فلسطين أون لاين

المحرر العباسي: حريتنا انتزعتها المقاومة بغزة وعلى رأسها القسام

المحرر العباسي: حريتنا انتزعتها المقاومة بغزة وعلى رأسها القسام
المحرر العباسي: حريتنا انتزعتها المقاومة بغزة وعلى رأسها القسام

أثنى الأسير المقدسي المحرر وسام العباسي، المُبعد حاليًا إلى جمهورية مصر الشقيقة، على غزة وتضحياتها العظيمة وبسالة مقاومتها، وعلى رأسها كتائب القسام، التي اعتُقل بتهمة الانتماء لها، وصدر بحقه حكم بالسجن ستة وعشرين مؤبدًا وأربعين عامًا.

وفي حديثه مع صحيفة "فلسطين"، عاد بالذاكرة إلى تلك اللحظات التي أصدر فيها الاحتلال الإسرائيلي هذا الحكم القاسي عليه، وكيف واجه فكرة قضاء هذا الوقت الطويل دون معرفة متى ستكون نهايته. فوضع لنفسه برنامجًا لتطوير الذات، رغم القهر والصعاب التي يفرضها السجن.

ويقول: "كان هناك برنامج ثقافي عام يُشرف عليه الأسرى الأقدم منا، ويلتحق به كل من يدخل المعتقل، إلى أن تم السماح لنا بالالتحاق بالجامعات. فالتحقت بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة، وبعد عامين التحقت بجامعة الأقصى بغزة أيضًا".

ويتابع: "ثم التحقت بجامعة لبنانية لدراسة الماجستير في تخصص التربية والحضارة، وكذلك بجامعة أبو ديس لدراسة العلوم السياسية، لكنني لم أتمكن من إكمالهما. ومع ذلك، كنت حريصًا على استثمار وقتي بالعلم قدر المستطاع".

ويؤكد العباسي أن الحياة داخل المعتقل لم تكن سهلة أبدًا، خصوصًا بعد السابع من أكتوبر 2023، إذ كانت فترةً مليئةً بالألم والحزن على ما يحدث لأهلنا في غزة من هدم وتدمير وقتل وتعذيب، إلى جانب ما تعرض له الأسرى من وجبات الضرب والإهانة صباحًا ومساءً، حتى إنهم تمنّوا الموت.

ويضيف: "كنا نواسي أنفسنا بالقول: نحن جزء مما يحدث في غزة، فلا ضير. وكنا نُوطّن أنفسنا على التحمل من أجل غزة، لأن ما تقوم به عظيم جدًا".

ويشير إلى أن الأسرى عانوا من البرد القارس في الشتاء، ومن الحرارة الشديدة في الصيف، دون وسائل تدفئة أو تبريد، فضلًا عن اكتظاظ الغرف، حيث كان في كل غرفة اثنا عشر أسيرًا. كما حُرموا من امتلاك الملابس، إذ لم يُسمح لهم إلا بقطعتين فقط في الشتاء والصيف، بجانب التفتيش المُهين، والتكبيل، والضرب العنيف دون سبب يُذكر، ورش الزنازين بالغاز.

ويؤكد العباسي أن الحرب كانت فترةً عصيبة على الأسرى داخل السجون، حيث كان التوتر سيد الموقف في كل وقت، حتى في مسألة الطعام، إذ كان كل ما يجري في الخارج ينعكس عليهم بشكل كبير. ويقول: "كانت تلك أصعب الفترات التي مرت علينا في حياتنا الاعتقالية، فقد كنا منقطعين عن العالم وعن المحامين".

ورغم قسوة الاعتقال، ظل الأمل بالإفراج حاضرًا في نفس العباسي دائمًا، حيث يقول: "كنا نعلم أن وراءنا رجالًا أقسموا أن يُذيقوا المحتل المر والعلقم، وخاصة الشهيد يحيى السنوار، الذي عايشته في المعتقل".

ويضيف: "إن تنعّمنا اليوم بفضاء الحرية هو بفضل ما قدمه أهل غزة والمقاومة، وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام، التي نحن جزء منها ولن ننساها أبدًا".

ووجّه رسالة إلى أهل غزة قائلًا: "أنتم على رؤوسنا، فقد تفضّلتم علينا باحتضان هذه المقاومة العنيدة، وعلى رأسها كتائب القسام، التي أبدعت وصمدت، وبإذن الله، على أيديها سيتحقق وعد التحرير. فطوبى لهم، ورحم الله القادة العظام، محمد الضيف، ويحيى السنوار، ورفيقهم مروان عيسى".

ويُبيّن أن لحظة التبليغ بالإفراج كانت مزيجًا من الفرح والحزن الشديد على ما حدث في غزة، التي لولا مقاومتها لما أُجبر الاحتلال على الإفراج عن عدد كبير من أصحاب المؤبدات. ويضيف: "كان الأمر أشبه بالمعجزة، أن نخرج بعد ثلاث وعشرين سنة بهذه الطريقة المشرفة، وعلى أيدي المقاومة".

وعلى طول الطريق إلى خارج السجن، كان القلق يعتري العباسي ورفاقه، خوفًا من غدر الاحتلال ونقضه للعهود. ولم يشعروا بأن الحرية باتت حقيقة إلا بعد أن صعدوا إلى الحافلات المصرية، حيث غمرتهم فرحة عارمة لم يشعروا بمثلها من قبل.

وبعد ثلاث وعشرين سنة في المعتقل، يقضي العباسي اليوم "رمضان" لأول مرة وهو يتنعم بالحرية بين أهله وأحبابه، بعيدًا عن تحكم السجّان في طعامه وشرابه وصلاته. ويتذكر أن آخر رمضان قضاه في المعتقل، خلال الحرب، كان يحمل تفاصيل قاسية من التنغيص والتضييق الذي مارسته إدارة سجون الاحتلال على الأسرى.

يُذكر أن المحرر العباسي كان قد انضم عام 2001، إبان انتفاضة الأقصى، إلى خلية سلوان التابعة لكتائب عز الدين القسام، وشارك في تنفيذ عمليات فدائية وتفجيرات عدة ألحقت خسائر بشرية ومادية كبيرة بالاحتلال الإسرائيلي.

وفي عام 2002، اعتُقل وحُكم عليه بالسجن 26 مؤبدًا و40 عامًا. وبعد اعتقاله بخمسة أشهر، هدمت سلطات الاحتلال منزله، وسحبت منه الإقامة وبطاقة الهوية المقدسية. كما رفض الاحتلال إدراج اسمه وأسماء أفراد خليته في قائمة التبادل بصفقة "وفاء الأحرار" عام 2011.

 

اخبار ذات صلة