تصاعدت التحذيرات داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي من احتمال اندلاع حرب أهلية نتيجة تفاقم الانقسامات المجتمعية والسياسية، ولا سيما بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس الشاباك رونين بار، الذي يريد الأول إقالته بقوته السياسية.
وزاد قرار قاضية محكمة الاحتلال العليا، غيلا كنافي – شتاينميتس، الجمعة، تجميد قرار نتنياهو إقالة رئيس الشاباك، من مؤشرات ذهاب دولة الاحتلال إلى حرب أهلية، خاصة مع رفض نتنياهو هذا القرار، ووجود نية له لمواجهة القضاء.
وعقد 20 من القادة السابقين في جيش الاحتلال الإسرائيلي والموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية والشرطة اجتماعًا سريا لمناقشة تشريعات "الإصلاح" القضائي والمساعي لإقالة المستشارة القضائية من قبل نتنياهو.
وأمام هذه التطورات أعربت شخصيات بارزة عن قلقها من احتمال اندلاع حرب أهلية، كان أبرزها من رئيس دولة الاحتلال، إسحاق هيرتسوغ، الذي صرح بأن من يعتقد أن الحرب الأهلية غير ممكنة "لا يفهم الواقع الذي تحياه (إسرائيل).
كذلك، حذر وزير جيش الاحتلال السابق، بني غانتس، من أن العنف المتصاعد قد يؤدي إلى "الهاوية".
وفي خلاف لكل هذه التحذيرات في دولة الاحتلال، قال نتنياهو في تغريدة له عبر منصة "إكس"، "لن تكون هناك حرب أهلية... (إسرائيل) هي دولة قانون وبموجب القانون ستقرر الحكومة من يكون رئيسًا للشاباك".
عصيان وتوترات
الخبير في الشأن الإسرائيلي، حسين الديك، أكد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي قد تواجه عصيانًا مدنيًا واسع النطاق، قد يشمل إغلاق كافة المؤسسات الأهلية والاقتصادية، وذلك في ظل تفاقم الخلافات والانقسامات السياسية داخلها.
وأوضح الديك في حديثه لصحيفة "فلسطين": " أن هذه التوترات قد تؤدي إلى موجة احتجاجات شعبية متزايدة في الشارع الإسرائيلي، خاصة مع تصاعد الأزمة الناجمة عن إصرار نتنياهو على تعيين قضاة جدد في المحكمة العليا، بالإضافة إلى تمسكه بإقالة رئيس جهاز الشاباك، وهو ما يزيد من تعميق الانقسامات داخل النظام السياسي الإسرائيلي.
وأشار الديك إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحركات واسعة النطاق، تتراوح بين العصيان المدني، وإغلاق الاقتصاد، وتعطيل مؤسسات دولة الاحتلال، مما قد يدخلها في مرحلة معقدة جدًا من عدم الاستقرار السياسي.
ولفت إلى أن الحل قد يأتي من داخل حزب الليكود نفسه أو من الأحزاب الحريدية التي قد تسعى إلى الانقلاب على نتنياهو عبر التحالف مع المعارضة الإسرائيلية، في محاولة لإنهاء الأزمة المستمرة.
وأشار إلى أن بعض أطراف الائتلاف الحاكم قد تسعى للتحالف مع المعارضة لإفشال سياسات نتنياهو، وإلا فإن (إسرائيل) قد تشهد تصعيدًا غير مسبوق من التحركات الشعبية، ما قد يؤدي إلى اضطراب شامل وكامل في دولة الاحتلال.
واعتبر أن إعلان نقابة المحامين عن احتجاجاتها يعد أحد أشكال العصيان المدني التي تعكس حجم الغضب المتصاعد داخل المؤسسات الإسرائيلية ضد سياسات الحكومة.
وبين أن دولة الاحتلال أمام أسبوع حاسم في تاريخ (إسرائيل)، حيث يحاول نتنياهو استغلال الحرب ضد قطاع غزة كوسيلة لتوحيد ائتلافه الحاكم وتقويته في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية المتزايدة، إلا أن هذه الاستراتيجية قد لا تكون فعالة في كبح جماح الغضب الشعبي، إذ أن الاحتجاجات مرشحة للاستمرار والازدياد يومًا بعد يوم.
وأشار الديك إلى أن هناك جبهة معارضة قوية داخل الكنيست والائتلاف الحكومي نفسه، تعارض سياسات نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالموازنة العامة، مما يزيد من حجم الضغوط عليه ويضعه في مأزق سياسي حرج جدًا.
وذكر أن هذه التطورات قد تكون حاسمة في تحديد مستقبل نتنياهو السياسي، حيث يواجه تحديات غير مسبوقة من داخل حكومته ومن الشارع الإسرائيلي، مما قد يؤدي إلى انهيار حكومته في حال استمرار الاحتجاجات وتصاعد الأزمة.
وعلى الصعيد الدولي، قال الديك: "إمكانية حدوث تدخل أمريكي للضغط على نتنياهو من أجل وقف ما يعرف بالإصلاحات القضائية، ورغم أن إدارة الرئيس السابق كانت تدعم نتنياهو بقوة، فإن الإدارة الأمريكية الحالية قد تلجأ إلى ممارسة ضغوط مكثفة عليه، خاصة إذا استمرت الاضطرابات وتهددت المصالح الأمريكية في المنطقة".
احتراق سياسي
من جانبه، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي، مأمون أبو عامر، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ستشهد احتراق سياسي داخلي على هوية (إسرائيل)، وسيؤدي لحالة ضغط من قبل التيار الديني أو القومي.
وقال أبو عامر في حديثه لصحيفة "فلسطين": "يتصاعد دور التيار المتشدد في دولة الاحتلال وهي ما تسمى مملكة نتنياهو والتي تسعى إلى خلق الأفكار الأخرى نحو الديكتاتورية".
وأضاف: "هناك نسبة كبيرة داخل دولة الاحتلال من اليمين المتطرف الذي يؤيد نتنياهو وآخرين لا يؤيدونه، وهذا يؤدي إلى تفكك المجتمع الإسرائيلي".
وأوضح أبو عامر أن هناك انقسامات كبيرة في الشارع الإسرائيلي، ويمكن حدوث حالات عصيان مدني خاصة في ظل الخلافات حول تجديد العدوان، ومسألة اقالة رئيس الشاباك.