فلسطين أون لاين

المجاعة تضرب غزَّة من جديد.. الحصار يشتد والمواطنون يشكون قلة الغذاء

المجاعة تضرب غزَّة من جديد.. الحصار يشتد والمواطنون يشكون قلة الغذاء
المجاعة تضرب غزَّة من جديد.. الحصار يشتد والمواطنون يشكون قلة الغذاء
فلسطين أون لاين

يقف قطاع غزة، على حافة المجاعة، حسب ما أعلنته منظمات إنسانية ودولية ومحلية، بعد الحصار المشدد الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع وإغلاق جميع المعابر المؤدية إليه.

ومع استمرار العمليات العسكرية والحصار، تعيش غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخها، حيث نفدت المواد التموينية الأساسية من الأسواق، وتوقفت معظم المخابز والتكيات الخيرية التي كانت تسهم في سد رمق السكان الجائعين.

الأرقام الصادمة الصادرة عن منظمات الإغاثة الإنسانية تؤكد أن أكثر من 80% من سكان القطاع، البالغ عددهم قرابة 2.3 مليون نسمة، فقدوا الأمن الغذائي، ولم يعد بإمكانهم توفير وجبة طعام واحدة في اليوم، بينما ارتفعت أسعار ما تبقى من مواد غذائية في الأسواق إلى مستويات غير مسبوقة، ما جعلها بعيدة عن متناول غالبية السكان.

منذ أكثر من أسبوعين، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر الحدودية المؤدية إلى قطاع غزة، مانعة دخول أي شحنات من الغذاء أو الدواء أو الوقود. هذه الإجراءات تسببت في شلل كامل للحركة التجارية داخل القطاع، وأوقفت تدفق المساعدات الإنسانية التي كانت تشكل شريان الحياة الأساسي للسكان.

لم تقتصر المعاناة على نفاد السلع من الأسواق، بل امتدت إلى توقف عشرات المخابز عن العمل بسبب نفاد الوقود والطحين، مما حرم الآلاف من العائلات من الحصول على رغيف الخبز، الذي أصبح عملة نادرة في القطاع. كما توقفت معظم التكيات الخيرية عن تقديم الوجبات.

شهادات من قلب المعاناة

يقول عبد الله النمنم (40 عامًا)، الذي يعيل ستة أبناء في مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة: "كنا نعتمد على الوجبات من إحدى التكيات القريبة منا، لكنها توقفت منذ أيام. أولادي ينامون جائعين، وأنا لا أملك شيئًا أقدمه لهم. حتى الماء النظيف لم يعد متوفرًا."

أما أحمد حشيش (30 عامًا) من حي النصر، فيروي معاناته قائلًا: "ذهبت إلى السوق بحثًا عن أي شيء أشتريه لأولادي. عدت بيدين فارغتين. الأسعار جنونية، والكميات شحيحة. قبل أسبوع كنا نحصل على وجبة من تكية الحي، لكنها توقفت. اليوم لا نجد من يساعد، ولا نعرف من أين سنحصل على طعام غدًا."

في حين يصف محمد مهنا (45 عامًا)، الذي يعيل خمسة أبناء، وضعه قائلًا: "كنا نتلقى مساعدات غذائية من بعض الجمعيات، لكنها توقفت منذ أن أُغلقت المعابر. حاولت طهو ما بقي لدينا من العدس، لكنه نفد. ذهبت إلى المخابز عدة مرات، وكلها مغلقة. لا نجد حتى الخبز. أطفالي يبكون من الجوع، وفي كثير من الأحيان لا أعرف ماذا سأفعل."

تحذيرات دولية من انهيار كامل

حذرت منظمات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن قطاع غزة بات في مرحلة "الانهيار الكامل".

وقال المتحدث باسم برنامج الغذاء العالمي: "غزة تواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة. أكثر من نصف السكان يعانون من الجوع الحاد، ومع استمرار الحصار، فإن المجاعة ستتسع لتشمل الجميع قريبًا."

بدوره، قال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية، إن معظم الجمعيات الإنسانية في غزة توقفت عن تقديم خدماتها الإغاثية لأكثر من مليوني شخص، بسبب استمرار إغلاق المعابر من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح الشوا لـ"فلسطين أون لاين" أن التكيات الخيرية، التي كانت توفر وجبات الطعام لشريحة واسعة من السكان، توقفت بالكامل، مما أدى إلى حرمان الأهالي من مصدرهم الرئيسي للغذاء. وأضاف أن الحرب أجبرت جميع سكان القطاع على الاعتماد على المساعدات والطرود الغذائية، محذرًا من أن استمرار الحصار هو بمثابة حكم بالموت على آلاف الفلسطينيين، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية غير المسبوقة.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أعلن أول من أمس، دخول القطاع أولى مراحل المجاعة، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 2 مارس، وإغلاق المعابر أمام المساعدات والبضائع.

وأكد البيان أن مليوني فلسطيني فقدوا أمنهم الغذائي وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع توقف المخابز والتكيات الخيرية، وانعدام المواد الأساسية في الأسواق.

كما حذر من أزمة عطش خطيرة بعد توقف آبار المياه، واعتماد السكان على الحطب بعد نفاد غاز الطهي. كما تسبب توقف الوقود بشلل النقل وإعاقة وصول المرضى إلى المستشفيات. وحذر المكتب من انهيار الحياة كليًا إذا لم يتم فتح المعابر ووقف العدوان فورًا.

غزة اليوم أمام مشهد مأساوي لم تعرفه في تاريخها الحديث؛ حيث الجوع يفتك بالأهالي، والأسواق فارغة، والمخابز متوقفة، والتكيات عاجزة عن تقديم أي دعم. صرخة السكان تعلو، تطالب بفك الحصار وفتح المعابر، قبل أن تتحول المجاعة إلى إبادة صامتة.

اخبار ذات صلة