فلسطين أون لاين

بين غزَّة وتركيا: أمّ فلسطينيَّة تستقبل أبناءها المحرِّرين بفرح غامر

بين غزَّة وتركيا: أمّ فلسطينيَّة تستقبل أبناءها المحرِّرين بفرح غامر
بين غزَّة وتركيا: أمّ فلسطينيَّة تستقبل أبناءها المحرِّرين بفرح غامر

انتهاء رحلة العذاب التي كانت تتكبّد مشاقها الحاجة أم محمد رضوان لزيارة ابنيها الأسيرين لما يقارب ربع قرن، بعدما عانقا فجر الحرية، أمر لم تستطع استيعابه بعد، وهي تحاول التأقلم مع وضع جديد لا تستيقظ فيه في ساعات الصباح الباكر، في البرد القارس أو الحر الشديد، لتزور "أحمد" في نفحة و"محمود" في ريمون، مستبدلة ذلك بمكالمة هاتفية دافئة تأتيها من تركيا، وأخرى تروي لها حكايات غزة وصمود أهلها العجيب.

لم يخطر ببال الحاجة رضوان أن صفقة "طوفان الأحرار" ستأتيها بكليهما، فقد كانت تتابع الأخبار عن الصفقة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وينمو في قلبها أمل بأن لا تمرّ دون أن تشمل الإفراج عن أحمد أو محمود، اللذين يقضيان حكمًا بالسجن المؤبد مدى الحياة.

قبل قرابة ربع قرن، كان أحمد المنتمي لحركة فتح ومحمود المنتمي لحركة حماس، شابين في طليعة المقاومة بالضفة الغربية، قبل أن تختطفهما قوات الاحتلال وتودعهما الزنازين، لتبدأ رحلة العذاب بالنسبة لوالدتهما.

يشار إلى أن الأسيرين المحررين، الشقيقين أحمد ومحمود صدقي رضوان، من مدينة قلقيلية في الضفة الغربية، اعتقلتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2001، وتعرّضا لتحقيق قاسٍ، وحُكم عليهما بالسجن المؤبد مدى الحياة.

تقول أم محمد: "ظلا لسبع سنوات في سجن عسقلان، فكان ذلك يخفف عني عناء الزيارة رغم مشاقها، كونهما موجودين في السجن ذاته، لكن الاحتلال الإسرائيلي تعمّد نقلهما كل واحد إلى سجن مختلف، والسجن ذاته كان يتغير باستمرار، فتارة في "بئر السبع"، وأخرى في "جلبوع"، وثالثة في "ريمون"، ورابعة في "نفحة"، وهكذا دواليك".

في كل موعد زيارة، كان على الحاجة رضوان أن تستعد للمفاجآت، فقد تجد أحدهما قد تم نقله من سجنه، ما يزيد من صعوبة الزيارة، التي هي في الأصل "مشقة ومذلة".

وحتى اللحظة، لا تستطيع رضوان أن تصف سعادتها الغامرة بخروج ابنيها من المعتقل، فقد أُفرج عن محمود في الدفعة الأولى من الصفقة، وأُبعد إلى تركيا. "فرحنا كثيرًا رغم إبعاده، لأنه أصبح خارج الزنازين، ولكن كرم الله كان كبيرًا ليفرج عن أحمد في الدفعة الثانية من الصفقة، ويُبعد إلى غزة".

ولا ترى رضوان ضيرًا في الإبعاد، طالما أن ولديها أصبحا خارج "مقبرة الأحياء"، وصار بإمكانها محادثتهما متى شاءت. "نتواصل الآن معهما بشكل يومي. غمرت السعادة ابني أحمد، وهو يتمكن من رؤية حفيده من ابنته الوحيدة "ضحى"، التي تركها وعمرها تسعة أشهر فقط".

ويقرّ قلب رضوان عندما يحدثها أحمد عن كرم أهل غزة، وحفاوتهم بالأسرى المُبعدين بشكل لم يتخيله، من بقعة أنهكتها الحروب. "يخبرني عن الكرم الكبير والإيثار، وعن الطعام الكثير الذي يقدمونه له يوميًا، حتى استردّ عافيته بعد التجويع الذي تعرضوا له خلال العام والنصف الأخيرين".

أما محمود، فيثلج صدرها بسعادته بالحرية، ويرسل لها صوره يوميًا عمّا يفعله في تركيا، فتجد نفسها تنام مطمئنة، بعد أن أصبح الاثنان بعيدين عن بطش السجّان الإسرائيلي، والفضل في ذلك يعود إلى أهل غزة.

وتتابع: "كلما حدثني أحمد ومحمود عن العذاب الذي شهدوه في سجون الاحتلال خلال فترة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، والذي يعادل ما شهدوه خلال ربع قرن في الزنازين، وحرمانهم حتى من الدواء، أحمد الله كثيرًا أن أصبحا خارج السجون".

 

 

اخبار ذات صلة