قائمة الموقع

عندما "يقرط" نزار في الراء وتستهل "سحر" اسمها بالثاء

2017-10-31T08:22:06+02:00

"اثمي ثَحر".. هكذا تكون إجابة الشابة "سحر" عند سؤالها عن اسمها. قد يظنها من يلتقي بها لأول مرة تتحدث بـ"دلع"، لكن كل ما في الأمر وجود "لثغة" كبرت معها وأجبرتها على تحويل كل "سين" إلى "ثاء"، وهذه اللثغة غالبا ما تخدمها في تشكيل انطباع أول مميز عنها لدى الآخرين، فتجد من يتعرف عليها للتوّ، يصفها بأنها "ثُكَّر"، هكذا ينطقها بدلا من "سكر" من باب ممازحتها..

بالطبع ليس هذا فقط ما تعيشه "سحر"، فهي رغم ثقتها بنفسها، وشخصيتها القوية والمحبوبة، وتعاملها المرح مع لثغتها، إلا أنها تتعرض لكثير من المضايقات والانتقادات التي تجرحها في بعض الأحيان.

تجارب أخرى لذوي "اللّثغة" تستعرضها "فلسطين" في التقرير التالي:

وتُعرّف "اللّثغة" بأنها تشويه في نطق بعض الحروف مثل السين والراء، ما يؤدي إلى عدم وضوح الكلام، ولا تُعدّ حالة مرضية، لارتباطها بمشكلة في الأسنان أو الفك، أو خطأ في وضعية اللسان، ومعظم الحالات يمكن علاجها.

"شجرة خضرة مرعرعة"

كما في الحالة السابقة تماما، اختار الأبوان لابنيهما اسمي "نزار" وليمار"، ففي العادة يقضي الأبوان وقتا طويلا في اختيار اسم مميز لمولودهما القادم، لكن المفاجأة كانت أن الطفلين لا يجيدان نطق حرف الراء الذي يحتل مكانا في اسميهما، ويستبدلانه بالواو ليسهل عليهما الكلام.

نزار، الذي يبلغ من العمر 13 عاما، طالب متفوق في دراسته يحب مخالطة الناس، كان يخشى من تأثير مشكلته الصغيرة على مستقبله، لكنه سرعان ما تغلب على ذلك الهاجس عندما قدمت له والدته نماذج لأشخاص تعاملوا بإيجابية مع حالهم التي لم تختلف عن حاله.

تقول والدتهما "سالي جودة" لـ"فلسطين" : "قدّمت لابنيّ نموذجين لديهما صعوبة في نطق حرف الراء، وهما الشاعر المصري هشام الجخ، وأحد معلقي قناة الجزيرة الفضائية، ومع ذلك لم يجدا حرجا في الحديث أمام جماهير كبيرة، عندها تقبل نزار الأمر وبدأت ثقته بنفسه تعود من جديد".

وأضافت: "ابنتي ليمار تختلف عن نزار قليلا، فهي صاحبة روح مرحة، حيث تشعر بسعادة كبيرة عندما لا يستطيع الآخرون تقليد كلامها، فهي ترى أنها متميزة في كل شيء".

حتى العقاب قد يكون "خفيف الظل" بفضل لثغة الطفلين، فأحيانا إذا أرادت الأم معاقبتهما، تطلب منهما أن يكررا عبارة "شجرة خضرة مرعرعة"، وحينها يمتلئ المكان بالضحك.

ووفقا لتجربتها، أوضحت جودة أن المعاملة الحسنة والتربية الصحيحة لها أثر كبير على حياة الأطفال وثقتهم بأنفسهم، وأن طريقة تعامل الآباء مع أطفالهم هي ما تؤثر في شخصيتهم، سواء كان لديهم مشاكل في النطق أو مشاكل صحية أخرى، لافتة إلى أنها تهتم جدا بهذا الأمر لأن هدفها إسعاد أطفالها.

كلمة السر

"ميسون أحمد" (27 عاما) "تقرط" في حرف الراء، مما جعلها تتجنب نطق الكلمات التي تحتوي عليه، في بداية حياتها، لكن تبدلت الحال عندما كبرت.

ابنة قرية "بربرة" لم تكن تجرؤ على الإجابة عن سؤال: "ما هي بلدتك الأصلية؟" لأنها من أصعب الكلمات بالنسبة لها، قالت لـ"فلسطين": "كنت في بداية مشواري أتجنب كل كلمة تضم هذا الحرف، وكنت أرفض المشاركة في الإذاعة المدرسية دائما، كان الأمر صعبا بالنسبة لي، بالإضافة إلى شعوري بالخجل الشديد".

وأضافت: "في المرحلة الجامعية، تحوّل نطقي لتلك الكلمات إلى جرعة سعادة لصديقاتي ولكل من حولي، ومع دراستي تخصص اللغة الإنجليزية أحببت إتقاني للغة وتميزت بها عن غيري بفعل طريقة نطقي لحرف الراء".

وتابعت: "لا أستطيع وصف السعادة التي تغمر قلبي عندما تحاول صديقاتي تقليدي ولا يستطعن، أو حتى عندما يتملكني غضب شديد من زوجي وأجده يبادلني بالمزاح فيقلّد لثغتي، عندها أنسى سبب غضبي وأضحك معه".

وأكّدت ميسون أن "على الإنسان أن يعيش حياته الطبيعية دون الوقوف أمام أي مشكلة تواجه حياته مهما كبرت أو صغرت، فوحده يستطيع التحكم في مصير حياته، وأن يأخذها إلى النجاح أو الفشل، وكلمة السر هي أن يتقبل الإنسان نفسه حتى يتقبله الآخرون".

بالدموع فقط

الصورة ليست مشرقة دوما، فـ"عبد الله اليازجي" طفل في السادس الابتدائي، علاقته بحرف الراء ليست على ما يرام، لذا تعاني عائلته من صعوبة في التعامل معه، فهو شديد تقلب المزاج وعندما يمازحه الآخرون يكون رد فعله الوحيد هو البكاء.

والدته "أم بلال" عبّرت عن خوفها الشديد على مستقبل طفلها، فهي تخشى عليه من الوصول إلى حد الاكتئاب.

قالت لـ"فلسطين": "عبد الله خجول، لذا لا يعبر عن رفضه للثغة سوى بالدموع، حاولت تغيير نظرته لها بطرق كثيرة، لكنه دائما يبكي ويتجنب الجلوس معنا حتى لا يقع في فخ كلمة يتكرر فيها حرف الراء ويضحك الجميع عليه".

وأضافت: "رغم أن هدفنا كعائلة هو إخراجه من هذه الحالة، لكن مع زيادة وضعه صعوبة شعرنا بالفشل، ولا نعلم ماذا سنفعل له، ونتمنى أن يتغلب على وضعه وأن يعيش حياته كغيره من الأطفال".

اخبار ذات صلة