فلسطين أون لاين

تحليل: نتنياهو استأنف "حرب الإبادة" على غزَّة لإنقاذ مستقبله السياسي

تحليل: نتنياهو استأنف "حرب الإبادة" على غزَّة لإنقاذ مستقبله السياسي
تحليل: نتنياهو استأنف "حرب الإبادة" على غزَّة لإنقاذ مستقبله السياسي
فلسطين أون لاين

بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي "حرب الإبادة" الجماعية على غزة، بسلسلة غارات جوية مفاجئة فجر الاثنين، استهدفت منازل قيادات في حركة حماس، والعمل الحكومي، والمقاومة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 400 شخص، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

ويتفق مراقبون فلسطينيون على أن قرار مجرم الحرب بنيامين نتنياهو استئناف "حرب الإبادة" بعد توقفها نحو شهرين، يهدف أساسًا إلى "إنقاذ مستقبله السياسي" عبر الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، وإنقاذ حكومته المعارضة له، والهروب من أزماته الداخلية مع الأجهزة الأمنية، ومحاكمته في قضايا الفساد، بالإضافة إلى عرقلته تشكيل لجنة تحقيق رسمية في هزيمة 7 أكتوبر.

وأشار هؤلاء، في مداخلات تحليلية عبر "فيسبوك"، إلى سلسلة أزمات تعصف بحكومة نتنياهو اليمينية، أبرزها: الاتهامات المتبادلة والقضايا الخلافية مع رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار، تهديد "حزب الصهيونية الدينية" بالانسحاب من الحكومة، أزمة تجنيد المتدينين وتهديدهم أيضًا بالانسحاب، إلى جانب مسألة إقرار الموازنة العامة بعد أسبوع.

تعاون إسرائيلي - أمريكي

وتطرق مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، د. هاني المصري، إلى سلسلة معطيات حول قرار نتنياهو استئناف "حرب الإبادة" على غزة، أبرزها انقلابه على اتفاق وقف إطلاق النار ورفضه تنفيذ المرحلة الثانية منه.

وأشار المصري إلى حصول نتنياهو على موافقة أمريكية لاستئناف الحرب، مستدلًا بالعروض الأمريكية التي قُدّمت في جولات المفاوضات الأخيرة، والتي لا علاقة لها بالاتفاق الأساسي، إضافة إلى موافقة واشنطن على إغلاق معابر غزة، وقطع الكهرباء عن محطة التحلية، ومنع المياه، والتغاضي عن سياسة التجويع والتعطيش.

ورغم نجاح الوسطاء في الحفاظ على الهدوء بعد انتهاء المرحلة الأولى للاتفاق في 2 مارس/آذار الجاري، فإن حكومة نتنياهو ترفض تلبية استحقاقات المرحلة الأولى، مثل: الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، وإدخال البيوت المتنقلة، واستمرار المساعدات وفق "البروتوكول الإنساني" المتفق عليه، كما ترفض الدخول في مداولات الجولة الثانية.

وأشار المصري إلى أن حكومة نتنياهو تخشى سقوطها في حال لم تجدّد الحرب، حيث يهدد "حزب الصهيونية الدينية" بالانسحاب إذا تم تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق، أو إذا لم يتم تجديد العدوان.

ورأى أن "الضوء الأخضر" الأمريكي لنتنياهو جاء بعد القصف الأمريكي لليمن، والتهديد العسكري لإيران، ما يثبت أن واشنطن، في العهد الجديد، "تريد تحقيق السلام عبر القوة"، أي فرض الأهداف الأمريكية والإسرائيلية عبر المفاوضات، وإن لم تتحقق، فالحرب هي البديل.

كما لفت المصري إلى الأزمات الداخلية الإسرائيلية، لا سيما قرار نتنياهو إقالة رئيس جهاز "الشاباك" وردود الأفعال داخل (إسرائيل)، إضافة إلى أزمة إقرار الموازنة العامة، وأزمة تجنيد المتدينين وتهديدهم بالانسحاب من الحكومة إذا لم يستجب نتنياهو لمطالبهم.

وأكد المصري أن حكومة "اليمين المتطرف" تسعى إلى حسم الصراع عبر سرقة الأراضي، وتعزيز الاستيطان، والقضاء على حلم إقامة دولة فلسطينية.

"العلاج من الخارج"

وبحسب المحلل السياسي أحمد الحيلة، فإن انقلاب نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار يطيل بقائه في الحكومة لأطول مدة ممكنة، ويساعده في تأجيل محاسبته على فشله في منع اختراق المقاومة للأراضي المحتلة في 7 أكتوبر 2023.

وأشار الحيلة إلى أن نتنياهو يحاول الهروب من أزماته الداخلية، وآخرها خلافه مع رئيس "الشاباك" وحتى مع الرأي العام الإسرائيلي، الذي يتحضّر لمظاهرات ضخمة ضده، وبالتالي "لجأ لمعالجة أزمته الداخلية بأزمة خارجية" عبر استئناف الحرب على غزة.

وقال لـ"فلسطين أون لاين": "الأهم والأخطر أن العدوان العسكري الأمريكي على اليمن منح نتنياهو فرصة تاريخية للتصعيد، وهو بالتأكيد منسَّق مسبقًا بين واشنطن وتل أبيب، لتكون (إسرائيل) والولايات المتحدة في جبهة واحدة ضد أعدائهما المشتركين".

وحذر الحيلة من أن هذا التنسيق يهدف إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، عبر تصفية الخصوم واحدًا تلو الآخر، ما يفتح الطريق أمام مشروع "(إسرائيل) الكبرى" أو توسيع حدود دولة الاحتلال على حساب الأراضي الفلسطينية والدول العربية.

طعنة في ظهر الوسطاء

من جانبه، يرى المحلل السياسي طلال عوكل أن ما حدث يمثل طعنة في ظهر الوسطاء الذين لعبوا دورًا أساسيًا في صياغة اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال عوكل لـ"فلسطين أون لاين": "الوسطاء، خاصة مصر وقطر والولايات المتحدة، قدموا ضمانات بأن هذا الاتفاق لن يكون مجرد هدنة مؤقتة، بل بوابة للمرحلة الثانية، التي تشمل تخفيف الحصار، وإطلاق سراح الأسرى، والدخول في مفاوضات جدية حول وقف دائم للحرب. لكن (إسرائيل)، كعادتها، تعاملت مع الوسطاء كمجرد أدوات لشراء الوقت، وها هي اليوم تنقلب على الاتفاق بلا حرج".

وأضاف: "نتنياهو يدير هذه الحرب بعقلية البقاء السياسي، لا من أجل أمن إسرائيل، بل من أجل بقائه على رأس الحكومة، رغم التصدعات الداخلية والانتقادات المتزايدة من عائلات الجنود الإسرائيليين".

مرونة كبيرة من حماس

من جهته، رأى د. أحمد رفيق عوض، أستاذ الإعلام بجامعة أبو ديس في القدس، أن حماس أبدت مرونة كبيرة في محادثات التهدئة لضمان تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

وقال لـ"فلسطين أون لاين": "حماس قدمت مرونة كبيرة من أجل فك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية، لكنها فوجئت بأن (إسرائيل) أفشلت كل الجهود، بدءًا بإغلاق معبر كرم أبو سالم، ووقف إدخال المساعدات، ثم تجديد العدوان العسكري. ولكن الطرف الفلسطيني أظهر مسؤولية كبيرة لإنجاح الاتفاق، بينما الاحتلال تعامل معه كاستراحة لإعادة الحرب بشكل أكثر عنفًا".

وأكد عوض أن حكومة الاحتلال لا تريد حلًا سياسيًا ينهي الاحتلال أو يخفف معاناة الفلسطينيين، بل تريد استمرار الحصار والدمار لضرب إرادة الشعب في غزة.

وختم بالقول: "هذا التصعيد لم يكن ليحدث لولا الدعم الأمريكي غير المحدود، الذي يوفر غطاءً سياسيًا وعسكريًا لإسرائيل، رغم المجازر التي ترتكبها بحق المدنيين الفلسطينيين. فالإدارة الأمريكية تستمر في تزويد (إسرائيل) بالأسلحة، وتمنع أي تحرك دولي فعّال لوقف العدوان، ما يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة سياساته الدموية".

 

اخبار ذات صلة