ضاعفت كلمات الموظفة في شركة مايكروسوفت، ابتهال أبو السعد، خلال مقاطعتها حديث المدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في الشركة، مصطفى سليمان، من المؤشرات والأدلة التي تظهر تورط الأخيرة في دعم جيش الاحتلال الإسرائيلي ومساعدته على تنفيذ جرائم إبادة جماعية ضد أهالي قطاع غزة، من خلال إتاحة تقنياتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
وخلال الفعالية التي حضرها سليمان في الذكرى الـ50 لتأسيس الشركة، قاطعت أبو السعد حديثه قائلة بصوت واضح: "أنت من تجار الحرب. توقف عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية".
لم تكن هذه الحادثة معزولة، إذ شهدت الفعالية نفسها احتجاجًا من موظفة أخرى تدعى فانيا أغراوال، التي قاطعت فقرة جمعت ثلاثة من أبرز الأسماء في تاريخ الشركة: المؤسس بيل غيتس، والمدير التنفيذي السابق ستيف بالمر، والحالي ساتيا ناديلا، تعبيرًا عن رفضها لاستمرار الشركة في توفير الدعم التقني للاحتلال.
شراكة عسكرية
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تزايدت الاتهامات الموجهة إلى شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، وعلى رأسها مايكروسوفت، بشأن تقديم تسهيلات مباشرة لجيش الاحتلال، لتمكينه من استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستهداف والتجسس.
وقد كشفت وكالة أسوشييتد برس، في تحقيق صحفي نشر أوائل عام 2025، عن استخدام النماذج المطوّرة من قبل مايكروسوفت وأوبن إيه آي ضمن برنامج عسكري إسرائيلي يُعنى باختيار أهداف القصف، ليس فقط في غزة، بل أيضًا في لبنان.
واعتمد التحقيق على وثائق رسمية وشهادات من ضباط استخبارات حاليين وسابقين، بالإضافة إلى موظفين حاليين في مايكروسوفت، وأمازون، وغوغل، وأوبن إيه آي.
وثائق مسربة
في 23 يناير/كانون الثاني 2025، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تحقيقًا استقصائيًا اعتمد على وثائق مسرّبة حصل عليها موقع "دروب سايت نيوز"، بالتعاون مع مجلة +972 وموقع "لوكال كول" الناطق بالعبرية.
سلط التقرير الضوء على كيفية تكثيف التعاون بين مايكروسوفت وجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب، حيث تم تزويد الجيش بأنظمة متقدمة للحوسبة السحابية وخدمات الذكاء الاصطناعي بقيمة تجاوزت 10 ملايين دولار، إلى جانب تقديم آلاف الساعات من الدعم الفني.
وكشفت الوثائق أن هذا التعاون تضاعف في المراحل الأكثر عنفًا من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث واجه جيش الاحتلال طلبًا متزايدًا على التخزين الرقمي وقوة الحوسبة، ما دفعه إلى توسيع بنيته التحتية بسرعة غير مسبوقة، واللجوء إلى ما وصفه أحد المسؤولين العسكريين بـ"العالم الرائع لمزودي الخدمات السحابية".
وأوضحت الغارديان أن وزارة الحرب الإسرائيلية أوكلت إلى مايكروسوفت مهام تتعلق بمشروعات سرية شديدة الحساسية، ضمن سياق جهود عسكرية مكثّفة توظف الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وتحديد الأهداف.
اتهامات قانونية
الخبيرة في الذكاء الاصطناعي هايدي خلاف، وهي مهندسة سابقة في شركة "أوبن إيه آي" ومستشارة حالية في معهد "الآن للذكاء الاصطناعي"، اتهمت علنًا جيش الاحتلال باستخدام الذكاء الاصطناعي خلال هجماته على غزة بالتعاون مع شركات مثل غوغل، أمازون، ومايكروسوفت.
وأكدت أن هذا التعاون قد يُدخل تلك الشركات في دائرة المسؤولية عن جرائم حرب محتملة، نتيجة مساهمتها في قتل المدنيين وتطبيع القتل الجماعي من خلال الاعتماد على "الخوارزميات".
وأضافت خلاف في تصريح أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تتسم بعدم الدقة، ما يؤدي إلى استهداف عشوائي وغير تمييزي.
وأشارت إلى استخدام الاحتلال لنظامَي ذكاء اصطناعي معروفين باسم "حبسورا" (البشارة) و"لافندر"، في تنفيذ عمليات مراقبة جماعية وتحديد أهداف القصف أدى إلى استشهاد آلاف المدنيين.