فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

استهداف رواد العمل الخيري في غزة.. جريمة حرب إسرائيلية

...
استهداف رواد العمل الخيري في غزة.. جريمة حرب إسرائيلية
غزة/ جمال محمد

الأعرج: استهداف الإغاثيين لإرهابهم ومنعهم من تقديم المساعدة

رحال: الاحتلال يستخدم التجويع والقتل للضغط على المقاومة

لم يكن استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مركبة تابعة لمؤسسة "الخير" الدولية، واستشهاد عشرة من طاقمها، السبت، هو المرة الأولى، فقد تعمد مرارًا تصفية العاملين في هذا المجال، ولا سيما خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة.

ويأتي هذا الاستهداف ضمن سياسة إسرائيلية لتجويع وتعطيش الغزيين وإبادتهم و"الضغط على المقاومة" لإجبارها على تقديم تنازلات تنسف اتفاق وقف إطلاق النار المبرم وتعفي الاحتلال من الانتقال للمرحلة الثانية منه، وتفرض شروطه في أي اتفاق مستقبلي.

وقد شهد يوم السبت الماضي، جريمة جديدة، حيث استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمركبة تابعة لمؤسسة "الخير" الدولية، في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد عشرة من طاقمها، بينهم ثلاثة صحفيين، الأمر الذي أثار موجة إدانات محلية ودولية واسعة.

وأمس قتل أجنبي وأصيب خمسة أشخاص في غارة جوية إسرائيلية على موقع به مقر للأمم المتحدة في وسط قطاع غزة.

جريمة حرب

وأكد مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية، حلمي الأعرج، أن استهداف العاملين في مؤسسة "الخير" يُعد جريمة حرب وإبادة جماعية تضاف إلى سجل الاحتلال الأسود.

وأوضح الأعرج لـ "فلسطين أون لاين" أن هذا الاستهداف يرمي إلى إرهاب العاملين في المجال الإنساني ومنعهم من تقديم المساعدات للفئات الأكثر ضعفًا، مثل الأطفال والنساء وكبار السن الذين يعانون من الجوع والمرض.

وأشار إلى أن هذه الجرائم تؤكد نية الاحتلال في استمرار الحرب وعرقلة أي جهود للوصول إلى وقف إطلاق نار حقيقي، حيث يسعى عبر هذه العمليات إلى الضغط على المقاومة وفرض شروطه في أي اتفاق مستقبلي.

كما شدد على أن الاحتلال يريد من خلال قتل العاملين الإغاثيين منع تنفيذ أي وقف لإطلاق النار، ساعيًا إلى تفجير الأوضاع مجددًا وإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية.

وأضاف الأعرج: أن الولايات المتحدة تلعب دورًا أساسيًا في حماية الاحتلال من المحاسبة، عبر تقديم الدعم السياسي والعسكري غير المشروط، وهو ما يعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع الجرائم الدولية.

وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم، داعيًا إلى فرض عقوبات صارمة على الاحتلال وفتح المعابر فورًا لإدخال المساعدات الإنسانية، محذرًا من أن استمرار الإفلات من العقاب سيؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر في قطاع غزة.

ورغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي خروقاته اليومية عسكريًا وسياسيًا وإنسانيًا.

ومع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، رفض الاحتلال الدخول في المرحلة الثانية، بل صعّد من إجراءاته التعسفية عبر إغلاق جميع المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية، قبل أن يستأنف حرب الإبادة الجماعية بالتصعيد العسكري منذ يومين.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى 19 يناير 2025، ارتكب الاحتلال مجازر وحشية في غزة، راح ضحيتها أكثر من 160 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى فقدان أكثر من 14 ألف شخص، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع.

سياسة ممنهجة

من جانبه، أكد الخبير في القانون الدولي والإنساني، د. عمر رحال، أن استهداف مؤسسة "الخير" ليس حادثًا معزولًا، بل يأتي ضمن سياسة ممنهجة تتبعها قوات الاحتلال ضد العاملين في المجال الخيري والإغاثي.

وأوضح رحال، لـ "فلسطين أون لاين" أن الاحتلال يسعى من خلال قتل وترهيب القائمين على الجانب الإغاثي إلى منع وصول المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، في محاولة لخلق بيئة من الجوع والعطش تؤدي إلى المزيد من الضحايا المدنيين، بغرض الضغط على المقاومة خلال المفاوضات غير المباشرة.

وأشار إلى أن جرائم الاحتلال بحق العاملين في المجال الخيري تكشف مجددًا ازدواجية المعايير التي يمارسها المجتمع الدولي، حيث توفر الولايات المتحدة الغطاء السياسي والعسكري للاحتلال، ما يسمح له بالإفلات من العقاب رغم ارتكابه انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

كما وأشار رحال، إلى المفارقة بين تعامل المجتمع الدولي مع الحرب في أوكرانيا وغزة، حيث سارعت الدول الكبرى إلى اتخاذ إجراءات ضد روسيا، بينما يتم التغاضي عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مؤكدًا أن هذه الازدواجية تعكس المصالح السياسية للدول الكبرى على حساب حقوق الإنسان والعدالة الدولية.

في حين أدانت العديد من المؤسسات المحلية والدولية الجريمة الإسرائيلية بحق العاملين في مؤسسة "الخير" في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن استهداف المدنيين، وخاصة العاملين في المجال الإنساني، يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، مشددًا على أن الاحتلال يتعمد تصعيد عدوانه ضد الأبرياء في محاولة منه لفرض أمر واقع جديد في غزة.

وأضاف البيان، أن القصف الذي استهدف المؤسسة الإغاثية كان متعمدًا، حيث جرى استهدافها بالقصف المدفعي المباشر، تلاه قصف جوي وحشي، في تصعيد غير مبرر يعكس مدى قسوة الاحتلال وتجاهله التام لحقوق الإنسان.

ودعا المكتب الإعلامي المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري واتخاذ إجراءات رادعة ضد هذه الانتهاكات، مؤكدًا أن الجريمة "لن تمر دون محاسبة"، محذرًا من أن استمرار الصمت الدولي سيشجع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الأبرياء في غزة.

وفي ظل الواقع المأساوي الذي يعيشه أهالي قطاع غزة، تزداد الحاجة إلى تحرك دولي عاجل، سواء على مستوى الحكومات أو المنظمات الحقوقية، للضغط من أجل فرض عقوبات على الاحتلال ووقف جرائمه، وإنقاذ ما تبقى من مبادئ العدالة والإنسانية في هذا العالم.

المصدر / فلسطين أون لاين