تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حملتها العسكرية المسعورة ضد مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة، في محاولة لتفريغها بالكامل من أصحابها الفلسطينيين، وفرض وقائع جديدة تقوم على مساعي "القضاء" على المقاومة، تمهيداً لاحتلال كل الضفة الغربية، حسبما يرى مسؤولون.
ويسعى الاحتلال من خلال حملته الممنهجة أيضا لإلغاء دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" التي تُعد الشاهد على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هُجروا منها قسرا سنة 1948.
وبدأ الاحتلال حملته ضد مخيمات شمال الضفة الغربية في الـ21 يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك بعد يومين من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ، فكانت باكورتها في مخيم جنين الذي لا يزال يتعرض للعدوان المتواصل لليوم الـ 52 على التوالي.
وامتدت الحملة الإسرائيلية إلى مخيم طولكرم الذي لا يزال يتعرض للعدوان لليوم الـ 46 على التوالي، وطالت أيضاً مخيم نور شمس ولا تزال مستمرة لليوم الـ 33 على التوالي، حيث دمّر الاحتلال عشرات المنازل كلياً وأخرى بشكل جزئي، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والشوارع وقطع المياه والكهرباء، فيما اضطر عدد كبير من الأهالي لترك منازلهم والتوجه إلى أماكن نزوح في المدن والقرى المجاورة.
وأدت حملة الاحتلال العسكرية حتى الآن إلى استشهاد 34 مواطناً في مخيم جنين، و13 شهيداً في مخيمي طولكرم ونور شمس.
ورأى المختص في قضايا اللاجئين في شمال الضفة ياسر أبو كشك، أن هجمة الاحتلال ضد المخيمات تحمل أبعاداً سياسية تتعلق بمخططه الذي يقوم على تهويد كل الأراضي المحتلة، لا سيّما أنه بدأ بتهويد مدينة القدس وأغلق المقر الرئيسي لوكالة "أونروا".
وأوضح أبو كشك لـ "فلسطين أون لاين"، أن الاحتلال يعتبر أن المخيمات تقف عثرة أمام تنفيذ مخططاته الرامية للسيطرة على كل مدن الضفة، كون تلك المخيمات تشكل رأس الحربة، وخصوصاً جنين ونور شمس وطولكرم والمدن المحيطة بها.
وبيّن أن الاحتلال يريد كسر المخيمات حتى يصبح من السهل عليه تحقيق أهدافه في السيطرة على باقي مدن الضفة، مشيراً إلى أن الاحتلال يركّز على جنين وطولكرم ونور شمس في الوقت الراهن كونها تُشكل بؤرة للمقاومة.
ووفق إفادته، فإن المخيمات التي تتعرض للهجمة العسكرية تكاد تكون شبه فارغة من الأهالي، في حين أن هناك عدد آخر من المواطنين يرفضون ترك بيوتهم والنزوح إلى المُدن المجاورة.
وذكر أن الاحتلال يركّز على استهداف أونروا وتعطيل عملها الخاص بخدمة اللاجئين في المخيمات، حيث هدد الوكالة بهدف إغلاق المقرات التابعة لها في بعض المخيمات مثل قلنديا.
تصفية القضية
إلى ذلك رأى عضو المكتب السياسي لحزب الشعب سهيل السلمان، أن هجوم الاحتلال على مخيمات شمال الضفة يندرج في إطار مساعيه الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، خصوصاً أنه يأتي بالتزامن مع حرب الإبادة التي شنها على قطاع غزة.
وأوضح السلمان في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن الاحتلال دمّر عدداً كبيراً من منازل المواطنين بعد تهجيرهم منها والبنية التحتية وأحدث خراباً في غالبية شوارع تلك المخيمات إضافة إلى قطع المياه والكهرباء عنها.
وبيّن أن الاحتلال يهدف من خلال حملته إلى جعل المخيمات بيئة طاردة للمواطنين، كي تبقى فارغة من الفلسطينيين، وذلك في إطار تصفية القضية الفلسطينية من جهة وإلغاء دور "أونروا" الشاهدة على حق العودة من جهة أخرى.
ورجّح أن تطول حملة الاحتلال العسكرية وقد تتجاوز تلك المخيمات وتنتقل إلى أخرى إذا لم يكن هناك رد فعل فلسطيني قوي يرتقي لمستوى خطورة الحدث، يقوم على إعادة ترتيب البيت الفلسطيني والخروج بموقف داعم للمقاومة.
وأكد السلمان ضرورة قيام المجتمع الدولي بدوره في تسليط الضوء على عمليات القرصنة التي يقوم بها الاحتلال سواء في قطاع غزة أو الضفة المحتلة.
وشدد على أن "الاحتلال لن ينجح في تطبيق خطة التهجير والسيطرة على المخيمات وتصفية القضية الفلسطينية، خصوصاً أن الشعب الفلسطيني بات اليوم أكثر تماسكاً وتمسكاً بقضيته".