قائمة الموقع

​"التطبيع الثقافي" مع الاحتلال.. كي للوعي يطمس الهوية الفلسطينية

2017-10-29T11:45:58+02:00

لم يكن التطبيع يوماً ذا طابع سياسي واقتصادي فحسب، بل خطا خطوات أوسع في الجانب الثقافي الذي ينظر له كعملية "كي للوعي" تذيب عوالق السياسة بقبولها مجتمعياً، وفق مراقبين تحدثوا إلى صحيفة "فلسطين".

ويرى هؤلاء أن محاولة بعض المراكز الثقافية التي يحظى العديد منها بدعم رسمي خلق انسجاما اجتماعيا وثقافيا بين المواطن الفلسطيني الإسرائيلي يقود الأول إلى مربع مليء بالمغالطات الفكرية التي من شأنها أن تهدم إيمان الفلسطيني بثقافته وحضارته وقضيته.

والتطبيع الثقافي كالمشاركة في أيّ مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلّي أو دولي، مصمّم خصّيصاً للجمع بشكل مباشر أو غير مباشر بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" بما في ذلك المحافل الدولية العلمية والمهنية والفنية، تهدف لإذابة الحواجز النفسية، ولا تنفصل عنه عمليات تهجين المنهاج الفلسطيني لاسيما في شرقي القدس المحتلة بالثقافة اليهودية باعتبار الآخر صاحب حق، كما يؤكد مدير مركز القدس الدولي د. حسن خاطر.

وتقدم وزارة شؤون القدس سنوياً، مبلغ 20 مليون شيقل لمدارس شرقي المدينة المقدسة، وتخصص تلك الأموال لغرض تنفيذ أعمال الترميم والتطوير، وتزويد المؤسسات التعليمية بحواسيب وملاعب رياضية ومختبرات، لقاء تبني تلك المدارس للرواية الإسرائيلية في مناهجها.

وقال خاطر "يجد الاحتلال الثقافة فرصة له، لإزالة أسباب العداء مع أكبر عدد من الفلسطينيين، والتعاون معهم على أنه الدولة الشرعية والقانونية".

وأوضح أن التطبيع عبر التعليم "يعد الأخطر لمساسه بشريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني، ويتعامل مع الأطفال أكثر فئات المجتمع قدرة على تشكيل الوعي كيفما يشاء، من خلال استغلال الممولين والمانحين في أمريكا والاتحاد الأوروبي، للضغط على تغيير مضمون المناهج".

ونبّه خاطر، إلى أن التغيير في المناهج يكمن بتخفيف لغة العداء الحاد لدولة الاحتلال، واستبدالها بمصطلحات إيجابية، والاكتفاء بالحديث عن المدن الفلسطينية الواقعة تحت السلطة فقط، عاداً ذلك "ثمرة ضغوط دولية على السلطة الفلسطينية، وللدفع بالفلسطينيين للقبول بالواقع الموجود".

ووفقاً لمدير مركز القدس، فإن التأثير السلبي للتطبيع الثقافي في مناهج السنوات التعليمية الأولى للأطفال "يعد محدوداً نظراً لتطور الوعي لدى أهاليهم".

طمس الهوية

ومن وجهة نظر الناشط الاجتماعي والسياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، عدنان أبو ربيع، فإن الاحتلال يسعى من خلال تلك المحاولات في مجال الثقافة، إلى طمس الهوية الفلسطينية، وخلق هوية أخرى تتماشى مع أهدافه وتطلعاته.

وأكد، أن محاولات التشوية الحضاري والثقافي لها أبعاد خطيرة، على المجتمع الفلسطيني خاصة الجيل القادم.

وقال أبو ربيع وهو رئيس اللجنة الشعبية لدعم الفلسطينيين في الضفة وغزة سابقاً، إن "الهوية الثقافية شيء أساسي يحتاج لها كل إنسان، من أجل المساهمة في تطوير شعبه والمحافظة على تراثه".

ونبّه إلى خطورة التطبيع الثقافي وما يحدث من تأثيرات سلبية على المجتمع الفلسطيني بتفريغه من مضمونه وإرثه الثقافي".

ولم يستبعد الناشط الاجتماعي، إمكانية نجاح الاحتلال في تحركاته، "لكن لفترة بسيطة وليس للأبد"، مؤكداً على ضرورة محافظة الشعب الفلسطيني على هويته الفلسطينية رغم كل المؤامرات التي تحاك ضده عبر قيام المؤسسات غير الحكومية والأهلية بدورها في مواجهة محاولات تشويه الهوية الفلسطينية.

علاقات مشبوهة

في الأثناء، أكد رئيس مجلس أمناء البيت الفلسطيني في هولندا أمين أبو راشد، أن التطبيع الثقافي الذي ينتهجه الاحتلال تخطى الكثير من الحواجز ووصلت شظاياه إلى دول عربية وإسلامية".

وأوضح أبو راشد، أن بعض الدول العربية والإسلامية "تنتهج التطبيع الثقافي بشكل علني مع العدو الإسرائيلي"، واصفاً أي علاقات من هذا القبيل بأنها "علاقات مشبوهة باتت مكشوفة للجميع".

وقال إن "ما يقوم به بعض العرب بالتطبيع الثقافي مع العدو، يحرجنا كثيراً في القارة الأوروبية، سيما أنه يعطي مبرراً للآخرين، بأن يتمادوا بوضع يدهم مع إسرائيل".

وعد أبو راشد، التطبيع "سرطانا يجري في العروق (...) التعامل العربي مع (إسرائيل)، يؤثر على منظومة التعاطف الغربي سواء في أمريكا الجنوبية أو أوروبا".

وأكد على ضرورة مقاطعة العدو بشكل كامل في مختلف المجالات كونه "ثكنة عسكرية غريبة عن الجسم الفلسطيني وليس لها أي ثقافة خاصة"، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن دولة الاحتلال ليس لها ثقافة، باعتبارها "دولة عنصرية نشأت على أرض فلسطين، وليس لها أي جذور فكرية أو ثقافية في المنطقة، ومن يريد أن يسوق هذا الأمر، كأنما يريد يساوم بين الشعب الفلسطيني و(إسرائيل)".

اخبار ذات صلة