فلسطين أون لاين

فارقه رضيعًا.. "أبو شخيدم" يعانق الحرية "على كتفي نجله حمزة"

فارقه رضيعًا.. "أبو شخيدم" يعانق الحرية "على كتفي نجله حمزة"
فارقه رضيعًا.. "أبو شخيدم" يعانق الحرية "على كتفي نجله حمزة"
فلسطين أون لاين

لم تكن والدة إياد أبو شخيدم تعلم حين سمعت نبأ إصابته بـ11 رصاصة، أن ابنها لم يفقد حياته، وبعد 40 يومًا من البحث المضني، تسربت خلالها مشاعر اليأس والحزن إلى قلبها، جاءها الخبر الصادم: إياد ليس شهيدًا، بل أسيرًا.

إياد (50 عاما)، دخل المعتقل تاركًا خلفه زوجته وأطفاله الأربعة، كان أكبرهم يبلغ ست سنوات، بينما أصغرهم حمزة، لم يكن قد تجاوز عمره الشهرين. سنوات مضت، كبر خلالها أبناؤه بعيدًا عن دفء الأبوة، وكبر حمزة ليحمل مشعل الصبر والقوة عن أبيه.

تقول والدة إياد لـ "فلسطين أون لاين": "تجاوز الفرح جدران قلوبنا عند إنجاب طفله حمزة كونه سمي على اسم عمه الشهيد، وعاد اسمه إلى البيت، ولم يمر ٦٠ يومًا على ولادته حتى فقدنا إياد من البيت".

اليوم، وبعد سنوات طويلة خلف القضبان، خرج إياد إلى الحرية بموجب صفقة "طوفان الأحرار"، لكنه لم يكن وحده. كان ابنه حمزة، الذي اعتُقل والده وهو رضيع، هو من حمله على كتفيه، في مشهد تختلط فيه مشاعر الفرح بالفقد، ويُترجم معاني الصبر والانتصار.

في أواخر شهر أكتوبر من عام ٢٠٠٤ داهم جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل أبو شخيدم وعاث فيه فسادًا وخرابًا وتدميرًا بحثًا عن إياد، واستمر البحث عنه مدة 40 يومًا، حتى وصل خبر إلى والدته السبعينية أم رجب أن فلذة كبدها استشهد بعدما أصيب بـ11 رصاصة في جسده.

اعتقال وغياب طويل في ذلك اليوم المشؤوم، دوَّت أصوات الرصاص في الحي، هرع الأهالي لمعرفة ما يحدث، ومع الأخبار المتضاربة، كانت والدة إياد تترقب الحقيقة، ظنت أنه استشهد، فبكت وودعته في قلبها، لكن رحلة البحث التي استمرت 40 يومًا قلبت الموازين، إذ اكتشفت أنه أسير لدى الاحتلال.

تقول والدته: "رغم أنه قد سبق واستشهد ابني حمزة، إلا أني سجدت سجدة شكر لله أن إياد شهيد خوفا عليه من أن يكون أصيب بإعاقة، ومن معاملة الاحتلال الوحشية ضد الأسرى".

ويتحدث إياد لـ "فلسطين أون لاين": "عند اعتقالي غبت عن الوعي بفعل اصابتي، وعندما أفقت في مستشفى هداسا اعتقدت أني استشهدت".
ويشير إلى أن وضعه الصحي كان صعبا، فغالبية الرصاصات أصابت بطنه وقدميه، كان في أمس الحاجة لأن يكون بين أهله وفي أحضان والدته لتخفف عنه وجعه بلمسة على رأسه.

ولم يراع السجان وضع إياد الصحي ليتعرض كغيره من الأسرى لتحقيق وتعذيب قاسي، متابعًا: "بالإضافة إلى  الحرمان من زيارة أهلي مدة ١٥ شهرًا، حاكمتني محكمة الاحتلال بـ18 مؤبدا، كسرت على أعتاب صفقة طوفان الأحرار".

18 عاما من الاعتقال عاشها بين جدران السجون، متنقلًا بين الزنازين وأقسام التحقيق، محمّلًا بجراحه التي لم تندمل، وبحنين لم يفتر لأسرته وأطفاله الذين كبروا بعيدًا عن حضنه.

في الثامن من فبراير الجاري كان مشهد الحرية والكرامة عندما فُتحت بوابة السجن أخيرًا، كان حمزة، الذي حمل اسمه في غيابه، يحمل والده على كتفيه، يرفعه عاليًا كما لو أنه يرفع سنوات الغياب، وكأنهما يعوضان الزمن الذي فرق بينهما.

مشهد حمل حمزة لوالده إياد لم يكن مجرد لحظة عائلية، بل كان تجسيدًا لصمود شعب بأكمله، لأسرى خلف القضبان يحلمون بهذا اليوم، ولأمهات ينتظرن أبناءهن بدموع الفرح بعد سنوات القهر.

تقول والدته: "حتى هذا اليوم لم أصدق نفسي... أشعر كأني في حلم ولا استفيق إلا على صوت حمزة وهو ينادي بكلمة "يابا" التي حرم منها".

"خرجت بروح أقوى"، يقول إياد بابتسامة تخفي أوجاع السنين، متابعًا: "لم يسلبوا مني شيئًا، خرجت بروح أقوى، بحب أكبر لعائلتي، وإيمان أعمق بحريتنا القادمة".

اخبار ذات صلة