محاولة الاغتيال الفاشلة للواء توفيق أبو نعيم قائد قوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية بقطاع غزة بعد خروجه من المسجد وأدائه صلاة الجمعة شكلت صدمة للشارع الفلسطيني, الذي حبس الأنفاس عند الخبر العاجل حول عملية اغتيال القائد أبو نعيم؛ فلا أحد في قطاع غزة يعترض على شخص أبو نعيم؛ فهو الأسير المحرر في صفقة "وفاء الأحرار", ومن رجال المواقف الوحدوية, وله بصماته وجهوده في تطوير أداء أجهزة الأمن بغزة, واهتمامه الكبير بشكاوى المواطنين, والسعي إلى إنصافهم والحفاظ على كرامتهم, ما جعله من الشخصيات الحكومية المحبوبة لدى الشارع الفلسطيني, التي تحظى بالتقدير والاحترام من أغلب فئات المجتمع الفلسطيني.
المحاولة الفاشلة لاغتيال أبو نعيم وحدت الشعب الفلسطيني وفصائله في إدانة ورفض استهداف القائد أبو نعيم, وعززت هذه الجريمة الشعور الوطني العام بأن هناك من يستهدف مشروع المصالحة الفلسطينية, وهناك جهات تسعى إلى العبث بأمن قطاع غزة, وتحاول خلط الأوراق لنشر حالة من الفوضى في المشهد الفلسطيني, الفصائل جميعًا سارعت إلى التنديد بهذه الفعلة الآثمة, وأكدت أن الاتهام الأول والرئيس موجه إلى العدو الصهيوني في محاولة اغتيال أبو نعيم, ولعلها النظرة الصائبة إلى الأمور في إطارها الصحيح؛ فالمستفيد من زعزعة الأوضاع الأمنية المستقرة في قطاع غزة هو العدو الصهيوني، الذي يسعى إلى نشر الفوضى وعدم الأمان في غزة, والعدو الصهيوني سيكون الرابح الوحيد في غياب قيمة وطنية مرموقة لها دورها المشهود له، ومواقفها الوطنية التي تسعى إلى وحدة الصف وتعزيز الوحدة الفلسطينية, فلا يمكن إغفال دور أبو نعيم في تهيئة الأجواء في الأجهزة الأمنية لاستقبال الحكومة الفلسطينية, وتوفير المناخ الأمني لتحركات الحكومة ووزرائها في القطاع.
لا أريد أن أستبق التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية, وهي أجهزة لديها خبراتها الواسعة في هذا المجال, ولديها رصيد كبير من الإنجازات الأمنية، أبرزها كشف المجرمين العملاء المتورطين في عملية اغتيال الشهيد الأسير المحرر مازن فقها, ولاشك أن وزارة الداخلية ستنشر نتائج التحقيقات للجمهور.
ولكن في تحليل سريع لعملية الاستهداف الفاشلة للقائد توفيق أبو نعيم نرى أن الجهة المنفذة لمحاولة الاغتيال الفاشلة سعت إلى تحقيق عدة أهداف، منها:
أولًا: استهداف حالة الاستقرار الأمني التي يعيش فيها القطاع, ونشر الفوضى، وإرباك الجبهة الداخلية, وفتح باب الشائعات التي ترمي إلى ضرب الوحدة الفلسطينية.
ثانيًا: ضرب جهود إنجاز المصالحة, وإبطاء عملية تسلم الحكومة مهامها في غزة, علمًا بأنه بعد أيام ستتسلم الحكومة أهم الملفات (المعابر)، واللواء أبو نعيم بإدارته وحنكته عنصر مهم في عملية تسلم المعابر وتسهيل الأمر.
ثالثًا: توجيه ضربة إلى حماس والمقاومة في غزة, بعملية اغتيال شخصية أمنية مهمة في القطاع، وإشغال المقاومة عن جبهة الاستعداد إلى مواجهة العدو بالانكفاء على حماية النفس.
رابعًا: محاولة الضغط على حماس في ملف الجنود الأسرى، برسالة مفادها أن قيادات حماس ومحرريها في "وفاء الأحرار" عرضة للاغتيال، إذا لم تتنازل حماس عن موقفها وشروطها، وهنا نشير إلى أن أبو نعيم أحد أبرز المساندين والمدافعين عن الأسرى في سجون العدو, إذ يترأس مجلس إدارة جمعية واعد للأسرى والمحررين.
مما تقدم ممكن أن نستنتج أن العدو الصهيوني من طريق عملائه حاول اغتيال أبو نعيم، ومن هنا وجب عدم التهاون في الحماية الأمنية الشخصيات المركزية والمحورية في المقاومة بقطاع غزة, الخيوط لن تكون معقدة, بإذن الله سيكتشف المنفذون، وتكشف الجريمة بكامل تفاصيلها.