منذ ساعات الصباح الباكر، بدأ عبد عليان وأشقاؤه الأربعة في تجهيز محيط خيمتهم المقاومة، إلى جانب منزلهم المدمر في منطقة التوام شمالي مدينة غزة، لتفادي تسرب مياه الأمطار إلى داخلها.
ومع توالي سقوط الأمطار، تجد الأسرة نفسها مجبرة على العمل المستمر لإبعاد المياه عن محيط الخيمة، خشية من غرق ملابسهم وأغطيتهم.
وأصدر جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، أول من أمس، تنويهًا للمواطنين في القطاع، لاسيما النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء، بأخذ تدابير السلامة والاحتياطات الوقائية تحسبًا لحلول منخفض جوي ماطر، يشتد برودته حتى يوم الاثنين القادم.
ويقول عليان، الذي عاد مؤخرًا من جنوب القطاع بعد أن نزح عن منزله في منطقة التوام بسبب الحرب الإسرائيلية، لمراسل صحيفة "فلسطين": "إن الأمطار تزيد من معاناتنا، ونحن نكافح طوال الوقت لمنع دخول المياه إلى خيمتنا".
وكان عليان، الذي فقد منزله خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي استمرت 471 يومًا على التوالي، يأمل في العودة إلى منزله بعد انتهاء الحرب ليجد مأوىً آمنًا له ولعائلته، لكنه وجد نفسه أمام كومة من الركام.
وبالرغم من عودة عليان إلى المنطقة، اضطر هو وأسرته لإقامة خيمة بالقرب من مكان منزلهم المدمر، مع محاولة تأمين ملجأ مؤقت لهم لحين إعادة إعماره.
ويعيش آلاف النازحين في خيام مهترئة بعد تدمير منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، حيث يواجهون أوضاعًا مأساوية تتفاقم مع كل منخفض جوي، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية تزداد سوءًا في ظل استمرار الحصار ومنع إدخال احتياجات القطاع.
معاناة مستمرة
فيما يؤكد الشقيقان سامي ويزن موسى، اللذان يعيشان في مدرسة عرفات للموهوبين في حي الشيخ رضوان بغرب مدينة غزة، على أهمية التأهب لمواجهة الأمطار، خوفًا من غرق الخيمة بما تحوي من أمتعة وملابس وأغطية.
يقول سامي، لصحيفة "فلسطين": "كلما حل منخفض جوي، نهرع لتأمين خيمتنا من دخول المياه"، مشيرًا إلى أنه رغم استلامهم خيمة جديدة بعد أن غرقت الخيمة السابقة، فإن معاناتهم لا تزال مستمرة، بسبب تكدس مياه الأمطار أمام خيمتهم، وهم يخشون من تسربها إلى الداخل.
ويضيف موسى أن الظروف القاسية التي عاشوها طوال فترة النزوح بسبب القصف الإسرائيلي، حيث فقدوا منزلهم المؤلف من خمس طبقات في حي الشيخ رضوان، تزيد من حدة المأساة التي يواجهها برفقة الكثيرين من سكان غزة.
ويكمل: "لم يكتفِ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير المنازل، بل عمل على تعميق معاناة المدنيين الذين عانوا من التشريد والتهجير مرارًا فوجدوا أنفسهم بعد انتهاء الحرب في مواجهة مع الأمطار".
وطالب موسى المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإغاثة غزة، قائلاً: "لا يمكن أن نستمر هكذا، فنحن بحاجة لإعادة إعمار القطاع بشكل فوري".
غرق الشوارع
أما محمود زقوت، الذي يقيم في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، فجلس أمام منزله المدمر وهو يحاول نصب خيمة جديدة لتحميه وعائلته من الأمطار.
يوضح زقوت، لـ"فلسطين" أن عائلته اضطرت للانتقال إلى منزل أحد أقاربهم بعد أن أصبح منزلهم غير صالح للسكن.
وأشار إلى أن مياه الأمطار التي تدخل الخيمة تتسبب في غرق الأرضيات، ما يزيد من معاناتهم في ظل قلة الموارد وشح الإمكانيات.
ويوضح زقوت أن الشتاء يفاقم معاناة الغزيين في المخيمات، حيث تختلط مياه الأمطار مع مياه الصرف الصحي، ما يؤدي إلى غرق الشوارع ويجعل الحياة أكثر صعوبة.
كما يدعو زقوت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الدولية للقيام بزيارة ميدانية للاطلاع على أوضاع النازحين في المخيمات، والضغط من أجل توفير الحلول السريعة مثل إدخال الخيام المقاومة للأمطار وتقديم الكرفانات الصالحة للإقامة.
وتفاقمت الأزمة الإنسانية في القطاع بسبب الحرب الإسرائيلية التي بدأت في السابع من أكتوبر 2023م، ولعدم توفر الحماية المناسبة للنازحين من الأمطار، مما يزيد من خطر الأمراض والمشاكل الصحية. فآلاف العائلات التي لا تمتلك منازل تواجه مشاكل أكبر في فصل الشتاء، إذ لا توفر الخيام البسيطة التي يسكنون فيها الحماية الكافية من الرياح الباردة والأمطار.