمقاومة الأمراض التي أعاني منها، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، أخشى أن أواجه مضاعفات قد تودي بحياتي. كان الأمل في الحصول على الأدوية يخفف قليلاً من معاناتي، لكن الآن أصبحنا في وضع لا يُحسد عليه."

وبحسب تصريحات وكيل وزارة الصحة في غزة، د. يوسف أبو الريش، فإن القطاع الصحي وصل إلى "مستويات خطيرة وكارثية".

ويشير إلى أن الأوضاع الصحية تتدهور مع استمرار انقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية، محذرًا من أن الوضع قد يزداد سوءًا إذا لم يتم فتح المعابر لتوريد الإمدادات الطبية والغذائية. كما أوضح أن 16 مركزًا صحيًا من أصل 52 مركزًا للرعاية الأولية في غزة توقفت عن العمل بسبب نقص الأدوية والمعدات.

في ظل هذه الظروف الصعبة، يعيش آلاف المرضى في غزة معاناة يومية في محاولاتهم المستمرة للحصول على الأدوية التي يحتاجونها. فالأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والنادرة قد نفدت، والمستشفيات عاجزة عن تقديم العلاج المناسب بسبب نقص الإمدادات، كما أن إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات يزيد من حدة الأزمة الإنسانية في القطاع.

الآلاف من الحالات المرضية تعيش على أمل فتح المعابر لتوفير العلاج، لكن مع استمرار الحصار، يزداد الوضع تعقيدًا، ويقترب المرضى من حافة الانهيار.

ويواجه القطاع الصحي في غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني المواطنون، وخاصة من يحتاجون إلى أدوية مستمرة لعلاج أمراضهم المزمنة والنادرة، من كارثة صحية حقيقية. إن الحصار المستمر وتدمير البنية التحتية الصحية من قبل الاحتلال الإسرائيلي يترك المرضى في مواجهة مع الموت البطيء. وإذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لفتح المعابر وتوفير الإمدادات الطبية، فإن العواقب ستكون كارثية، وستستمر معاناة سكان غزة على نحو لا يُحتمل.

 

اخبار ذات صلة